«تايم» الأمريكية: رجل الظلال يغوص فى الظلام محمود حسام عرف الشعب المصرى القليل جدا عن عمر سليمان. لكن مدير جهاز المخابرات العامة السابق ظل رمزا لنظام مبارك، حتى بعد الإطاحة به فى ثورة شعبية أجبرت الرئيس السابق على التنحى عن السلطة. كان سليمان بالنسبة إلى واشنطن، همزة الوصل مع القاهرة فى برنامج تسليم المشتبهين بالإرهاب، وكان ساعد مبارك الأيمن، الذى عهد إليه بمعظم الملفات الأمنية والمهمات الأمنية الحساسة، ولم يكن الجنرال سليمان أبدا بالرجل الذى يمكن أن يتنصل من المسؤولية.. تقول مجلة «تايم» الأمريكية فى تقرير لها عن اللواء عمر سليمان. وتقول إنه على مدار 13 يوما فى 2011، وبينما كان مبارك يصارع من أجل البقاء فى السلطة فى مواجهة حركة احتجاجية لم تتزحزح للوراء، كان سليمان يمثل للمحتجين وجه العدو. كان نائب الديكتاتور فى اللحظة الأخيرة، وصمام أمان مفترض لكنه فشل. فى أعقاب سقوط النظام -والحديث للمجلة- طالب البعض برأسه، مثل القيادى بجماعة الإخوان المسلمين محمد البلتاجى الذى قال إن «أوراق ترشح سليمان ما كان يجب أن تقدم للجنة الانتخابات بل إلى القضاء». لكن المجلة ترد على ذلك بالقول إن أحدا لم يلاحق سليمان فى أعقاب سقوط سليمان. وبعد مرور 18 شهرا على مرحلة انتقال ديمقراطى مترنحة، لم يفقد سليمان أبدا قدرته على إلهام مشاعر الاحترام له والغضب منه والخوف منه على وجه خاص. وتضيف «تايم»: «واقع الأمر أنه عندما توفى سليمان مساء الأربعاء فى مستشفى فى كليفلاند، عن 76 عاما، فإنه رحل بهدوء وكرجل حر». وتمضى للقول إن مدير المخابرات السابق كان واحدا من قلة قليلة من كبار مسؤولى نظام مبارك الذين يفلتون من الملاحقة القضائية، أو حتى المثول لتحقيق، فى أعقاب سقوط الديكتاتور. وتشير المجلة إلى أن الصحف المحلية تحدثت عن عدد من الدعاوى المدنية أقامها محامون ضد سليمان، لكنها اختفت بشكل غامض بعد تسليمها للمحاكم العسكرية. ويصفه بعض المحللين ب«الصندوق الأسود» لأسرار النظام، وهو ما يجعله جديرا بالمحاكمة والخروج إلى النور. وقالت «تايم» إن سليمان يخلف وراءه زوجة وثلاث بنات وتركة من جهاز مخابرات مهيب يظل -بكل الحسابات- فعالا بشكل كامل وأكثر غموضا عما قبل، بعد عام ونصف على سقوط مبارك و3 أسابيع على انتخاب رئيس جديد. تلفت المجلة المرموقة إلى أن خليفة سليمان فى منصب مدير جهاز المخابرات العامة، هو اللواء مراد موافى، وهو مدير سابق أيضا لجهاز المخابرات الحربية، وقال فى مقابلة نادرة مع «تايم» فى 2010 إنه على علاقة وثيقة بنظرائه فى إسرائيل، ودافع عن «حق» مصر فى اتخاذ إجراءات استثنائية لحماية نفسها من الإرهاب. ليس واضحا -حسب المجلة- إلى أى مدى سيعمل موافى مع أول رئيس منتخب لمصر، وهو محمد مرسى، الذى يأتى من صفوف جماعة الإخوان المسلمين، خصم مبارك لوقت طويل. وتضيف أن صلاحيات مرسى تم