«قَدِّسُوا صَوْمًا. نَادُوا بِاعْتِكَافٍ. اجْمَعُوا الشُّيُوخَ، جَمِيعَ سُكَّانِ الأَرْضِ إِلَى بَيْتِ الرَّبِّ إِلَهِكُمْ وَاصْرُخُوا إِلَى الرَّبِّ».. في سفر يوئيل 1: 14 تحمل تلك الكلمات بين حروفها «دستور» الصيام لدى الأقباط»، ومنها تستمد الكنائس قوة التعلق بطقوس الأصوام في كل عامم. الكنيسة القبطية الأرثوذكسية بدورها اتخذت نظامًا خاصًا بالصوم على مدى العام يرتبه «الطقس الكنسي» كنوع من النسك والتعبد مع ترتيب للصلوات، وهنا الصوم بمفهومه الخاص يعنى «الامتناع عن الطعام لفترة معينة، يتناول الصائم بعدها أطعمة خالية من الدسم الحيوانى أي أن فترة الانقطاع جزء أساسى من الصوم»، أما المفهوم العام عند الآباء القديسين والرسل للصوم فهو الهادف إلى التقشف والنسك وقمع الأهواء والشهوات الجسدية. والكتاب المقدس ذكر أمثلة عديدة للصوم لمكانته الروحية بالكنيسة، وتنقسم الأصوام إلى درجتين «سيديه» وهى الدرجة الأولى و«صغرى» وهى الدرجة الثانية والتي يمسح خلالها تناول الأسماك تخفيفًا على المسيحيين من كثرة أيام الصوم، ولاحتياج الجسم للبروتين الحيواني، ويصل إجمالى أيام الصوم ما يزيد على 200 يوم طوال العام. وهناك أصوام «طويلة» وتتجسد في الصوم الكبير والميلاد والرسل والعذراء، وأربعة صغار هي الأربعاء والجمعة والبرامون ويونان، وفيما يرتبط بأصوام الدرجة الأولى «الكبرى»، فتكون يومى الأربعاء والجمعة أسبوعيًا، ثم الصوم الكبير «صوم يونان وبرمون الميلاد والغطاس». وأصوام من الدرجة الثانية «الصغرى»، وهي: «صوم الميلاد، صوم الرسل، صوم السيدة العذراء»، وسمحت الكنيسة بأكل السمك في أصوام الدرجة الثانية فقط، ويأتى توزيع أعداد أيام الصيام على مدى العام للأقباط الأرثوذكس مع ترتيب طقوس الصلوات والتسبحه، كصوم الأربعين المقدسة وأسبوع الآلام وهو الصوم الكبير ويأتى تذكارًا للأربعين يومًا التي صامها المسيح. وعن صوم الأربعاء والجمعة فتعود إلى اعتبار يوم الأربعاء تذكارًا للتآمر على المسيح له المجد، وصوم يوم الجمعة تذكارًا لصلبه، وأما صوم الرسل وهو أقدم الأصوام إذ صامه الرسل (تلاميذ المسيح) أنفسهم. وصوم الميلاد المجيد فيكون بداية كل عام ومدته 43 يومًا، يبدأ من 16 هاتور (25 نوفمبر)، وينتهى بعيد الميلاد في 29 كياهك (7 يناير)، وصوم نينوى أو صوم يونان النبى ومدته 3 أيام، ويصام تذكارا لتوبة أهل نينوى، وهو يبدأ قبل الصوم الكبير بأسبوعين. وفيما يتعلق بصوم السيدة العذراء مريم، فيبدأ 7 أغسطس ومدته 15 يومًا، تنتهى بعيد صعود جسد العذراء في 16 مسرى، وبرمون الميلاد وبرمون الغطاس «البرمون» هو اليوم السابق للعيد، وكان يُصام بدرجة تقشفية أكبر أي انقطاعيًا عن الأكل طوال اليوم. وتختلف عملية الصوم في طقسها وفى فترة الانقطاع وفى نوع الأطعمة التي تؤكل خلالها، فالصوم الكبير لا يؤكل فيه السمك، وكذلك كان الحال في صومى الأربعاء والجمعة ويجرى هذا أيضًا على صوم يونان ويوم البرمون. أما أيام البصخة المقدسة (أسبوع الآلام) فطقس الكنيسة الأول هو ألا يتناول الصائم شيئًا إلا الخبز والملح بعد فترة من الانقطاع – كعادة اتبعها الأقباط، وبخصوص الصوم الانقطاعى فيكون إلى الغروب بالنسبة إلى الصوم الكبير وما يجرى مجراه، وإلى الساعة الثالثة بعد الظهر في باقى الأصوام، ويكون حسب الحالة الصحية والجسدية للصائم. ويتم الامتناع عن الصوم الانقطاعى يومى السبت والأحد على مدى السنة، عدا يوم سبت الفرح الليلة السابقة لعيد القيامة، كما لا يتم صيام أيام الأربعاء والجمعة خلال الخمسين المقدسة التي تعقب عيد القيامة، وهناك نوع آخر للصيام قبل التناول من الأسرار المقدسة «التناول في القداس الألهى» ويصوم الشخص بشكل انقطاعى عن الطعام لمدة تسع ساعات قبل التناول، وإذا كان القداس في الصباح أو بعد الظهر، يتم الصوم بدءًا من الساعة الثانية عشر منتصف الليل.