يحاول كثير من المستشرقين رواية قصص لا تحصى عن الزواج السياسى، وهو دائما يكون بين الملوك والأمراء والحكام من أجل عقد صفقة، أو الوصول إلى تحالف، وقد دفعت مثل هذه الروايات بعض المستشرقين ومن سار علي دربهم من المثقفين العرب إلى الزعم بأن النبى «صلى الله عليه وسلم» لجأ للزواج السياسى فى بعض الأحيان، لنشر دعوته ، وتوطيد أسس دولته الوليدة .. لكن علماء الأزهر وأساتذة التاريخ ينفون عن النبى هذه الشبهات ويؤكدون أن رسول الله «صلى الله عليه وسلم» تزوج عدة مرات لأسباب إنسانية لم يكن منها «الصفقة السياسية»، وهذا ما يؤكده الدكتور عبد الغنى زهرة رئيس قسم التاريخ الإسلامى بجامعة الأزهر بقوله إن زواجه «صلى الله عليه وسلم» بالكامل من كل أمهات المؤمنين كان بهدف خدمة الدعوة الإسلامية، وأن مثل هذا الزواج لا يمكن أن يطلق عليه زواج سياسى، لأن مثل هذا الزواج يكون للملوك والأمراء، وذلك لما تنطوى عليه السياسة من ألاعيب لا تليق بمقام النبى «صلى الله عليه وسلم»، وقال «لعل أكثر أمهات المؤمنين التى حصل بزواجه منها فائدة عظيمة للدعوة الإسلامية فى تلك الأثناء هى السيدة جويرية بنت الحارث بن أبى ضرار الخزاعية، التى تزوجها «صلى الله عليه وسلم» ليمتلك قلب قبيلتها، وهى قبيلة بنى المصطلق، وقد وقع أهلها أسرى بأيدى المسلمين، وبعد زواجه «صلى الله عليه وسلم» منها، أطلق المسلمون سراح من كان أسيرا من أهلها إكراما لها وللنبى وأضاف: عبدالغنى: وقد كان الهدف من زواجها نشر الدعوة الإسلامية فى هذه القبيلة،ويشير عبد الغنى: إلى أن زواجه من السيدة خديجة يعد من أكبر الدعائم للدعوة النبوية، ورغم أن النبى تزوج بها قبل البعثة إلا أنها كانت أكبر منصف للدعوة. فيما يرفض الدكتور أحمد تونى أستاذ التاريخ الإسلامى بكلية دار العلوم جامعة المنيا، مصطلح الزواج السياسى فى حياة النبى مؤكدا أنها من دعاوى المستشرقين، الذين افتروا على النبى، لأن الزواج السياسى ظهر في الدولتين الأموية والعباسية، وهو عصر تلى لعصر النبوة، وأن زواجه «صلى الله عليه وسلم» كان لهدف سام ولم يكن تلبية لحاجة في نفسه، فقد كان زواجه إما للتشريع كما حدث في قصة زواجه من السيدة مارية القبطية، حيث أراد النبى «صلى الله عليه وسلم» أن يبيح للمسلمين الزواج من الكتابيات بمثال عملى، ويوضح تونى أن زواجه من السيدة زينب بنت جحش، أراد به الله سبحانه وتعالى أن ينهى بهذا الزواج عادة جاهلية كانت تقضى بأنه لا يجوز للأب أن يتزوج زوجة ابنه من التبنى، وأضاف أما فيما يتعلق بقصة زواجه من السيدة جويرية فهى لم تكن زواجا سياسيا كما يدعى البعض، بدليل أن قبيلتها لم تسلم كلها بعد هذا الزواج، لكن يمكن اعتبار هذا الزواج بمثابة العامل المساعد فى نشر الإسلام فى تلك القبيلة.