أفتى سامح عبدالحميد، القيادي بالدعوة السلفية، بأن ما قامت به الكاتبة فاطمة ناعوت يعد ارتدادا عن الإسلام، بعد أن ازدرت إحدى شرائعه. أما مؤسس اتئلاف «خير أمة» السلفي، ناصر رضوان، فقد صرح بأن العقوبة ليست بحجم الجرم الذي ارتكبته «ناعوت». القيادي السلفي الأول يكفر ناعوت ويؤكد أنها ارتدت عن دين الإسلام، والثاني يعلن أن الحكم الصادر بحبسها ثلاث سنوات لا يتناسب مع الجريمة التي ارتكبتها وهي محاربة الإسلام. هل هناك دعوة أوضح من ذلك لإعدام أو حرق فاطمة، بعد أن أصدر شيوخ السلفية الحكم بتكفيرها.. ما يقتضي ضمنا تطبيق الحدود عليها. تلك الفتاوى تكاد تكون نفسها التي صدرت لتكفير المفكر فرج فودة، والتي دفعت إلى اغتياله بيد شاب جاهل لم يقرأ سطرا واحدا من مؤلفات المفكر الكبير.. وكانت فتاوى التكفير وراء محاولة اغتيال صاحب نوبل، الأديب العالمي نجيب محفوظ، عندما صدرت الفتوى بتكفيره من شيوخ السلفية، وقام أحد الشباب بطعنه بسكين.. وأقر المجرم أمام النيابة بأنه لم يسبق له أن قرأ روايات محفوظ. وكم من الجرائم ترتكب باسم الدفاع عن الإسلام، والإسلام منها بريء تماما. توقع المصريون أن تتوقف فتاوى التكفير بعد ثورة 30 يونيو، وما صدر عنها من وثائق تشير إلى أن مصر دولة مدنية وليست دينية، كما ورد في دستورها.. وما أعلنه رئيسها الذي طالب بتجديد الخطاب الديني.. وحمل مؤسسة الأزهر مسئولية إحداث ثورة حقيقية تستهدف تطوير هذا الخطاب، ما يتعارض مع قانون ازدراء الأديان الذي صدر وفق نصوصه الحكم بسجن إسلام بحيري وأحمد ناجي وفاطمة ناعوت، ولا أحد يعرف من سيقع عليه الدور من المثقفين والكتاب والأدباء والإعلاميين، خاصة أنه أصبح من حق أي مواطن أن يقيم قضية على أي كاتب أو شاعر أو إعلامي ويتهمه بازدراء الأديان ليساق إلى السجن، يحدث هذا بالمخالفة للدستور الذي ينص على كفالته الحريات وعدم وجود عقوبات ماسة بها. وقد أشار الكاتب الكبير محمد سلماوي إلى أن المسألة أكبر من مجرد حكم صدر ضد شاعرة وكاتبة، وإنما هي في الحقيقة تمثل ازدراء لدعوة تجديد الخطاب الديني، ولا يصح أن يكون هذا التجديد، بتطبيق قوانين بالية تؤسس للدولة الدينية.. بينما الدستور ينص على عكس ذلك. ضرورة إصدار قوانين جديدة تلغي القوانين البالية التي تضع قيودا على حرية الفكر، هي مهمة يتحمس لها العديد من أعضاء مجلس النواب.. ويبقى أن يكون لها الأولوية وأن تحظى بمساندة أغلبية النواب.