تقليصها بالفعل من جانب جنرالات الجيش النافذين، ومن غير المرجح أن يكون لمرسى صلاحيات كبيرة على الجهاز الأكثر تحصينا من بين أجهزة الأمن القومى فى مصر. وتنقل المجلة عن فؤاد علام، رئيس جهاز أمن الدولة السابق، قوله إن مرسى بمقدوره من الناحية الفنية أن يعين رئيس مخابرات جديدا «لكنه حتى لو عين رئيس مخابرات جديدا، فإن هذا الشخص لا بد أن يكون من داخل المخابرات.. لا يمكنك أن تكلف مهندسا بإجراء عملية جراحية». وتختم «تايم» بالقول إن «سليمان رحل، لكن تركته سيكون من الصعوبة بمكان أن يتم التخلص منها». موسى: اللواء كان رجلا قويا.. ويحب بلده إيمان البصيلى فى أول تعليق له على وفاة اللواء عمر سليمان، نائب رئيس الجمهورية السابق، قال الأمين العام السابق لجامعة الدول العربية، عمرو موسى، إن اللواء سليمان كان رجلا قويا، ويحب بلده، وأن كثيرا من محبيه وأصدقائه وزملائه حزنوا كثيرا لوفاته. موسى أعرب عن خالص تعازيه فى وفاة سليمان، قائلا «أنعى اللواء عمر سليمان نائب رئيس الجمهورية السابق الذى وافته المنية بعد حياة سياسية حافلة، كما أتقدم بخالص التعازى لأسرة سليمان ولكل أصدقائه وزملائه ومحبيه.. رحم الله الفقيد رحمة واسعة». كان سليمان قد توفى فجر أول من أمس الخميس بمستشفى كليفلاند بالولاياتالمتحدةالأمريكية فى أثناء تلقيه العلاج هناك، وخضوعه لبعض الفحوصات الطبية إثر معاناته من فشل فى عضلة القلب أدى إلى قصور فى وظائف الكلى، ووجود كميات كبيرة من المياه على الرئة، التى لم تفلح جهود الأطباء هناك فى التعامل معها حتى وافته المنية. المستشفى الأمريكى: نائب الرئيس السابق توفى متأثرا بمضاعفات داء «النشوانى» وتم اكتشاف المرض بعد عدة فحوصات محمود حسام وخالد وربى منذ الإعلان المفاجئ عن وفاة نائب الرئيس ومدير جهاز المخابرات العامة المصرية السابق اللواء عمر سليمان، فى الولاياتالمتحدة، أول من أمس (الخميس)، وهناك حالة من الجدل حول سبب وفاته، لكن مستشفى كليفلاند الأمريكى، حيث لفظ رجل المخابرات الرهيب أنفاسه الأخيرة، قال فى بيان إن سليمان توفى متأثرا بمضاعفات من داء «النشوانى» وهو مرض نادر يصيب أجهزة متعددة بما فيها القلب والكلى. وفى بيانه المقتضب، قال المستشفى الذى يتخذ من ولاية أوهايو مقرًّا له، إن سليمان الذى توفى عن عمر يناهز 76 عاما، وصل المستشفى يوم الإثنين، حيث تم اكتشاف إصابته بمرض «أميلويدوزيس»، أو داء النشوانى وهو مرض مناعى مجهول السبب، بعد خضوعه لفحوص طبية متعددة فى المستشفى الذى كان قد دخلها يوم الإثنين. خاض الجهاز المناعى للواء عمر سليمان قبل وفاته حربا ضد نفسه معتبرا أن الأعضاء الحيوية مثل القلب والكبد والكلى أعداء يجب التعامل معها ومحاربتها والهجوم عليها لأنها استفزته من خلال بعض الالتهابات المزمنة. إنها حرب تختلف عن الحرب المعلوماتية التى كان يخوضها ضد