انتخابات النواب 2025| الرجال والسيدات وكبار السن أول الصفوف بالفيوم    وزير الزراعة: أسعار اللحوم الحمراء قد ترتفع قليلا.. ونستهدف إنتاج 70% العام المقبل    خبير اقتصادي: تحسن سعر الصرف وانخفاض التضخم يحدان من موجات الغلاء    بزشكيان: إيران في حالة حرب شاملة مع أمريكا وإسرائيل وأوروبا    تفاوت بين روايتَي واشنطن وأبوجا بشأن الضربات الأمريكية في نيجيريا    بلديات غزة: نقص الوقود يعطل الصرف الصحي ويهدد بانتشار الأوبئة    أبو ريدة: حسام حسن قادر على تحقيق الطموحات.. وصلاح قائد حقيقي    تحذير عاجل من الأرصاد.. 7 محافظات معرضة لأمطار متفاوتة الشدة خلال ساعات    نتيجة حلقة «دولة التلاوة»، دموع مؤثرة ورسائل إنسانية تتوج المنافسة القرآنية    أول رد من نيللي كريم على شائعة زواجها من شريف سلامة    أشرف زكي بعد واقعة ريهام عبد الغفور: «نحن في بلد قانون.. والقضية لن تنتهي»    رونالدو يشيد بأداء النصر بعد ثلاثية الأخدود: الطريق ما زال طويلًا    الشباب والرياضة بالدقهلية تطلق أولى فعاليات "ها أنا أحقق ذاتي" لدعم الأيتام    تفاصيل لحظة وفاة داوود عبد السيد.. موعد جنازته والعزاء    الأهلي يفوز على الكويت الكويتي ويتوج بالبطولة العربية لكرة الماء    حزم بالجمارك والضرائب العقارية قريبًا لتخفيف الأعباء على المستثمرين والمواطنين    بشير عبدالفتاح: إسرائيل تسعى إلى تموضع عسكرى فى صومالى لاند    آية عبدالرحمن: كلية القرآن الكريم بطنطا محراب علم ونور    نيجيريا ضد تونس .. نسور قرطاج بالقوة الضاربة فى كأس أمم أفريقيا    خبيرة تكشف طرق الاختيار السليم للزواج وتوقعات الأبراج 2026    كواليس الاجتماعات السرية قبل النكسة.. قنديل: عبد الناصر حدد موعد الضربة وعامر رد بهو كان نبي؟    وزير الصحة يكرم الزميل عاطف السيد تقديرًا لدوره في تغطية ملف الشئون الصحية    الجيش السوداني يعلن استعادة السيطرة على منطقة الداكنوج بكردفان    النائب أحمد سيد: السياحة قضية أمن قومي وصناعة استراتيجية تقود الاقتصاد الوطني    الدفاعات الجوية الروسية تسقط 111 مسيرة أوكرانية خلال 3 ساعات    موجة جوية غير مستقرة بشمال سيناء تتسبب بإغلاق ميناء العريش    تجربة رائدة لدمج التعليم بالإنتاج فى كفرالشيخ |أرباح مليونية بالمدارس الزراعية    معهد بحوث البترول وجامعة بورسعيد يوقعان اتفاقية تعاون استراتيجية لدعم التنمية والابتكار    خبير نووى: الأوروبيون فقدوا أوراق الضغط وإيران تتحرك بحرية فى ملف التخصيب    تأجيل قضية فتى الدارك ويب المتهم بقتل طفل شبرا الخيمة لجلسة 24 يناير    تعليم العاصمة تعلن انطلاق البث المباشر لمراجعات الشهادة الإعدادية    مسؤول سابق بالخارجية الأمريكية: واشنطن لن تسمح لإسرائيل بشن هجوم على إيران    ألمانيا تغلق مطار هانوفر بعد رصد مسيرات في مجاله الجوي    إقبال كثيف للناخبين للإدلاء بأصواتهم في انتخابات البرلمان بقرى مركز سوهاج    صادر له قرار هدم منذ 22 عاما.. النيابة تطلب تحريات تحطم سيارة إثر انهيار عقار بجمرك الإسكندرية    هل يجوز المسح على الخُفِّ خشية برد الشتاء؟ وما كيفية ذلك ومدته؟.. الإفتاء تجيب    وزير الطاقة بجيبوتي: محطة الطاقة الشمسية في عرتا شهادة على عمق الشراكة مع مصر    يصيب بالجلطات ويُعرض القلب للخطر، جمال شعبان يحذر من التعرض للبرد الشديد    السجن 10 أعوام وغرامة 50 ألف جنيه لمتهم بحيازة مخدرات وسلاح ناري بالإسكندرية    جولة في غرفة ملابس الأهلي قبل مواجهة المصرية للاتصالات بكأس مصر    شوربة شوفان باللبن والخضار، بديل خفيف للعشاء المتأخر    بعزيمته قبل خطواته.. العم بهي الدين يتحدى العجز ويشارك في الانتخابات البرلمانية بدشنا في قنا    عمومية الطائرة تعتمد بالإجماع تعديلات لائحة النظام الأساسي وفق قانون الرياضة الجديد    الدكتور أحمد يحيى يشارك باحتفالية ميثاق التطوع ويؤكد: العمل الأهلى منظومة تنموية    الأرصاد: السحب تتشكل على جنوب الوجه البحري وتتجه للقاهرة وتوقعات بسقوط أمطار    الرقابة المالية تصدر نموذج وثيقة تأمين سند الملكية العقارية في مصر    القبض على أجنبي لتحرشه بسيدة في عابدين    افتتاح مشروعات تعليمية وخدمية في جامعة بورسعيد بتكلفة 436 مليون جنيه    27 ديسمبر 2025.. أسعار الحديد والاسمنت بالمصانع المحلية اليوم    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : المطلوب " انابة " بحكم " المنتهى " !?    موعد مباراة السنغال والكونغو الديمقراطية بأمم أفريقيا.. والقنوات الناقلة    المستشفيات الجامعية تقدم خدمات طبية ل 32 مليون مواطن خلال 2025    الصحة: فحص 9 ملايين و759 ألف طفل ضمن مبادرة الكشف المبكر وعلاج فقدان السمع لدى حديثي الولادة    عشرات الشباب يصطفون أمام لجان دائرة الرمل في أول أيام إعادة انتخابات النواب 2025    فلافيو: الفراعنة مرشحون للقب أفريقيا وشيكوبانزا يحتاج ثقة جمهور الزمالك    زاهي حواس يرد على وسيم السيسي: كان من الممكن أتحرك قضائيا ضده    أخبار × 24 ساعة.. موعد استطلاع هلال شعبان 1447 هجريا وأول أيامه فلكيا    خشوع وسكينه..... ابرز أذكار الصباح والمساء يوم الجمعه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كيف تصنع دولة فاسدة ؟!
نشر في فيتو يوم 11 - 10 - 2016

لم أستطع خلال الشهور الماضية أن أنسى العبارة القاتلة التي أطلقها الرئيس السيسي في مؤتمر الحصاد، الذي عقده في الفرافرة، والذي وصف فيه مصر بأنها "دولة هشة" أو شبه دولة.. الأمر الذي جعلنى أعود ثانية للغوص في دهاليز السياسة؛ أفتش عن إجابات لأسئلة ملحة، ظلت تراودنى كثيرًا بعد سماع تلك العبارة الصادمة لكل مصري غيور على وطنه. وتسألت مع واقعنا المرير هل نحن بالفعل دولة هشة؟ وإذا كانت هي كذلك.. فما الذي جعلها كذلك؟ وأثناء محاولتى للبحث عن تلك الإجابات؛ توقفت كثيرًا عند مفهوم الهشاشة، وخصائص البلدان الهشة، وتساءلت هل الفساد يعنى الهشاشة؟ أم أن كليهما ربما يدفع إلى الآخر؟!
