المقدس عياد يُحفظ أبناء المسلمين القرآن بكنيسة «طهنا الجبل» مليون مسلم وقبطى يحجون إلى «العذراء» سنويًا في محافظة المنيا لا تبدو الصورة قاتمة كما يحاول البعض تصويرها، فرغم الأحداث الطائفية التي شهدتها "عروس الصعيد" مؤخرا، إلا أن هناك ما يدعو للتفاؤل، ويشير إلى أن القادم أفضل، ويؤكد أن تحالف الهلال مع الصليب ليس مجرد شعار، ولكنه واقع قائم بين أبناء المحافظة العريقة. "مسجد مريم العذراء" المسافرون إلى المنيا عبر الطريق الصحراوى الشرقى يمكنهم بسهولة الاطلاع على مثال حى للوحدة الوطنية في عروس الصعيد، وهو "مسجد مريم العذراء" والذي بناه الدكتور "وجدى النجدي"، ليقطع دابر التوترات الطائفية التي حدثت قبل وأثناء أحداث ثورة 25 يناير. المسجد الذي تم الانتهاء من بنائه نهاية عام 2015 تحول إلى تحفة معمارية وفنية بمنطقة شرق ضفاف النيل "أبو فيليو"، والمقام على مساحة 800 متر مربع، وبتكلفة تصل إلى 15 مليون جنيه، يضم مستشفى خيريا لخدمة المواطنين دون النظر إلى عقائدهم الدينية. جاء ذلك وسط حالة من الدهشة انتابت أهالي مدينة المنيا لإطلاق اسم "السيدة مريم العذراء" على أحد المساجد نظرًا لإطلاق الاسم على معظم الكنائس الأرثوذكسية بكافة ربوع المحافظة التي يقطنها نسبة كبيرة من المسيحيين، وتُعتبر هذه هي المرة الأولى التي يطلق فيها اسم السيدة مريم العذراء على مسجد. من جانبه قال الدكتور وجدى النجدى القائم على بناء المسجد والمستشفى الخيرى، إن المسجد يتكون من 3 طوابق، وبه 3 قباب ومئذنة، ويضم ساحة صلاة كبيرة ودارا لتحفيظ القرآن الكريم، مشيرا إلى أنه يسعى لايصال رسالة محددة من اختياره لاسم السيدة مريم مفادها أن مصر بخير، وأنه لا فرق بين مسلم وقبطى في مصر. الإنجيلى معلم القرآن مشهد آخر من مشاهد الوحدة الوطنية تشهده قرية طهنا الجبل التابعة لمركز المنيا التي شهدت أحداث عنف بين مسلمين وأقباط بالقرية راح ضحيتها شخص وأصيب آخران، في تلك القرية رجل ثمانينى يدعى المقدس "عياد" عرف بين الأهالي ب"الإنجيلى معلم القرآن"، خصص حجرتين بكنيسة القرية ليحفظ فيهما "القرآن الكريم لمسلمى القرية"، وكرس العجوز 30 عاما من حياته ليعلم أقباط القرية إنجيلهم، ومسلمى القرية قرآنهم. ويحكى المقدس "عياد" تجربته قائلا: "وأنا في عمر التسعة عشر عاما، لم يكن في القرية العديد من المتعلمين فقررت أن أخصص داخل الكنيسة بعد موافقة الكهنة والآباء حجرتين لتعليم الأقباط والمسلمين، 30 عاما كانت حصيلتى من تعليم القرآن الكريم للمسلمين 2000 قارئ وحافظ لكتاب الله من المسلمين، والعديد من الأطفال وكبار الأقباط علمتهم أصول الدين المسيحى القائم على المحبة والود، فعندما كنت أعلم مسلمى القرية قرآنهم الكريم لم يكن ذلك اجتهادا، بل كنت على دراية كافية بالقرآن، لأن والدى كان يخطب فيهم في المآتم والأفراح، ويتلوا على أهل "طهنا الجبل" القرآن وهو قبطي". "مليون مسلم وقبطى يحجون إلى العذراء" في محافظة المنيا أيضا هناك رحلة تنهى الخلافات الطائفية السنوية وهى رحلة قرية "جبل الطير" أو المعروفة ب"احتفالات السيدة العذراء" ففى شهر مايو من كل عام تبدأ رحلة المليون وافد إلى جبل الطير باستقلال معدية "بنى خالد"، لا تستطيع أن تفرق ما بين المسلم والقبطي، تلك المعدية التي تعبر نهر النيل إلى الجانب الشرقى حيث يستقل المسلمون والأقباط السيارات الربع نقل المتوقفة على الشاطئ في طريقهم لزيارة كنيسة "السيدة العذراء" ودير جبل الطير للاحتفال. وتعد "جبل الطير" من أهم القرى المتواجدة في المنيا التي رفعت شعار "المسلمون والأقباط إخوة" عائلات مسلمة بأكملها تحتفل في هذا الشهر بمولد السيدة. "الكرم" في ثوب جديد رغم الصورة القاتمة التي يراها البعض جراء الأحداث الطائفية المتكررة، نظمت جمعية «سان دوس الشهيد»، بالتعاون مع الكنيسة المعمدانية بقرية منتوت التابعة لمركز أبو قرقاص، حفلا لتوزيع ملابس العيد على المسلمين بقرى المركز برعاية القساوسة. وتم خلال الحفل توزيع ملابس العيد لأكثر من 200 أسرة من أهالي مدينة ومركز أبو قرقاص، كما تم توزيع عدد من أدوات المطبخ وسط حضور مكثف من الأهالي. المقدس إبراهيم فكري، شماس بكنيسة قرية شبيب، سرد تفاصيل العلاقة الفريدة بين المسلمين والأقباط، مشيرًا إلى أن التعايش بين أبناء القرية موروث عن الآباء والأجداد، وأبسط دليل على ذلك شراكته مع أحد مسلمى القرية في الزراعة منذ نحو 30 عامًا، وتابع: «لم أشهد مشكلة واحدة حدثت بين مسلم ومسيحى، وفى شهر رمضان أحرص ومعظم الأسر المسيحية على إقامة إفطار لجيرانى المسلمين، وفى عيد الأضحى يتم توزيع اللحوم على الجميع».