أجهزة المخابرات المعادية. مرض النشوانى أو مرض ال«Amyloidosis»، هو مرض مناعى نادر الحدوث أصاب رئيس المخابرات المصرية ونائب الرئيس الأسبق. وحسب الدكتور نبيل الدبركى أستاذ الحساسية ورئيس المركز القومى الأسبق للحساسية، فإنه مرض يعطل جميع أجهزة الجسم، حيث يعمل الجهاز المناعى ضد نفسه نتيجة بعض الالتهابات المزمنة التى أصيب الجسم بها عبر سنواته المختلفة، مما يثير الجهاز المناعى، فيعتبر أن أجهزة الجسم الحيوية مثل الكلى والقلب والطحال أعداء له، ويبدأ فى مهاجمتها ويبدأ فى ترسيب البروتينات فى تلك الأعضاء مما يؤدى إلى تلفها وتدميرها تماما باعتبارها أجساما غريبة. الدكتور عادل منير أستاذ الصحة العامة بكلية الطب بجامعة قناة السويس، قال ل«التحرير» إنه مرض وراثى مرتبط بالتشوهات الخلقية وجينات التمثيل الغذائى، ويمكن أن يرجع إلى مرض فيروسى، لافتا إلى أن هذا المرض يحدث خللا فى إنزيمات الجسم، وهو ليس من الأمراض المنتشرة فى مصر، ويرجع السبب فى ظهوره إلى بعض التأثيرات البيئية وتلوث الأغذية التى قد تزيد من ظهوره وهو مرض خطير للغاية يؤدى إلى تدمير الأنسجة الضامة، التى تعد بمثابة الهيكل الخرسانى لجسم الإنسان وأجهزته الوظيفية. وألمح إلى أن الأمراض المناعية تعد من الأمراض التى ليس لها سبب معروف لكن هناك نظريات تؤكد أن له علاقة بالأمراض المزمنة، مشيرا إلى أن أمراض التمثيل الغذائى مثل السكر قد تسهم فى ظهوره، كما أن أى أمراض أخرى قد تؤثر على مناعة الجسم تؤدى فى النهاية إلى ظهر المرض. هل كتب الجنرال مذكِّراته؟ فتحى محمد وأحمد سعيد مثل صندوق أسرار مغلق، ظل اللواء عمر سليمان، نائب الرئيس السابق حتى آخر حياته، امتلك مفاتيح صناديق مختلفة بعضها خاص بالنظام السابق، وبعضها خاص بالرئيس المخلوع حسنى مبارك، وبعضها خاص بعلاقة الإخوان بالنظام، وهو ما يطرح تساؤلا: هل كتب عمر سليمان مذكِّراته؟ اللواء سامح سيف اليزل الخبير الاستراتيجى قال ل«التحرير» إن تصريحات اللواء عمر سليمان عن الملف الأسود للإخوان أمر لا يعلمه أحد غيره، ويُعتبر من أسراره، نافيا أن يكون على معرفة ما إذا كان اللواء عمر سليمان قد كتب وصية خاصة به، قائلا «هذا شأن عائلى تختص به أسرته فقط، ونفس الأمر بالنسبة إلى الحديث عن كتابته المذكِّرات الخاصة به»، مضيفا «أنا أشك أنه كتب مذكِّراته». سيف اليزل أشار إلى أن من المتوقع أن يصل الجثمان إلى القاهرة اليوم، ويُدفَن فى المدافن الخاصة بالعائلة بالقاهرة وتُقام مراسم العزاء فى مسجد آل رشدان، التابع للقوات المسلحة، موضحا أنه يتم الإعداد والترتيب لجنارة رسمية للواء عمر سليمان بمجرد وصول جثمانه إلى مصر، كما أنه يتم الآن الإعداد والترتيب للجنازة العسكرية، مشيرا إلى أن هناك إجراءات متبعة فى مثل حالات الوفاة هذه، منها حقن الجثمان بمواد كيميائية، ثم يوضع الجثمان فى صندوق