* ليس هناك ما يسمى بصحافة السوشيال ميديا * العربي لا يؤمن بالمرأة والعالم ونحتاج لثورات تحرر العقول احتفلت نقابة الصحفيين المصرية خلال الأيام القليلة الماضية بيوبيلها الماسي ومرور 75 عامًا منذ إنشائها، من خلال استضافة عدد من نقباء العرب، وهم فلسطين والأردن وتونس والسعودية والإمارات، والاحتفاء بهم وتكريمهم ضمن أعضاء اتحاد النقباء العرب، وكان ل"فيتو" هذا الحوار الصحفي مع نقيب الصحفيين التونسيين ناجي الباجوري، وحدثنا عن الربيع العربي وتداعياته على الدول العربية ومستقبل الصحافة الورقية وكذلك ما وصفها بأمراض العمل الصحفي، وعن مدى استقلالية الإعلام وحياده. *بداية.. تونس كانت صاحبة ضربة البداية في انطلاق ثورات الربيع العربي.. هل اكتمل الربيع العربي؟ واجه الربيع العربي صعوبات كثيرة في مرحلة التحول من الحكم الشمولي الاستبدادي إلى النظام الديمقراطي، فنجد سوريا قد تحول الربيع فيها إلى شتاء، وفي ليبيا إلى خريف حقيقي، وأصبحا ملتقى للإرهاب، ومصر ما زالت تحتاج إلى إرساء مؤسسات الدولة المختلفة، وعلى رأسها المنظومة التشريعية.. أما تونس لا يختلف الأمر فيها عن مصر كثيرًا، إلا أنه يمكن إنقاذ الموقف في مصر وتونس من خلال الفصل بين السلطات وإرساء مؤسسات ديمقراطية للدولة والقضاء على الحكم الاستبدادي وحرية الصحافة، مع ضرورة وجود مؤسسات رقابية على السلطة التنفيذية. *حدثنا عن الداخل التونسي وتداعيات الثورة على الدولة والمجتمع؟ تونس مرت بمراحل كثيرة، في إطار التحول من الحكم الاستبدادي، وبالرغم من صعوبة المراحل، ولكنها كانت طبيعية فكانت هناك انتخابات وأعقبها اختيار حكومة ذات طابع إسلامي، ولم يكن ذلك مفاجئًا لأننا مجتمع متدين بالطبيعة كسائر الشعوب العربية، ولكنهم أخذوا وقتهم ومن ثم رحلوا أيضًا بالصندوق والديمقراطية وتم إبعادهم مرة أخرى عن المشهد السياسي. أما عن ملف الحرية فما زلنا نجد صعوبات في التأكيد ويمكن الجزم أن الحريات منعدمة، ولا يوجد هذا المسمى في بلداننا العربية، سوى حبر على ورق، والنظم العربية لا تعترف أن من حق المواطن أن يعبر عن رأيه بشكل سلمي ولا يمكن منعه، ويجب على الدولة أن تلتزم بقيم الدولة المدنية والسلمية والديمقراطية، وأن تتسع لمختلف التيارات، حتى لا ينتج نمط استبدادي جديد. *إلى الداخل التونسي ومعرفة ما وصل إليه الملف التونسي بخصوص قضية الصحراء الغربية؟ لم يتغير موقف تونس ومازال رهينًا بالاتفاقيات بين المغرب والجزائر ولا زلنا نلتزم بالحياد تجاه القضية. *حضرت إلى مصر للتكريم في اليوبيل الماسي لنقابة الصحفيين ضمن نقباء العرب.. كيف هو موقف السلطة من الصحافة؟ السلطة لديها ضيق نفس من الصحفيين، واليوم العالم العربي بيئة صعبة للصحافة والصحفيين والممارسة السياسية غالبًا تكون في فضاء عام وهو ما توفره لهم وسائل الإعلام والصحافة، والغالبية -حتى لا أقع في فخ التعميم- تعمل صحافة داعية لما يريده الحاكم والحكومة، وعلينا أن نعترف أننا نسقط في بئر المعلومات الخاطئة وهذا يسيء إلينا، لذا من الضروري أن تكون هناك قوانين تحمي الصحفيين وتضمن حقوقهم، وتضمن حرية تداول المعلومات دون قيود. *هل الإعلام العربي مستقل ويقوم بدوره الإعلامي بمهنية؟ الإعلام العربي ليس مستقلاً بالمرة، وذلك يعود إلى مفهوم الدولة للإعلام، فهو في حقيقة الأمر يجب أن يكون ملكًا للشعب ولكن على العكس في العالم العربي فإن السلطة هي من يتحكم في الإعلام، فنجد الإعلام الممول من الدولة بجانب سيطرة أذرع النظام الحاكم في الدولة على الإعلام الخاص، وهو أمر خاطئ تمامًا، ويجرد الإعلام من دوره الحقيقي. *هل هناك إعلام محايد؟ لا وجود لإعلام محايد مائة في المائة بل هناك إعلام يلتزم بالمعايير المهنية التي تتمثل في الدقة والمصداقية والموضوعية، فضلاً عن احترام أخلاق المهنة فلا يمكن قبول الدعوة إلى العنف ونشر الأخبار الزائفة والدعوة إلى خطابات نمطية تدعو للإساءة أو التمييز، ولا يمكن لوم الأجهزة فقط وعلينا -نحن الصحفيين- أن نعي كوننا أصحاب رسالة تدعو إلى التغيير لمجتمع أفضل. *تعيش الصحافة الورقية أزمة خانقة في العالم بشكل عام، هل من الممكن أن تختفي؟ من الصعب أن تختفي لأنها تمثل أرشيفًا حقيقيًا وملموسًا، فنحن في تونس نحاول أن نحافظ على الصحافة الورقية فهي لا يمكن التخلي عنها، ومن أجل الحفاظ على وجودها يجب التركيز على أشياء جديدة والعمل على الصحافة الإنسانية، والتحقيقات الاستقصائية، لأن القراء أصابهم الملل من الأخبار السياسية والأخبار الزائفة المغلوطة، وعلى الصحف الورقية لضمان بقائها أن تغير من طريقة عملها. *عدد من كبار الصحفيين أعرب عن تخوفه من أن تطغى صحافة السوشيال ميديا على المواقع الإخبارية؟ بالرغم من أن وسائل التواصل الاجتماعي باتت ذات تأثير كبير وانتشار واسع، فإن سلبياتها كثيرة، وقولاً واحدًا لا يوجد ما يسمى بصحافة السوشيال ميديا، لأنه سهل التلاعب في الجمهور من خلالها، كما أنها لا تتحلى بالمصداقية ولم تكسب ثقة الجمهور في ما تبثه من أخبار حتى الآن، وهو ما يجعلها لا تستطيع التنافس مع المواقع الإخبارية. *كيف ترى المشهد الليبي في الوقت الحالي بعد رحيل القذافي؟ المشهد الليبي في المرحلة الحالية معقد جدًا فهناك حكومة مفروضة عليهم ولا تحظى بدعم كل الأطراف الليبية وهناك العديد من المليشيات والسلاح المهرب داخل ليبيا، والقوى الإقليمية، بشكل خاص لا أجد حلاً في الواقع، وأرى فيها مستقبلاً كمستقبل العراق وستنقسم إلى مناطق خضراء وزرقاء، وهو ذو خطورة على تونس، ويمثل تهديدًا حقيقيًا لنا، وكذلك الجزائر. *كيف يتعامل العالم العربي مع المرأة؟ نحن نهمش المرأة ولا نمنحها فرصة للتعبير عن نفسها، فالرجل العربي لا يؤمن بالمرأة أو دورها أو قيمتها كإنسانة حرة، وذلك كله يعود إلى ثقافة الجهل والتخلف التي ورثتها أجيال لأجيال من بعدها. *ماذا تحتاج الدول العربية لترتقي إلى صفوف الدول المتقدمة؟ الدول العربية تحتاج إلى ثورات لتحرر العقل، والإيمان بالحرية واتخاذها سبيلاً لتطور البشرية وتقدمها.