ورغم أن معظم كتابات فلاسفة السياسة قد تحدثت عن مفهوم "الدولة الصالحة" التي أطلق عليها أفلاطون اسم "الجمهورية" بينما أطلق عليها الفارابى "المدينة الفاضلة".. فإن الكتابات التي تناولت مفهوم "الدولة الفاسدة" كانت ولا تزال نادرة!
ففى الوقت الذي سقطت فيه كثير من الدول في أتون الهشاشة والفساد.. كانت أصابع الاتهام دائما تتجه صوب "الحكام"؛ وتحملهم المسئولية الكاملة في إفساد بلدانهم.. وترى أن الخلاص من الهشاشة لن يحدث؛ سوى بالإطاحة بالنظم الفاسدة، واستبدالها بأخرى صالحة! فقد كانوا على قناعة بأن الدول ككيانات هي صالحة بطبيعتها، وأنها لا تفسد إلا بخطأ إنساني متعمد!
بمعنى أن الدول بطبيعتها مهيأة للنهضة والتقدم.. لكن ثمة أشخاص برتبة "حكام" عادة يحولون مسارها -عن عمدٍ-إلى طريق آخر غير مرغوب؛ مما يجعلنا نستنتج أنه ليست هناك دول فاسدة.. بينما هناك حكام فاسدون!
وإذا كانت الدولة الصالحة هي الدولة التي تدفع مواطنيها إلى التفكير كمواطنين أحرار، شركاء في الوطن الذي يعيشون فيه، وليس كإجراء أو مستأجرين، أو كضيوف ومتفرجين.. فقد استخدم فلاسفة السياسة مصطلح "ديستوبيا" أو عالم الواقع المرير، للإشارة إلى المدينة الفاسدة أو المكان الخبيث.. والتي يصفونها بأنها مجتمع خيالي فاسد أو مخيف أو غير مرغوب فيه..
وتتميز "الديستوبيات" أو المدن الفاسدة غالبًا بالتجرد من الإنسانية، وتتسم حكوماتها بالشمولية ويعانى سكانها من الكوارث البيئية وغيرها من الأزمات المرتبطة بانحطاطات كارثية في المجتمع.. لهذا فقد اتخذت "الديستوبيا" مجموعة من الخصائص، مثل تفشي الفقر والتلوث البيئى والتأخر في التعليم، بالإضافة إلى الانحطاط السلوكى والضعف الصحي والانهيار المجتمعي والقمع السياسي؛ ومن ثم تراجع معدلات الانتماء في تلك البلدان يومًا بعد الآخر!
وربما تثير تلك المناقشات "لغطًا" حول مفهومى الفساد والهشاشة؛ خاصة أن مصر قد تراجعت هذا العام 11 درجة لتحصل على المرتبة 38 عالميًا بالنسبة للهشاشة بعد أن كانت الدولة رقم 49 في عام 2010م.. رغم أنها قد حققت تقدما ملحوظا في التقليل من معدلات الفساد، لتحصل على المرتبة 88 عالميا بعد أن كانت الدولة رقم 114!
وعلى كل حال.. فعادة ما تقع الدولة الفاسدة بين هشاشتين: الأولى "هشاشة المجتمع" والتي تحدث حينما تدب فيه الانشقاقات والشروخ، وتأخذه ديناميات الانقسام إلى صدام مُعلَن أو دفين؛ حيث تتحول فيه الخلاقات الاجتماعية إلى صراع سياسي حاد.. كتلك الخلافات التي وقعت في مصر إبان ثورة 25 يناير 2011م، بين القوى المدنية والدينية.