معدنى طبقا لما هو متبع بالولاياتالمتحدةالأمريكية، وهذا الصندوق المعدنى يكون مفرغا من الهواء ثم يوضع بعدها فى صندوق خشبى آخر ويُنقَل إلى الطائرة. الدكتور مصطفى الفقى رئيس لجنة العلاقات الخارجية السابق بمجلس الشعب قال ل«التحرير»، إن عمر سليمان كان غامضا نسبيا ولم يكن كثير الكلام، مضيفا «لا أعتقد أن اللواء عمر سليمان كتب مذكِّراته السرية عن علاقته بمبارك أو الإخوان»، منوها بأن اللواء عمر سليمان كان مثل صندوق الأسرار، لا يكشف عن أسراره حتى لأقرب المقربين إليه، لطبيعة عمله التى كانت تحكمه طوال الوقت. إسرائيل تواصل نعى سليمان «والا»: كان صديقا لمنظومة تل أبيب الأمنية والاستخباراتية.. إلا أنه كان متمسكا دائما بالسلام البارد محمد عطية خصص موقع «والا» الإخبارى العبرى موضوعا للحديث عن عمر سليمان رئيس المخابرات العامة السابق، الذى وافته المنية أول من أمس فى الولاياتالمتحدةالأمريكية، بعنوان «عمر سليمان.. صديق منظومة تل أبيب الأمنية»، قال «والا» إن نائب الرئيس المصرى السابق الذى توفى أول من أمس أقام علاقات متعددة مع عدد من رجال الأجهزة الاستخباراتية والأمنية بتل أبيب، الموساد والشاباك وشعبة الاستخبارات العسكرية العبرية، لكنه بالرغم من تلك العلاقات كان متمسكا دائما بالسلام البارد مع إسرائيل. «والا» أضاف أن سليمان كان معروفا جيدا لعشرات المسؤولين البارزين بمنظومة تل أبيب الاستخباراتية، وضباط الجيش الإسرائيلى ورؤساء حكومات ووزراء، مضيفا أنه منذ تم تعيينه عام 93 بمنصب رئيس المخابرات أقام سليمان علاقات متعددة مع عدد كبير من رؤساء الأجهزة الأمنية كالموساد والشاباك وشعبة الاستخبارات العسكرية. وذكر أن العلاقات الطيبة بين سليمان وإسرائيل ليس معناها أن جدول أعمال الجنرال المصرى كان يتلاءم بالضرورة مع نظيره الإسرائيلى، ناقلا عن استخبارى إسرائيلى قوله «لا يمكننا أن ننسى أن سليمان هو رجل وطنى مصرى، وواجبه الأساسى وربما الوحيد هو حماية النظام المصرى وحياة الرئيس»، ولفت الموقع إلى أن سليمان نجح فى تلك المهمة لسنوات عديدة حتى دق الربيع العربى أبواب القاهرة. وأضاف الموقع أنه فى ال26 من يونيو 1995 دخل عمر سليمان فى امتحان؛ ففى الساعة الثامنة والربع صباحا عندما كان موكب الرئيس المخلوع فى طريقه من مطار أديس أبابا الجوى إلى وسط المدينة لحضور القمة الإفريقية، تم فتح النيران عليها وبغزارة، وتم اغتيال عديد من الحرس الشخصى لمبارك، لافتا إلى أنه قبل يوم واحد من تلك الواقعة أصر سليمان على نقل سيارة مبارك المصفحة إلى العاصمة الإثيوبية لحمايته، هذا الإصرار والعناد أنقذ حياة المخلوع ووطدت علاقات الصداقة بين الاثنين. وقال الموقع إن يد سليمان الحديدية صفت الإرهاب الإسلامى فى وقت قياسى؛ موضحة أن بعد محاولة اغتيال مبارك أصدر سليمان تعليمات لرجاله بالعمل وبكل قوة ودون