إذا نظرت لحال المسلمين في هذه الأيام فيجب أن تتعجب وتضرب كفا بكف، أما إذا نظرت لحال النخب التي تقود الأمة والصفوة التي تشكل مشاعرها وأفكارها فإنك حينئذ يجب أن تضرب وجوههم بكفك ولا تأخذك شفقة ولا رحمة بهم ، ذلك أنهم لم تأخذهم الشفقة بأمتهم ولم تتملك الرحمة قلوبهم وهم يقولون أمرا ويفعلون غير ما يقولون ، يرفعون رايات الفضيلة ويمارسون الرذيلة في مشهد غرائبي فريد من نوعه ، هذا المشهد العجائبي الذي تغوص فيه الصفوة من نخبتنا يؤكد أن أمتنا وقعت منذ زمن في دائرة ( الردة الحضارية ) بعد أن كانت تقود العالم من منطقة ( الأستاذية ) وإذا أردنا أن نعرف سبب هذه الردة الحضارية أو بالأحرى هذا الوهن الحضاري فيجب علينا أن نستبصر هذا المرض الذي أصاب هذه الأمة فأزاحها عن أستاذيتها وأبعدها عن تفردها ، ثم يجب علينا بعد ذلك أن نستشرف وسائل مواجهة هذا المرض.. الذي اخترق ضلوع الأمة وعظامها ، مرض التناقض بين القول والفعل ، فنحن حاليا أمة القول الحسن والفعل السيئ .... لذلك ولخطورة هذا الأمر فإن الله سبحانه وتعالى حذرنا من هذه الآفة فقال في كتابه الكريم ( يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون * كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون ) وقال أيضا ( أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم وأنتم تتلون الكتاب أفلا تعقلون ) .. ونجد الرسول صلى الله عليه وسلم يربي الأمة كلها على منهج الاستقامة والتطابق بين الفعل والقول فيقول لنا في الحديث الشريف معلما وموجها ومربيا ( من لم تنهه صلاته عن الفحشاء والمنكر فلا صلاة له ) ثم يضع الرسول صلى الله عليه وسلم لنا تحذيرا واضحا من تلك الآفة حيث يقول (من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه ).. .. ليت الناس يدركون خطر هذا المرض فيبترونه ويفضحون من يقع في هذا المسلك المعيب الذي هدم القدوة في عيون الشباب وجعل الأمة تقف على طرفي نقيض .. إلا من رجال يتضامنون معي لقطع دابر المنافقين الذين يتسربلون بثياب الوطنية ، والوطنية لا تعرفهم ، والأمانة ليست من شيمتهم