ألا يدرك الجميع أن مصر في هذه الأيام تحتاج أكثر من أي وقت مضى إلى إدارة حاسمة تعيد الانضباط إلى حياتنا؟ ألا يدرك الجميع أن الانفلات من تطبيق القانون هو أسوأ ما يواجه المجتمع المصرى بأسره، وأنه لن يكون هناك هيبة للدولة ما لم يكن للقانون قوة رادعة في ذاته؟ كلنا رأينا ونرى مخالفات المبانى التي أدت من ناحية إلى تحويل المدن إلى غابة من الأسمنت قبيحة المنظر، وإلى تآكل الأرض الزراعية في القرى من ناحية أخرى لاعتياد المواطن الذي لم ير هيبة للدولة على تجريف الأرض الزراعية والبناء عليها، أنظر إلى مصر ساعتئذ سترى الفوضى ضاربة أطنابها في كل ناحية من نواحيها، تبا لهؤلاء الذين اعتادوا على تطبيق القانون خوفا ورهبا، دون أن يستشعروا أن هذا القانون قد تم تشريعه لمصلحة البلاد والعباد، وإذا سافروا إلى أوروبا أو الخليج أو حتى بلاد تركب الأفيال تجدهم وقد انصاعوا فورا لقوانين تلك الدول، لا يخالفونها ولا يجرأون حتى على مجرد التفكير في مخالفتها، هؤلاء يتحدثون معك عن دقة الانضباط في بلاد الغرب وفى بلاد الخليج، ثم بعد ذلك ينهال نقدا في جهاز حماية المستهلك في مصر عندما أصدر رئيسه اللواء عاطف يعقوب قرارات حاسمة بمنع إعلانات لسلع كان فيها مساس بكرامة المصريين وخروج عن منظومة القيم المجتمعية! أصدقكم القول نحن نحتاج إلى يد من حديد تضرب على أقفية المخالفين للقانون، فهكذا نحن، تعودنا على تطبيق القانون بل والمسارعة في تطبيقه عندما يكون الرقيب علينا قويا حازما، وما زمن المرحوم اللواء أحمد رشدى وزير الداخلية الأسبق علينا ببعيد، والكل يتذكر انضباط الشارع المصرى تحت إدارته بشكل لم يكن له مثيل من قبل، ولم يكن له مثيل من بعد، وقد تذكرته وتذكرت حزم هذا الرجل عندما تحدثت مع اللواء عاطف يعقوب لكى أشد من أزره وأهنئه على قراراته الجريئة بمنع إعلانات بذيئة لم تقم الجهات الرقابية الأخرى بدورها في منعها، حينها قال لي: إننى أسعى لمواجهة القبح الذي استشرى في حياتنا، ولكننى أواجهه وفقا لتخصصي، فقلت له ويا ليتنا جميعا نواجه هذا القبح، نحن ياسيدى نحتاج إلى ثورة، نعم ثورة ضد القبح.