في مجلة التحرير سبتمبر 1954 كتب حلمي سلام مقالا قال فيه كان هناك مائة أو مائتان من المصريين قد امتلكوا الأرض بمن عليها، وكان الذين يعيشون فوق الأرض، ويعملون في انباتها بالزرع والضرع أهون على امراء الاقطاع من الأرض نفسها. فلم يكونوا يعترفون بأن لأحد من هؤلاء حقا عليهم..وكان على الفلاحين الذين يصيبهم الداء وهم يفنون انفسهم في خدمتهم، وان يموتوا بدائهم، وكان على الجياع أن يموتوا بجوعهم..واشك كثيرا في انهم كانوا يجودون بالكفن على الذين كان الموت يشفق عليهم من ظلمهم فيأخذهم إلى جواره. كان امراء الاقطاع يستعبدون فلاحى مصر كما يستعبد النخاسون الرقيق بفارق واحد هو أن اسياد الاقطاع كانوا يستعبدون الفلاحين دون أن يدفعوا فيهم ثمنا، ولم يكن هذا ليمنعهم من أن يملكوا الفلاحين، ويمتلكوا كل شئ فيهم (أصواتهم،عرقهم، دمائهم، أولادهم ) وحتى آرائهم كان هؤلاء الاقطاعيون يملكونها. ولم يكن أحد من هؤلاء الفلاحين يستطيع أن يقول رأيا أو يفوه بأى أوجاع أو اعتراض لايرضى عنه مصاصو الدماء الذين يملكون الأرض التي يعملوا فيها، والويل كل الويل للمجنون الذي كانت تحدثه نفسه بالخروج على دستور الرقيق الذي رسمه ملوك الاقطاع للفلاحين من ابناء مصر. كانت الكرابيج تمزق جسده، والاهوال تتقاذفه، والقانون يأخذه بأى تهمة يتهمه بها سادة الاقطاع.