أبو الحسن الشاذلى من أبرز القادة الروحيين الذين أسهموا إسهاما كبيرا فى الوقوف امام هجوم الصليبيين على مصر أثناء الحملة الصليبية السابعة سنة 647 هجرية ( 1249 م) بقيادة لويس التاسع ملك فرنسا, وهى المعركة التى أغار الصليبيون فيها على مدينة المنصورة ولكن الظاهر بيبرس هزمهم هزيمة نكراء , وكان وقتها أبو الحسن الشاذلى قد تعدى عمره الستين عاما وكان كفيفا إلا أنه أصر على أداء واجبه الدينى والوطنى فغادر الإسكندرية إلى المنصورة . كان مدرسة للزهد والتصوف المعتدل الذى لا يخرج عن الكتاب والسنة , صاحب مقولة «اعرف الله ولكن كيف شئت» فالمسألة عنده ليست مظاهر أو شكليات وإنما جوهر وجوهر الإنسان يجب أن يكون الإيمان بالله ورسوله . إنه أبو الحسن على بن عبد الله بن عبد الجبار الشاذلى وينتهى نسبه إلى سيدنا الحسين بن على رضى الله عنه , وتتلمذ شيخنا الذى ولد فى قرية (غمارة ) قرب سبتة بالمغرب عام 593 هجرية فى صغره على يد الإمام عبد السلام بن مشيش , وكان له عظيم الأثر فى حياته العلمية والصوفية , بعدها رحل إلى جبل ( زغوان ) بتونس حيث اعتكف للعبادة وأخذ ينشر دعوته فى بلدة ( شاذلة) القريبة من إقامته , ثم نزل بعد ذلك إلى مصر وأقام بالإسكندرية والتى شعر فيها بالأمن والأمان وهناك أوقف له السلطان وقفا يعمل به ويسكن فيه , وبعد استقراره تزوج وأنجب أولاده شهاب الدين أحمد وأبو الحسن على وأبو عبد الله محمد وابنته الوحيدة زينب , وفى الإسكندرية أصبح له أتباع ومريدون . ويصف الدكتور عبد الحليم محمود فى كتابه «قضية التصوف» الشيخ الشاذلى والمدرسة الشاذلية فيقول : كان جميل المظهر عذب الحديث فصيح اللسان غير متزمت فى المأكل والمشرب يحب الخيل ويقتنيها ويركبها فارسا فى المواسم الدينية , هو صاحب العبارات السنية جاء فى طريق القوم بالأسلوب العجيب والمنهج القريب الذى جمع العلم والمال والمهمة , تتلمذ على يديه المرسى أبو العباس وأبو العزايم ماضى وابن عطاء الله السكندرى , وكان يرى أن الشخص إذا أدى الفرائض واجتنب المنهيات وأحب الله ورسوله كان وصوله إلى الله أسرع ممن جاهد نفسه بالمجهدات والعبادات . ويعد أبو الحسن الشاذلى من أبرز القادة الروحيين الذين أسهموا إسهاما كبيرا فى الوقوف امام هجوم الصليبيين على مصر أثناء الحملة الصليبية السابعة سنة 647 هجرية ( 1249 م) بقيادة لويس التاسع ملك فرنسا, وهى المعركة التى أغار الصليبيون فيها على مدينة المنصورة ولكن الظاهر بيبرس هزمهم هزيمة نكراء , وكان وقتها أبو الحسن الشاذلى قد تعدى عمره الستين عاما وكان كفيفا إلا أنه أصر على أداء واجبه الدينى والوطنى فغادر الإسكندرية إلى المنصورة . ويقول الدكتور عبد الحليم محمود عن هذه المعركة في كتابه: لقد كان مجرد سيرهم فى الحوارى والشوارع تذكيرا بالنصر أو الجنة , وكان حافزا للهمم ,وتثبيتا للإيمان وتأكيدا لصورة الجهاد الإسلامى التى قادها فى عصور الإسلام الأولى رسول الله صلى الله عليه وسلم وخلفاؤه الراشدون من بعده . بينما يقول مأمون غريب فى كتابه « أبو الحسن الشاذلى»: إن دور الشيخ كان عظيما فى هذه المعركة حيث انضم إلى جماعة من علماء ورجال دين كان فى طليعتهم الشيخ العز بن عبد السلام ومحى الدين بن سراقة ومجد الدين القشيرى ومجد الدين الأخميمى وكانوا من كبار المجاهدين فى المعركة وقد كونوا فريقا من خيرة الدعاة إلى الجهاد , يحثون الناس على المشاركة والتبرع للمعركة , وكانوا يسيرون بين الجنود يشجعونهم ويحثونهم على القتال ويبشرونهم بإحدى الحسنين : النصر أو الشهادة . هزيمة ساحقة ونصر كبير للمصريين فى هذه المعركة حيث تؤكد الدراسات التاريخية على أنه تم أسر أكثر من عشرين ألف جندى وقتل حوالى سبعة آلاف آخرين من جنود الحملة الصليبية . وفى عام 656 هجرية رغب أبو الحسن الشاذلى الحج وتوجه إلى ساحل البحر الأحمر وعند ( حميثرى ) أحس بدنو أجله وأخذ يناجى ربه قائلا : يا الله , يا الله , إلى أن صعدت روحه إلى السماء وتم دفنه فى نفس المكان تقريبا وقام مريدوه وأتباعه بإقامة ضريح ليزوروه ويتبركوا بزهده .