في مثل هذا اليوم عام 1963، رحل عن عالمنا فنان كوميدي من الطراز الرفيع، ارتبط اسمه بأبو ضحكة جنان؛ فهو الشاويش عطية، الذي طالما أضحكنا بمواقفه مع إسماعيل ياسين، إنه الفنان "رياض القصبجي" الذي تحولت حياته لمأساة. ولد يوم 13 سبتمبر عام 1903 وعمل في بداية حياته كمساري بالسكة الحديد، لكنه قرر الاتجاه للفن فالتحق بفرقة التمثيل الخاصة بالسكة الحديد، وأصبح عضوا بارزا بها ثم انضم لفرق مسرحية عديدة منها فرقة الهواة وفرقة أحمد الشامي وفرقة على الكسار وفرقة جورج ودولت أبيض وأخيرًا فرقة إسماعيل يس المسرحية. ورغم مشواره الفني الذي لا يمكن نسيانه، إلا أنه عاش مأساة كبيرة في أيامه الأخيرة حيث أصيب بشلل نصفي في الجانب الأيسر نتيجة ارتفاع ضغط الدم ولم يستطع أن يغادر الفراش ولم يستطع أيضا سداد مصروفات العلاج. وفي أبريل عام 1962 كان المخرج حسن الإمام يقوم بتصوير فيلم "الخطايا" فأرسل إلى رياض القصبجي للقيام بدور في الفيلم، بعدما سمع أنه تماثل للشفاء وأنه بدأ يمشي ويتحرك، فأراد أن يرفع من روحه المعنوية وكان الدور مناسبا جدا له. حضر "القصبجي" إلى الاستوديو ودخل البلاتوه مستندا على ذراع شقيقته وتحامل على نفسه ليظهر أمام العاملين في البلاتوه أن باستطاعته أن يعمل. لكن حسن الإمام أدرك أن الشاويش عطية ما زال يعاني وأنه سيجهد نفسه كثيرا إذا ما واجه الكاميرا فأخذ يطيب خاطره ويضاحكه وطلب منه بلباقة أن يستريح وألا يتعجل العمل قبل أن يشفي تماما وأنه أرسل إليه لكي يطمئن عليه. الفنان الراحل أصر على العمل وتحت ضغط وإلحاح منه وافق حسن الإمام على قيامه بالدور لكن ما أن وقف بمواجهة الكاميرا حتى سقط في مكانه فحمل إلى بيته وكانت تلك آخر مرة يدخل فيها البلاتوه. وبعد عام من تلك الواقعة لفظ رياض القصبجي أنفاسه الأخيرة عن عمر 60 عاما بعد أن قضي سهرة الوداع مع عائلته وتناول خلالها الطعمية واستمع إلى صوت أم كلثوم الذي يعشقه عبر الإذاعة. وما زاد من مأساته أن أسرته لم تجد ما يغطي تكاليف جنازته وظل جسده مسجي في فراشه ينتظر تكاليف جنازته ودفنه حتى تبرع بكل هذه التكاليف أحد المنتجين.