يرى الباحث في شئون الجماعات الإسلامية ماهر فرغلى، أن جماعة الإخوان لن تتجاوب مع أية مبادرات تعود بها إلى جادة الصواب، مشددا في حواره مع "فيتو" على أن مبادرة الشيخ كرم زهدى أو مناورة سعد الدين إبراهيم أو غيرهما لن تجد أي صدى داخل صفوف الجماعة التي قال الشيخ محمد متولى الشعراوى عن قياداتها وكوادرها وعناصر وكل من ينتمى إليها: "إنهم يكرهون أن يخرج الإسلام إلا من حناجرهم". وتوقع "فرغلى" أن تستمر الجماعة في غيها وضلالها وعنادها وكراهيتها للدولة المصرية وللشعب المصرى، ولن تتخلى عن منهجها المتطرف العنيف.. وإلى نص ما دار من حوار.. باعتقادك كيف ستتعاطي جماعة الإخوان مع مبادرة الشيخ كرم زهدى؟ لن تلقى دعوة كرم زهدى أو غيره آذانًا صاغية من جماعة الإخوان الآن، ولا تجاوبًا من قياداتها، لأسباب، الأول، أنه لا كرامة لنبى في قومه، وزهدى لا كرامة له في جماعة الإخوان، لأنه كان قائدًا في تيار آخر هو الجماعة الإسلامية، وتم فصله منها بعد ذلك بانتخابات مزيفة، والإخوان لا تقبل أي توجيه من جماعة أخرى، وقائد تم فصله، وهذا قد أوضحه الشيخ الشعراوى رحمه الله من قبل، حينما قال عن قياداتها (إنهم يكرهون أن يخرج الإسلام إلا من حناجرهم). هل جماعة الإخوان مؤهلة بالفعل للتعاطى مع هذه المبادرة؟ الإخوان على مستوى القواعد ومن في السجون مؤهلة تمامًا للمراجعة، إلا أن قاداتها وصفوفها العليا غير مؤهلين، والصورة واضحة، فريقان متنافسان، ومجموعة قامت باختطاف الجماعة، وأقصت القيادات القديمة العواجيز، بحجة أنهم ضيعوا التنظيم ومرسي، وآمنت بتشكيل مجموعات نوعية مسلحة، شاركت بالفعل في أعمال عنف، وأخرى رأت أن المجموعات المسلحة ستقضى على الجماعة، وعادت من جديد لتحكم سيطرتها القديمة، على اعتبار أن لها الحق، وكلًا منهم يتهم الآخر أنه مخترق أمنيًا، حتى وصل العراك بينهما إلى الشكاوى للشرطة التركية، وهذا انشطار حقيقى في الرؤى، بين من يرى وجوب الخروج من هذه الكبوة والنكسة بأى وضع، وبين من يرى الاستمرار على ذات النهج، مما أدى إلى تجذر الخلافات داخل الجماعة، فأصبحت جماعات، والمشكلة الجوهرية أن من يتحدثون الآن عن مراجعات إخوانية، هم العواجيز، ومن في السجون، أما الآخرون فهم الهاربون، فكيف تتم المراجعة إذن؟!! هذا صعب للغاية. أي الأجيال داخل جماعة الإخوان من الممكن أن تتجاوب مع المراجعات الفكرية والتخلى عن منهج العنف والتطرف؟ الشيخ الغزالى قال (الزمن جزء من العلاج)، والواقع سيفرض ذاته على كل الأجيال في الجماعة، التي لا تستطيع أن تبتعد عن المشهد السياسي سنوات أخرى، ولعل ما آخر الإخوان في مراجعاتها هو لعبها خارجيًا، وانتظارها لما يسفر عنه بعض الملفات الإقليمية مثل ليبيا واليمن، فالجماعة أداة في الصراع الإقليمي، ومنذ فترة وجيزة حدثت تحولات في الجماعة دفعتها للاقتراب من السعودية، والابتعاد عن إيران، وها نحن نشهد التحول الحمساوى تجاه مصر، وبالطبع تسعى حماس والإخوان للحصول على مكاسب، منها محاولة تغيير الموقف المصري، وإحراز تغيير في وضع الجماعة بمصر، وإنهاء أزمتها مع النظام من خلال ضغط خليجى ومصالحات إقليمية مع تركيا، فالإخوان تسعى بشتى الوسائل للعودة من بوابة الحاجة العربية والأوضاع الإقليمية والرغبة في صد النفوذ والتمدد الإيراني. ما الفرق بين الجماعة الإسلامية وجماعة الإخوان فيما يتعلق بمثل هذه المبادرة، هل كانت الجماعة الإسلامية أذكى أم أن الإخوان أغبى من أن يفعلوا ذلك؟ الجماعة الإسلامية تشجع قادتها واعترفوا بأخطائهم، أما قادة الإخوان فلا يمتلكون تلك الشجاعة، فضلًا عن أنهم يخطئون في قراءة الواقع، والأخير هو مرض عضال يصيب كل تيارات الإسلام السياسي. هل استفادت الدولة المصرية من مراجعات الجماعة الإسلامية؟ نعم استفادت، حيث إنها أوقفت العنف المسلح الذي استمر أكثر من 10 سنوات، وكان آخرها عملية الأقصر البشعة، وما زالت تستفيد من تلك الحالة، حتى وإن كان البعض منها تخلى عما تراجع عنه. هل يمكن الوثوق أصلا بالإخوان حال إعلانهم الموافقة على القيام بمراجعات فكرية أم الأمر لن يكون أكثر من حيلة للتذاكى والالتفاف للعودة مجددا للمشهد السياسي؟ طبعًا المراجعة ستكون وسيلة للعودة للمشهد، وأعتقد أن الإخوان يجب أن تقدم وتبدى مرونة تجاه السياق العام داخل الدولة، وألا تقف عند المشهد القديم، وتفصل ما بين العمل الحزبى والدعوى، وساعتها لن يشغلنا كثيرًا احتيالها على ذلك، مادمنا أقمنا قواعد حاكمة تحكم الجميع، وتفصل ما بين الجماعة والعمل الحزبى. هل هناك علاقة بين إخلاء سبيل عدد من القيادات الإخوانية وبين تلك المبادرة؟ لا علاقة مطلقًا بين إخلاء سبيل بعض القيادات مثل مجدى أحمد حسين ومجدى قرقر وبين المبادرة، والموضوع لا يعدو كون الدولة بالفعل لا توجد بها اعتقالات سياسية، ولا قانون طوارئ، وكل المسجونين الذين بلغوا أكثر من 30 ألفًا كلهم على ذمة قضايا، وحينما يحكم بالإفراج على أحدهم بالفعل يتم تنفيذ الحكم، ومن ناحية أخرى، كان بيان الرئاسة واضحًا، حينما تحدث عن عودة التائبين من الإعلاميين من الإخوان، طالما لم يتورطوا في العنف، وهذا دليل على اهتمام الرئاسة بالملف الإخوانى، وأنها الآن تبحث عن خطوات جادة لحل المشكلة بطريقة أخرى، غير الأمنية، وأعتقد أن ذلك سيسفر في النهاية عن انشطارات وانشقاقات إخوانية كثيرة، إلا أن ذلك لا يعنى بأى حال من الأحوال أن هناك مصالحة وغيرها مما يتحدث عنه البعض، فهذا يأتى في سياق إفراجات قضائية، وإضعاف جبهة الخارج، وقصفها من الداخل. هل جماعة الإخوان صارت تعانى فعليًا من الانقسامات؟ نعم، تعانى الجماعة من انقسام فعلى، فلأول مرة ينقسم قيادات الجماعة حول الإستراتيجية، وحول قيادة التنظيم، فهناك فريق يرى إستراتيجية الصدام مع الدولة حتى العودة للحكم، وانهيار النظام بفعل الأزمات الاقتصادية، وآخرون يرون التوقف، وكذلك لأول مرة يتم الصراع بهذا الشكل حول القيادة، واللائحة، ومنصب المرشد والأمين العام للجماعة.. ألخ، وهذا كله دليل على أن الجماعة كانت تعانى من عيوب حقيقية هيكلية، وفكرية. هل إخوان تركياوقطر يمكن أن يوافقوا على مثل هذه المبادرة؟ الجماعة للأسف مرتبطة عضويًا ووظيفيًا، بعدد من الدول الإقليمية ومنها تركياوقطر، وهى تؤدى دورها الآن لخدمة أجندات إقليمية، وإخوان قطروتركيا لن يوافقوا على أي مبادرة، حتى تتغير السياسة الإقليمية. هل هذه المراجعات يمكن أن تؤدى لاحقا إلى المصالحة وإنها حالة الغضب بين الدولة والجماعة؟ هذا يتوقف على المراجعات وهل يمكن أن تحصل، وما حجم هه المراجعات، لكن كما قلت، المراجعات لن تحصل الآن، للعوامل التي ذكرناها آنفًا. كيف تنظر إلى المستقبل القريب جدًا للجماعة، وطبيعة علاقتها بالدولة المصرية؟ أعتقد أن الجماعة وما حصل بينها وبين الدولة، هو خير مثل على أنه كيف أن الدول تبتلع التنظيمات والجماعات، وكيف أن عدم الفاصل ما بين الدعوى والسياسي، يؤدى إلى الانهيار، كما أعتقد أن الإخوان سترجع في النهاية، لكن هذا مرتبط بقدرتها على المراجعة، وقدرتها على تحديد تعريف واضح لموقعها تجاه الدولة، وهل هي جزء منها أم أعلى منها، وهل هي جزء من المجتمع أم أعلى مكانة منه، وما علاقتها بالسلطة السياسية القائمة، وهل الإسلام منظومة قوانين ورئاسة، أم الإسلام دين شامل وتام.