ارتبط الحمار بالهزل لدى المصريين قبل مئات السنين فمن قصص جحا وحماره إلى حمار الحكيم وصولا إلى أن أصبح لحم الحمير وجلودها مصدر ثراء للبعض بين تصدير للجلود وشكوك حول تسرب لحومها في بعض الأكلات الشعبية. زيادة الشائعات واكتشاف أعداد من الحمير مذبوحة يوميا واعتقاد أن جميعها مذبوح بغرض البيع للمطاعم يدفعنا إلى التحقق من الأمر والولوج إلى العالم الرسمي لذبح الحمير في مصر في حديقة حيوان الجيزة حيث توجد نقطة الذبيح لحيوانات التغذية في الحديقة ومحرقة المخلفات التي تم إصلاحها بعد تعطلها لفترة. وكشف الدكتور رأفت عبدالله مدير عام حدائق الحيوان أن حيوانات الحديقة آكلة اللحوم تستهلك نحو 351 كيلو لحوم يوميًا تنقسم حسب جدول إلى لحوم حمير أيام السبت والأحد والثلاثاء والأربعاء، ولحوم أبقار أيام الإثنين والخميس أما الجمعة فصيام إجباري للحيوان عن أكل اللحوم ليحصل على وجبة من المضادات الحيوية لتطهير الأمعاء حيث يتسبب أكل اللحوم بشكل يومي كوجبة أساسية في تكوين ديدان بمعدة الحيوانات. وأضاف عبد الله أن الحديقة تذبح في الأيام المخصصة للحوم الحمير 7 رءوس يوميًا أما في الأيام الأخرى فتصل إلى الحديقة لحوم حلال من المذابح الرسمية في حدود ذبيحتين إلى ثلاثة. نقطة الذبيح الموجودة في حديقة الحيوان تكاد تكون هي الوحيدة المخصصة لذبح الحمير في القاهرةوالجيزة إلى جانب السيرك القومي الذي يلجأ في الفترة الحالية إلى حديقة الحيوان للذبح ونقل اللحوم إليه، ومع كثرة الذبائح يوميًا وتعطل المحرقة الخاصة بالنقطة قبل شهور تسربت بعض رءوس الحمير وأحشائها إلى الخارج خلال عملية نقل المخلفات إلى المدافن الصحية إلا أن ظهور بعض أجزاء الحمير وأحشائها في أماكن متفرقة دفع الإدارة الجديدة لحديقة حيوان الجيزة وقتها إلى إصلاح المحرقة للتخلص من كافة المخلفات داخل الحديقة بدلا من تسربها إلى الشوارع وإثارة الجدل. 100 جنيه للحمار وعلى عكس المتوقع فالتجارة في الحمير ليست بالمهنة الهينة فالظروف حولتها إلى مهنة مربحة جدا، وفق ما كشف محمود.م أحد موردى الحمير للحديقة والذي أكد أن سعر الحمار الكبير في السن أي نحو 13 سنة يبلغ 100 جنيه في الأسواق ويورد للحديقة بنحو 155 جنيها، مشيرًا إلى أن الطلب الكبير من الصين على جلود الحمير دفع بالأسعار إلى الزيادة ، حيث بلغ سعر جلد الحمار الواحد 2200 جنيه داخل حديقة الحيوان للتجار وهو المورد الرسمى لجلود الحمير في الجمهورية ومن خلاله يتم التصدير إلى الخارج. ويضيف: بعض المواقع الإلكترونية كتبت أننا نطالب برفع سعر الحمار إلى 3 آلاف جنيه وهو أمر عار من الصحة بعد أن تسبب ذلك الرقم وانتشاره بين تجار الحمير في العياط والصعيد إلى طلب رفع سعر الحمار إلى 2000 جنيه بعد أن اعتقدوا أننا نورده إلى الحديقة بسعر 3 آلاف جنيه والحقيقة أن كل مطالبنا كانت رفع سعر