رزق: تعويم العملة المحلية ليس كله شرًا وسيؤدى إلى توافر الدولار وتوحيد سعره حالة من الانقسام شهدها الوسط الاقتصادى فهناك من يرى أن قرار التعويم يؤثر إيجابيًا على منظومة الصادرات، حيث يسهم في زيادة القدرة التنافسية للصادرات والمنتجات التي ستجد متسعًا لها في الأسواق الخارجية، وبالتالى ينعكس هذا على التحويلات الدولارية – حصيلة التصدير- ما ينعكس بشكل إيجابى على الاحتياطي النقدى للبنك المركزي. بينما يرى البعض عكس ذلك حيث أكدوا أن "تخفيض قيمة الجنيه المصري، مقابل زيادة قيمة الدولار لن يؤثر بالشكل الطموح لزيادة الصادرات المصرية أو زيادة القدرة التنافسية للصادرات"، مبررين قولهم هذا بأن الواقع يشير إلى أن هذا القول لا يستند إلى أساس علمى في ضوء الاختلالات الهيكلية للمنتجات المصرية، والتي تتركز في ارتفاع تكاليف الإنتاج بنفس نسبة تخفيض قيمة الجنيه مع الأخذ في الاعتبار أن نحو ما يتراوح بين 75% و80% من مدخلات الإنتاج يتم استيرادها، ومن ثم تكون تكلفة المخرجات مرتفعة، إضافة إلى ارتفاع تكلفة التصدير والتي تشكل فيها تكلفة النقل نسبة كبيرة. كما أوضحوا أيضًا أن الصادرات المصرية ممنوعة من دخول دول معينة كالصين، والتي تقدم دعمًا متميزًا لصادراتها، والتي تستخدم سياسات الدعم والإغراق لمنتجاتها في الأسواق العالمية، إلى جانب عدم التزام العديد من المنتجين بالمواصفات القياسية العالمية. "تعويم العملة يعطى ميزة تنافسية لصادرات الدولة التي قامت بتعويم عملتها"، هذا ما أكده الخبير الاقتصادى، الدكتور علاء رزق، وأكمل بقوله: قيمة منتجات الدولة التي تطبق "التعويم" سوف تنخفض عن الفترة التي سبقت تطبيقه، وهناك نوعان من التعويم " مدى – حر"، وفى هذه الحالة تجد الصادرات فرصة أفضل للمنافسة بالأسواق الخارجية مقارنة بمثيلتها من الدول الأخرى، ومن ثم ينعكس على زيادة الصادرات إلى الخارج، وتعويم الجنيه سيؤدى إلى توافر العملة الصعبة (الدولار الأمريكى) بسعر موحد. من جانبه قال محمد نبيل الشيمى، وكيل وزارة التجارة الخارجية سابقًا: التوسع في التصدير يساعد على إزالة العوائق أمام التنمية الاقتصادية بشرط ألا تحجب عوائد الصادرات عن استردادها وتبقى في الخارج لحساب أصحابها. "الشيمى" واصل حديثه قائلا: هناك بعض المصدرين يبقون على حصائل صادراتهم في المصارف الخارج تحسبًا لأى تغيرات قد تطرأ على المجتمع نتيجة لعدم الاستقرار الاقتصادى. كما أشار أيضًا إلى أن تعظيم القدرة التنافسية للصادرات يتطلب توافر مجموعة مقومات الأساسية منها "الإنتاج وفق مواصفات دولية وبجودة ملائمة، البيع بسعر تنافسى ويأتى على رأس ذلك العمل على تخفيض تكلفة الإنتاج، الالتزام بالمعايير البيئية من حيث استخدام المخصبات والمبيدات كما هو الحال في السلع الزراعية أو استخدام الكيماويات في الإنتاج الغذائى وغيرها". وأوضح أن آليات تنافسية الصادرات تتضمن طرح المنتج في الأسواق الخارجية مستوفيًا أحدث تقنيات التعبئة والتغليف، والدراسة الجيدة للسوق المستهدف وتصميم حملات الدعاية والإعلان المناسبة، والاهتمام بخدمات ما بعد البيع كما هو الحال في