أى معوقات قانونية أو أخلاقية ضد الجماعة الإسلامية، وهى المنظمة التى نفذت محاولة الاغتيال، مضيفة أن الآلاف من نشطاء المنظمات الإسلامية المتشددة وأفراد عائلاتهم وأقاربهم تم اعتقالهم وتعرض كثير منهم للتعذيب. «والا» قال إنه وفقا لشهادات استخباريين إسرائيليين فإن سليمان تمسك باستمرار السلام البارد ولم يكن يشجع توطيد العلاقات الاقتصادية بين القاهرة وتل أبيب، هذا بالرغم من أنه كان مشاركا من وراء الكواليس فى التوصل إلى صفقة الغاز بين الدولتين، وهى الصفقة التى فاز بها كل من يوسى ميمان رجل الأعمال الإسرائيلى وحسين سالم. ولفت إلى أن غالبية الإسرائيليين أشادوا بحكمة سليمان ورؤيته الاستراتيجية للأمور، كما كانوا يفهمون دوافعه، مضيفا أن رئيس المخابرات السابق والمخلوع لم يسعدا برؤية حركة حماس الفلسطينية وهى تسيطر على القطاع وتتعاظم قوتها على عتبات مصر، لكنهم فى نفس الوقت لم يرغبا حقيقة فى وقف عمليات التهريب لغزة عبر الأنفاق. وذكر أن الأنفاق استخدمت كورقة يتم اللعب بها فى أى وساطة مصرية بين إسرائيل والفلسطينيين، كما تم استخدامها كصمام أمان للتخلص من الضغوط التى كانت تمارسها المعارضة الإسلامية فى مصر، التى اتهمت النظام الحاكم السابق بأنه يقف مع تل أبيب فى هجومها على الشعب الفلسطينى. وقال إن الشعب المصرى لم يكن يعرف سليمان حتى عقد مضى، لكن بعد أن خرج من وراء كواليس المخابرات إلى المسرح السياسى تحول إلى شخصية معروفة زادت طموحاتها السياسية، التى فشلت فى نهاية المطاف؛ موضحة أن نائب المخلوع لم يحقق رغبته فى خلافة مبارك، لكن بالرغم من ذلك لا يمكن إغفال أنه كان الرجل الأقوى فى مصر على مدار سنوات. ورم فتاك بالغشاء المحيط بالرئة تم اكتشافه بمركز «كايرو سكان» مصطفى البسيونى ربما كان الحدث الأكثر غموضا فى مسيرة رجل المخابرات القوى هو خروجه من انتخابات الرئاسة فى الرابع عشر من أبريل الماضى بسبب 31 توكيلا. قائد الجهاز الأخطر والأقوى فى مصر يقع هو وحملته الانتخابية فى خطأ لا يرتكبه كثير من الهواة والمبتدئين. لم يبدُ الأمر مقنعا ساعتها، خصوصا أن مرشحا أقل شأنا وقدرة ساعتها تمكن من الاستمرار فى السباق الرئاسى والنجاة من كل الفخاخ القانونية والإجرائية، وحتى الدخول إلى جولة الإعادة. كان من شبه المؤكد أن خروج سليمان من الانتخابات بهذه الطريقة لسبب أهم كثيرا من حفنة التوكيلات تلك. وجاءت وفاة سليمان المفاجئة لتشير إلى أن السبب الحقيقى لخروجه من الانتخابات ربما كان صحيا. فحسب مصادر مطلعة توجه عمر سليمان منذ عدة أشهر وبشكل متزامن مع الانتخابات الرئاسية لمركز «كايرو سكان» للأشعة بالمهندسين، لإجراء أشعة على الصدر. والتشخيص الذى ظهر كان مفاجأة، وهو أن سليمان مصاب بمرض «الميزوثيليوما»، وهو ورم خبيث يصيب الغشاء البللورى المحيط بالرئة. وحسب المصدر فإنه كان من المقرر