التوريد إلى 400 جنيه للحمار الواحد، وتسببت تلك الشائعات إلى تمرد التجار ورفض بعضهم البيع. وتابع: هناك حمى أصابت الناس لذبح الحمير فالذبح غير الرسمي متواصل في كل المحافظات وأكثرها في الصعيد عشرات الحمير تذبح يوميا وتلقى جثامينها في الترع والمصارف بعد سلخها للحصول على الجلد وبيعة ب1500 جنيه في حين أن سعر الحمار "العجوز" يصل إلى 100 جنيه فقط لذلك فالمكسب كبير ومغرٍ وذبح الحمير لا يتوقف ومخلفاتها وجثامينها منتشرة في كل مكان. تجارة جلود الحمير الدكتور محمد رجائي رئيس الإدارة المركزية لحدائق الحيوان أكد أن استخلاص بعض المواد التي تدخل في صناعة الدواء هي السبب الحقيقي في انتشار تجارة جلود الحمير والتي تقبل الصين على استيرادها بشكل كبير لاستخراج تلك المواد منها. الهيئة العامة للخدمات البيطرية أعلنت في تقرير لها، أن أعداد الحمير في مصر بلغت 2.5 مليون رأس، من إجمالي 19 مليون رأس، هي الثروة الحيوانية في مصر من: "ماشية – أبقار – جاموس – حمير – خيول". كما أشار التقرير إلى تصدير نحو 8 آلاف جلد حمار، خلال العام الحالي، من خلال حديقة حيوانات الجيزة، لضمان عدم تسرب لحوم تلك الحمير إلى الأسواق. ومن جانبه قال الدكتور لطفي شاور، الطبيب البيطري، رئيس إدارة التفتيش على اللحوم بمجازر السويس الأسبق: إن سبب زيادة نسبة تصدير جلود الحمير إلى الخارج، ولا سيما الصين، يرجع لاستخراج بعض المنشطات الجنسية من الهرمونات التي تترسب أسفل جلودها. وأشار شاور ل"فيتو" إلى أن ميكانيكية العملية الجنسية لدى حيوانات الفصيلة الخيلية، كالحمار والحصان، تتشابه مع العملية الجنسية لدى البشر، ولذلك يتم استخراج الهرمونات من أسفل الجلد لتصنيع مستحضرات طبية تساعد على تدفق الدماء إلى الجهاز التناسلي للإنسان. ولفت إلى أن الموروث الشعبي عن فائدة "أكلة الكوارع" في التحفيز الجنسي للرجال لها نفس التفسير العلمي، بسبب ترسُّب الهرمونات الجنسية لدى الحيوان أسفل الجلد. وفي نفس السياق أكدت مصادر بالهيئة العامة للخدمات البيطرية، التابعة لوزارة الزراعة، أن مباحث التموين في السويس منعت تهريب 1200 قطعة جلود حمير، بقيمة أكثر من 200 مليون جنيه إلى الصين، بعد أن حاول المهرب تصديرها إلى الخارج كونها جلود جمال. وأكدت المصادر، في تصريحات ل"فيتو"، أنه عقب القبض على المهرب ادعى أنه حصل على الجلود من حديقة الحيوان بالجيزة قبل أن يثبت كذب ادعائه، نظرا لأن الجلود تعود إلى مذبوحات حديثة. وأشارت إلى أن الحد الأقصى لجلود الحمير المسموح بتداولها سنويا نحو 8 آلاف جلد فقط، لافتا إلى أن ارتفاع أسعار الجلود ورغبة التجار في تحقيق أكبر عائد يدفعهم إلى اللجوء لذبح الحمير وتهريبها بعد أن وصل سعر جلد الحمار الواحد إلى 2200 جنيه، في حين أن سعر الحمار نفسه 500 جنيه فقط، وهو أغلى سعر وصل إليه خلال السنوات الأخيرة.