السلع الصناعية، مشددا – في الوقت ذاته- على أن التصدير إحدى الآليات المهمة لزيادة معدلات نمو الناتج المحلى من خلال توسيع نطاق السوق والتي يعد النفاذ إلى الخارج أهم عناصرها. على الجانب الآخر قال عمرو فتوح، عضو المجلس التصديرى لمواد البناء: الصادرات المصرية لن تكون هي الحصان الرابح من قرار "تعويم الجنيه" إن تم تطبيقه، ونحن الآن أمام ما يمكن وصفه ب"المعادلة الصعبة"، فالمصدر هو منتج ومصنع في بداية الأمر ويستورد مكونات إنتاجه من الخارج، والتالى لا يجد لها نقدا أجنبيا متاحا ما يضطره للتعامل مع السوق السوداء وبأسعار مبالغ فيها، فنحن أمام أزمة تتمثل في عدم توافر الدولار لشراء المواد الخام اللازمة لإتمام عمليات التصنيع ما يؤثر في الطاقة الإنتاجية. من جانبهم رجح عقاريون أن يكون الإسكان الفاخر في مصر هو المستفيد الوحيد في قطاع الإسكان من ضمن قطاعات الإسكان الفترة المقبلة، حال اللجوء إلى قرار تعويم العملة المحلية حيث سيشجعهم على اتخاذ قرارات جريئة لشراء عقارات فاخرة في الداخل المصرى. قال المهندس فتح الله فوزى، رئيس لجنة التشييد والبناء بجمعية رجال الأعمال، رئيس جمعية الصداقة اللبنانية المصرية لرجال الأعمال: المشروعات الفاخرة العقارية ستكون على رأس قائمة المستفيدين من قرار "تعويم الجنيه" بفضل القوة الشرائية المتوقعة للعرب لشراء هذه العقارات في ظل تراجع قيمة الجنيه أمام الدولار الأمريكي. وحول تأثر بقية قطاعات الإسكان بقرار "التعويم" حال اللجوء إليه، قال "فوزى": هناك قطاعات في الإسكان لن تتأثر بقرار تعويم الجنيه مثل شريحة الإسكان الاجتماعى، وذلك لعدة أسباب منها أن جميع مدخلات المشروع محلية ولا يتم استيرادها من الخارج بتمويل من الحكومة ووزارة الإسكان والمجتمعات العمرانية والمرافق، في حين أن مشروعات الإسكان التي ينفذها القطاع الخاص من المحتمل أن تتأثر نسبيا، لأنها تعتمد في كثير من مراحل البناء والتشطيب على مواد يتم استيرادها من الخارج وتندرج المشروعات الإدارية والسياحية وغيرها ضمن مشروعات الإسكان التي ستتأثر من قرار تعويم الجنيه، والعزاء الوحيد لها هو أن هذه المشروعات ستشهد إقبالا كبيرا على شرائها الفترة المقبلة من المستثمرين العرب والأجانب ما سيخلق رواجا وحالة إنتعاش لم يكن متوقعا حدوثها، على اعتبار أن هذا النوع من العقارات في العادى الطلب عليه كان قليلا، وتخاطبه شريحة قليلة بسبب ارتفاع أسعاره على عكس الإسكان الاجتماعى والمتوسط ومحدودى الدخل الذي يخاطب الشريحة الأكبر في مصر. من جانبه، قال المهندس هانى العسال، رئيس مجموعة شركات مصر إيطاليا للاستثمار العقارى والسياحى: القطاع العقارى في مصر لا يتأثر بأى قرارات سواء "تعويم الجنيه" أو غيره من القرارات، والإقبال على شراء الوحدات السكنية والأراضى أيضا يسير بشكل منتظم إلا أن التأثر من الممكن أن يظهر فقط في الارتفاعات النسبية، التي سيشهدها سعر العقار في ظل المتغيرات السعرية بعد قانون القيمة المضافة إلا أن الإقبال رغم ذلك، لن يتأثر.. لذلك لن يؤثر تعويم الجنيه في القطاع العقارى طالما أنه هناك عرض وطلب وشراء.