والثانية "هشاشة الدولة" فبموجب هذا التصدع في بنية المجتمع، قد تفقد سلطانها السياسي، كما حدث في لبنان عام 1975.. أو ربما تفقد تماسكها ووظائفها، كما حدث في العراق عام 2003م، وربما تنهار، كما هو الحال في الصومال!
ومن ثم فإن فساد الأنظمة الحاكمة وكذلك فساد النخبة السياسية والمثقفة تعد جميعها عوامل أساسية للهدم؛ تدفع البلدان دائما نحو "مطحنة" الهشاشة.. تلك الهشاشة التي تتحول إلى شبح يهدد بقاء واستمرار تلك الأنظمة، حتى وإن كانت صالحة!
لم يخطئ الرئيس السيسي حينما قال إنه يحكم دولة هشة.. فقد سبقته تقارير دولية كثيرة، تؤكد مقولته بمؤشرات عشرة، تتعلق بأمن المواطنين وسلامة المجتمع، كمعدلات الجريمة و"النشاط الإرهابي"، والتظاهرات العنيفة، والعلاقات مع الدول المجاورة، واستقرار الوضع السياسي، فضلًا عن الإنفاق العسكري من الناتج المحلي الإجمالي، ومؤشرات أخرى تخص الوفيات الناتجة عن جرائم القتل والنزاعات المسلحة والنزاعات داخل الدولة.. وإذا كان الرئيس قد أدرك كل هذه المؤشرات، فإن عبارته لا تستدعى العبث ولا السخرية، وإنما تستدعى الانتباه، وإعادة التفكير في الحلول، والبحث عن مسار ساسي مختلف؛ للخروج من الأزمة، بعيدا عن العِند والمُكابرة! فرغم أن العالم يرانا هكذا.. فإننا مازلنا نرفض وصفنا بأننا دولة هشة أو فاسدة!
إذًا ليس بالضرورة أن نكون دولة فسادة حنى نصبح دولة هشة.. وليس بالضرورة أيضًا أن يكون النظام فاسدًا حتى نتحول إلى دولة هشة.. وإنما بالضرورة أن ندرك أننا دولة هشة، وأن لدينا معدلات مرتفعة من الفساد، وأن يدرك كل مواطن في مصر بأنه جزء من الحل.. وإن لم يكن جزءًا من الحل فهو جزء من المشكلة!
لم أطالب النظام في هذا المقال بما لا يستطيع.. ولا أُحَمِلُه بما لا يطيق.. ولكننى أترك أمامه ملف "التعليم" الذي إن تمكن من إصلاحه؛ فقد تمكن من إصلاح كل ملفات الفساد.. فيكفى النظام أن يدرك أن التعليم في مدارسنا.. لا يسهم في البناء المعرفى للطلاب.. فقط يعدهم لاجتياز أسئلة الامتحان!
إن معظم الدول التي تم تدميرها.. بدأت ب "تدمير" التعليم، وتكريس"الغش" كأداة أساسية لتجاوز المراحل التعليمية؛ فيتم علاجنا في مستشفيات أطباؤها نجحوا بالغش، ويتعلم أولادنا في مدارس نجح مدرسوها بالغش، ونسكن في أبراج بنيت على أيدي مهندسين نجحوا بالغش، ونأكل من مزارع أشرف عليها مهندسون نجحوا بالغش!
وعلى أي حال فلن تخرج مصر من كبوتها سوى ب "إلإيمان بالله" من خلال الاهتمام ببناء دولة القيِّم، وب "الإيمان بالوطن" من خلال بناء دولة السياسة.. في إطار من "إيمان الدولة" بأن الطعام حق لكل فَم.. و"إيمان الشعب" بأن العمل فرض على كل ساعد.. وإذا لم يساند الشعب النظام في صناعة التغيير؛ فقد أسهم عن عمدٍ في صناعة دولة هشة.. وإذا لم يؤمن النظام بقدرة الشعب على صناعة التغيير؛ فقد تورط عن عمدٍ في صناعة دولة فاسدة!
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.