أن يجرى سليمان الفحوص فى مستشفى «وادى النيل» بكوبرى القبة. ولكن لأسباب فنية لم يتمكن من إجراء الأشعة هناك فتوجه إلى «كايرو سكان» وفى رفقته رئيس قسم الأشعة بمستشفى وادى النيل. وتؤكد المصادر الطبية أن تلك الأحداث جرت بشكل متزامن مع إجراءات الترشح للرئاسة والخروج منها. وأن أعراض هذا المرض تتشابه جدا مع أعراض أمراض الصدر بشكل يصعب معه الاشتباه بالإصابة به دون كشف أشعة. مما يعنى أن اكتشاف المرض ربما كان تاليا على قرار الترشح نفسه، وأن التأكد من الإصابة كان السبب الحقيقى وراء خروجه من الانتخابات. خصوصا أن الميزوثيليوما من أخطر أنواع السرطان، وحسب مختصين فإن هذا المرض يمكن أن يودى بحياة المصاب فى ظرف أربعة أشهر، فضلا عن التدهور السريع فى حالته. الملفت أن الفترة بين خروج سليمان من الانتخابات فى منتصف أبريل ووفاته أول من أمس تقترب من الأشهر الأربعة. صحيفة فلسطينية واحدة تنعى النائب وباقى وسائل الإعلام لا تذكر حرفا عنه محمد عطية رغم أن رئيس المخابرات السابق عمر سليمان كان مسؤولا عن إدارة الملف الفلسطينى سواء فى ما يتعلق بالمفاوضات مع تل أبيب من ناحية أو بين الفصائل والحركات الفلسطينية من ناحية أخرى، فإن وفاته كانت غائبة عن المشهد الإعلامى الفلسطينى وخلت الصحف والوكالات من تعقيبات وتعليقات على وفاته، فى ما عدا صحيفة واحدة هى «الحياة الجديدة» الفلسطينية التى تصدر برام الله. وقالت الصحيفة الفلسطينية «رحم الله عمر سليمان، فقد غيّبه الموت فى لحظة مصرية فارقة»، مضيفة أن «سليمان أحبطه انسداد الطريق إلى سباق الرئاسة، وهو الذى كان أمل الصامتين جميعا لتلافى توريث الحكم إلى الابن من الأب، يومها، بدا واضحاً أن الرجل، يقف على الطرف النقيض من تيار سلطوى يحاول تكريس منطق الوراثة فى الجمهورية». وذكرت أنه «فى مناسبة رحيل هذا الجندى الصارم الجاد، نستذكر معايشته للحال الفلسطينية فى السنوات العشر الأخيرة من عمره»، لافتة إلى أنه «بدأ عمله فى القوات المسلحة فى خضم المواجهة مع إسرائيل فى النصف الأول من الخمسينيات، وتدرج فى المناصب العسكرية بالغة الشرف، وثابر على التحصيل العلمى العسكرى والمدنى، «مشيرة إلى أنه» فى مرحلة العمل السياسى التى تمناها لنفسه، كان يرغب فى أن يختتم حياته فى العمل العام، بعد زلزال الثورة، بالتأكيد على مبدأ التداول الديمقراطى على السلطة، والمشاركة الفعلية للقوى الحية التى تحظى بثقة الشعب». وختمت نعيها لسليمان بالقول «ليت الذين أخفقوا فى استيعاب مقاصد الرجل حياً، أن لا تستبد بهم نزعات هائجة، فيتخلفون عن تشييعه بكل التكريم الذى يستحق، لقد فقدت مصر واحداً من محاربيها المرموقين، ومن شهود مرحلة المخاض، لم يكن عمر سليمان إلا منحازاً لمصر ولدورها ولتقاليدها الجمهورية، ضد مآرب الأسرة والحاشية وتربصات المتربصين بمصر، وبدورها راهناً ومستقبلاً».