جلست وزهو الانتصار يُشع من عينيها، جلست جلوس الواثقين، مع ابتسامة عريضة ملء شدقيها، تخفي وراءها جريمة شنعاء تُحاول إخراجها في شكل درامي يجذب انتباه المُشاهد، تُغازل بعينيها وبكل حركة من جسدها، من تُريد إرضاءهم لتحقيق مآربها الشخصية والمهنية، أنها تستعرض إنجازاتها البطولية على حساب جثة كاريمان! المشهد عبارة عن مقطع من فيديو، تم تسجيله مع السيدة نبيلة مكرم وزيرة الهجرة المصرية، على الرابط المدون في نهاية المقالة. بدأت الوزيرة في سرد قصة كاريمان، بمعني أنها شهرت بالبنت وأسرتها، قالت إن الأم طُلقت من زوجها، وذهبت مع صديقها الإيطالي إلى إيطاليا، ومعها طفلتها كاريمان، ساءت حالة الأم لظروف غير معروفة، وإن كانت الوزيرة تؤكد على أن الصديق الإيطالي تسبب في سوء حالتها النفسية، مما أدى بها إلى الانتحار، ولكن الأم كانت قد أودعت الطفلة بدير للراهبات في إيطاليا وكان عمرها آنذاك خمس سنوات. تدخلت الوزيرة لكي تُرجع كاريمان ذات التسع سنوات إلى جدها، وتذكر أنه كان هناك صعوبات في مسألة رجوع الطفلة!!! أتساءل... لماذا الجد يطلب رجوع الطفلة وليس الأب؟ ولماذا قامت نبيلة بعمل هذه المهمة، وليست جهات قانونية إيطالية، حيث إن الطفلة تندرج تحت الرعايا الإيطاليين؟ وكيف سمحت إيطاليا بأن يحدث ما حدث لكاريمان؟ وما هو ثمن ذبح كاريمان؟ ليس بالضرورة أن يكون الثمن ماديا، وإن كان من الواضح من طريقة حديث الوزيرة، أنها كانت تُغازل فصيل معين من المجتمع، ربما لتضمن استمراريتها في الوزارة أو الوزارات التالية! تحكي الوزيرة بمنتهي البساطة، كيف أن الطفلة المسكينة وقعت في يد من لا يرحم، وزيرة الهجرة إنسانة بلا إنسانية!. الطفلة ترفض ترك إيطاليا، البلد التي عاشت فيها وتعلمت فيها وتتكلم لغتها، والوزيرة كل همها أن تشحن كاريمان مثل "الكرُمبة" من إيطاليا لتُعيد زرعها في مصر، ليس مُهمًا أن كانت ستستطيع أن تعيش أو تموت، المُهم للوزيرة أن تُتمم الصفقة من خلال سُلطاتها المهنية. قالت نبيلة، إنه كان من الصعب عليها أن تجعل الطفلة تركب الطائرة، للعودة إلى مصر وترك بلدها إيطاليا الذي ترعرعت به وتتعلم به، ولها أصدقاء وأحباء تستطيع التواصل معهم بنفس اللغة، فقامت الست الوزيرة بتعيين مُضيفة مخصوصة، لحراسة الطفلة خوفًا من انتحارها!!! هل يُعقل يا سيادة الوزيرة أن تقومي بهذا العمل الإجرامي، وتُروعي طفلة، وتجبريها على ترك بلدها، لكي تذهب لتعيش مع جدها الذي يكبرها بعشرات السنوات، وفي نفس الوقت ليس لها أقران أو أخوات تستطيع التواصل معهم! يبدو لي أنك معدومة الحكمة والذكاء والرحمة، كيف يتسنى لهذه المسكينة أن تتواصل مع الناس في مصر، أو حتى تشكو من شئ يؤلمها، وهي لا تعرف العربية، وأيضًا ليس بالسهولة أنها ستجد من يترجم لها الإيطالية. أين قوانين حقوق الطفل الدولية، لكي تحمي كاريمان وكل طفل يُذبح، مثلما ذُبحت كاريمان على يد هذه الوزيرة القاتلة؟ لماذا لم تتحرك المنظمات الحقوقية لإنقاذ كاريمان؟ هل أخذوا هُمْ أيضًا نصيبهم من الصفقة؟ عندنا في بلاد الغرب حريصين كل الحرص على الأطفال، لو الطفل غير سعيد في أن يعيش حتى مع والديه أو أحدهما، فقط عليه أن يضع على الهاتف رقم 911 وفي لحظة يكون البوليس ليأخد الطفل ويضعه في مكان آمن للمعيشة، أنهم يريدون أطفال أسوياء وليس أطفال مرضي نفسيًا، أنهم حريصون ألا ينتحر الطفل كما قد تفعل كاريمان بسبب هذه المرأة المعدومة الضمير. تحكي الوزيرة أن كاريمان لا تجد أن ما فعلته نبيلة نبلًا !!! نعم، أنت يا نبيلة اسم على غير مُسمي في نظر هذه الطفلة. نعم، يا نبيلة، هذه الطفلة ستُدينك، وتؤرق مخدعك لو ما زال عندك ضمير. نعم، يا نبيلة، هذه الطفلة تحتقرك لأنك ببساطة مثل الشيطان الذي جاء ليقلب حياتها رأسًا على عقب، سلبتيها طفولة ناعمة، وحرمتيها من مستقبل مُفرح. نبيلة، أنك لم تفكري قط، كيف ستواجه كاريمان مجتمع شرقي، سيُحملونها قضية أمها، ستكون حياتها مُهانة حتى في وسط العائلة، وأبسط كلمة سيقولونها لها، وربما لا تفهمها بسبب اللغة، "أكفي القدره على فُمها تطلع البنت لأمها"! لماذا يا نبيلة كدرتي حياة هذه الطفلة المسكينة بهذا الشكل؟ ما الثمن الذي حصلتي عليه أو ستحصلين عليه؟ أنا واثقة أن دموع وآلام كاريمان ستكدر حياتك أنت أيضًا! أقولها لك، حينما تقعين في مصيبة يجب عليك أن تتذكُري كاريمان! حاولت الوزيرة اللعب على موضوع العقيدة، ومُغازلة من تريد أن تُغازلهم، بقولها إن كاريمان مسلمة، وأنها كانت ترتدي صليب، وأنها جعلتها تخلع الصليب قبل أن تذهب لجدها، سيادة الوزيرة أنت تتصرفين بعقلية عقيمة مُظلمة بالرغم من المنصب الذي تتقلدينة! بغض النظر عن ديانة الطفلة، ليس هذا مربط الفرس! ولكن هل تعتقدين أن كاريمان أو كل الأطفال مثلها ومن مختلف الديانات والمعتقدات يستوعبون انتماءهم الديني؟ الإنسان يعتبر طفلًا طالما لم يتجاوز السن القانونية، الطفل لا نستطيع أن نصنف ديانته لأنه ببساطة لم يختارها بل هو أجبر عليها كما في المجتمعات المتخلفة. سيادة الوزيرة لو كان لديك قدر من الحكمة كُنتي أعطيتي فرصة لهذه الطفلة حتى تصل السن القانوني وتقرر بنفسها ماذا تريد لحياتها. كنت أتمني أن تكوني أكثر تفهمًا في مثل هذه الأمور ولكن للأسف لم تكوني! في المجتمات الشرقية والذين يعولون على الديانات، وإن كانت في الغالب تكون اسمية وشكلية كإثباتها في المستندات الرسمية والبطاقات الشخصية، كثيرين يُولدون في أسر مُسلمة أو مسيحية أو يهودية أو أي ديانة أخرى، ولكن عندما يكبرون ويفكرون لأن الله خلق الإنسان حرًا، وأعطاه عقل يفكر به، يترك ديانتة إن أراد، ويتبع ما يريده، أو يبقي كما هو إذا كان مقتنعًا بديانته. في النهاية عندي ثلاث كلمات لمن يهمه الأمر أولًا: يجب مُساءلة هذه الوزيرة عن هذه الجريمة في حق كاريمان. ثانيًا: بالنسبة لمنظمات حقوق الطفل.. أين حق كاريمان؟ ثالثًا: بالنسبة لكاريمان.. أصلي من أجلك يا طفلتي، أن ترعاك العناية الإلهية.