رغم أنف الجميع نحن أمام «تسونامى» عمرسليمان..خبرإعلانه الترشُح للرئاسة كان الحدث الأبرز والأقوى والأوسع أثراً على جميع الأصعدة فى الداخل والخارج..لحظة وصوله على أبواب لجنة انتخابات الرئاسة كانت «الماستَرسين» أو المشهد الرئيس ،الذى ابتلع ما عداه من مشاهد وصول كل المرشحين، مهما بلغ صخبها وضجيجها..لحظة وصول الجنرال الصامت اختطفت الأبصار، ولابد أن نعترف أنها أحدثت حراكاً غيرمسبوق على سطح الحياة بمصر، ونستطيع أن نلمس وبسهولة كيف تراجع الحديث عن أزمة تأسيسية الدستور رغم الحكم المهم ببطلانها، وكيف توارى الاهتمام بقضايا خطيرة يتابعها الرأى العام بشغف شديد أمام القضاء مثل موقعة الجمل، ومحاكمات قتل المتظاهرين، واقتراب موعد محاكمات مجزرة بورسعيد، كما تضاءل الاهتمام بما يتردد حول تدهور صحة مبارك..كل هذا وأكثر اقتلعه تسونامى ظهور عمر سليمان. هكذا صارت القضية عمرسليمان..ولاشك أن رجلاً بحجم وتاريخ وخبرة وأبعاد شخصية الجنرال سليمان كان يدرك مقدار رد الفعل المضاد فى الاتجاه والمساو فى القوة إن لم يكن أشد قوة وشراسة..جاء رد الفعل صاخباً مدوياً بدرجات متفاوتة من جانب تيارات عديدة، وإن كان أكثر وضوحاً وزخماً من جانب التيار الإسلامى. كان الجميع فى انتظار لحظة رد الرجل الصامت الغامض حاد الملامح صاحب طَلّة الثقة البادية فى عينيه..وجاء الرد المدهش فى خمس كلمات فقط هى«الصندوق الأسود الكبير هايتفتح قريِّب» تن ترالالن تن تن موسيقى تصويرية خمس كلمات قلبت الدنيا فى مصر رأساً على عقب..خمس كلمات ليست بالسهلة من رجل ليس سهلاً..وأقسم بالله بعد أن سمعت بحكاية الصندوق هذه، كدت أفطس من الضحك..ذلك أننى شعرت فى لحظة أن الناس فى الشوارع والمواصلات وأروقة العمل والمقاهى كلٌّ يتحسس رأسه بحثاً عن «البطحة» فى مشهد كوميدى ولا أروع ولا أجمل وكأن البلد كلها مبطوحة..أى ذكاء هذا الذى يتمتع به هذا الرجل؟! على أية حال نحن الآن أمام ثلاثة أسئلة حاكمة على هذا الصعيد..السؤال الأول هل يمتلك عمر سليمان ذلك الصندوق الأسود؟..الثانى هل يستطيع الكشف عما بداخله؟..الثالث متى أو ما هو توقيت فتح الصندوق؟..الإجابة فى اعتقادى وعلى التوالى نعم تحت يديه الصندوق الأسود، ونعم يستطيع الكشف عما بداخله، أما التوقيت فعندما يشعر أنها «خربت» ويكون«الخيار شمشون» أى علىّ وعلى أعدائى وعلى أصدقائى وعلى الكُل كليلة..أما الأعداء فهو ليس بحاجة إلى جهد كبير لتحديدهم، ذلك أنهم أعلنوا عن أنفسهم منذ اللحظة الأولى، وهم التيارات الثورية وفى القلب منها التيار الإسلامى بجميع فصائله، وأما الأصدقاء فهم أصدقاء الأمس» الذين تحولوا بعد الثورة»إذا مابدر منهم إشارات«قِلَّة الأصل» لاسيما وأنهم يسيطرون على قسط مهم ومؤثر على خريطة الإعلام. غير أن السؤال الذى يترقب الجميع جوابه على أحر من الجمر هو.. تُرى ماذا فى الجراب ياحاوى؟!أو ما الذى يخفيه صندوق الجنرال سليمان الأسود؟..بديهى أن يحوى الصندوق أسراراً خطيرة ومعيبة عن شخصيات فى صدارة المشهد على افتراض أن مغزى الإعلان عن الصندوق لا يعنى سوى التهديد بفتح ملفات صادمة لشخصيات لها مساحة احترام كبيرة لدى الرأى العام..ومن ثم وبالعودة إلى تصنيف الأعداء والأصدقاء والكل كليلة، فإن لكل فصيل من هؤلاء ركن فى الصندوق..مؤكد أن الركن الأول دون منازع هو ركن رموز التيار الإسلامى، وربما نجد فيه ما ينتقص من قدر رجال يدعون إلى الفضيلة ومكارم الأخلاق، على غرار حكاية زواج نادر بكار وسمية الخشاب،أو علاقة البلكيمى بالراقصة سما، أو أن أحدهم يدخن بشراهة كما كان فضيلة الشيخ الشعراوى يدخن قبل أن يقلع عن التدخين، أو أن المرشد العام الأسبق لجماعة الإخوان المسلمين الأستاذ عمر التلمسانى رحمة الله عليه كان يستمع إلى الموسيقى ويجيد رقصة ال»فوكس تروت» قبل أن يلتزم، بيد أن اخطر ما يمكن أن تحتفظ به خزانة الأسرار السوداء للإسلاميين مايتعلق بالتمويل أو الاتصالات غير المعلنة بحكومات وإدارات أجنبية أو عربية، أو سلام عابر ألقاه أحدهم على أسامة بن لادن فى طواف الوداع، أو اتفاق سياسى مع السلطة فى مرحلة ما..هناك فى الصندوق وبالتأكيد ركن الفن والفنانين ولكنى أرى أن خروج أسراره مرهون بالمواقف على الأرض، لاسيما وأن عدداً كبيراً من أهل الفن دخل على خط الثورة، وهنا قد يلعب التلويح بملفات الصندوق دوراً فى غاية الأهمية على صعيد تحييد البعض «وتلجيم»البعض!!..هناك أيضاً وبالضرورة ركن المعارضة القديمة»الجديدة» والأحزاب الكرتونية التى كانت تأكل وتشرب وتنام وتقوم وتعمل نوم العازب وعجين الفلاحة بالريموت كنترول، ومعهم نجوم الإعلام المتحولون..وكأن الجنرال سليمان أراد ان يقول لهؤلاء وغيرهم كل شىء جاهز وكل شىء جايز. أماالهاجس الذى يتملكنى شخصياً وبصورة مرعبة عما يمكن أن يكشف عنه الصندوق الأسود هو أن يخرج منه الممثل ابراهيم نصر بعد أن يخلع ماكياج زكية زكريا وهو يقول: «اللى حصل ده من يوم 25يناير2011لغاية النهاردة صورناه كله، وياأيها الشعب المصرى الجميل احنا تحت أمرك لو قلت ذيع هانذيع»!...والمصحف الشريف شكلها زاطت ولاعارفين لها راس من رجلين!