إذا نظرت لحال المسلمين في هذه الأيام, فيجب أن تتعجب, وتضرب كفا بكف، أما إذا نظرت لحال النخب التي تقود الأمة, والصفوة التي تشكل مشاعرها, وأفكارها, فإنك حينئذ يجب أن تضرب وجوههم بكفك, ولا تأخذك شفقة ولا رحمة بهم، ذلك أنهم لم تأخذهم الشفقة بأمتهم, ولم تتملك الرحمة قلوبهم وهم يعبثون بنا . هذا المشهد العجائبي الذي تمر به أمتنا, أو يغوص فيه الصفوة من نخبتنا, يؤكد أن أمتنا وقعت منذ زمن في دائرة (الردة الحضارية), وإذا أردنا أن نعرف سبب هذه الردة الحضارية, أو بالأحرى هذا الوهن الحضاري, فيجب علينا أن نستبصر هذا المرض الذي أصاب هذه الأمة, فأزاحها عن مكانتها, وأبعدها عن تفردها، ثم يجب علينا بعد ذلك أن نستشرف وسائل مواجهة هذا المرض.. هذا المرض الذي اخترق ضلوع الأمة وعظامها، مرض التناقض بين القول والفعل، فنحن حاليا أمة القول الحسن والفعل السيئ . فنحن أمة «سورة الحديد» تلك السورة التى أنزلها الله على رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم فى القرآن الكريم، إلا أننا -للأسف الشديد ونحن أمة «سورة الحديد»- لا نحسن التعامل حتى مع الصفيح, وتركنا التعامل مع الحديد للأمم الأخرى, وأخذنا نتفرج عليهم, ونصفق لهم إعجاباً بمهارتهم, وأصبحت علاقتنا بالحديد هي مجرد رفع أسعاره . ونحن أمة «إتقان العمل» إذ قال رسولنا صلى الله عليه وسلم «إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه» ومع ذلك فإن أكبر آفة أصابتنا هى الإهمال والتراخى وعدم إتقان العمل، تدخل إلى مصنع ما فتجد الجميع وقد اصطفوا وقت الصلاة ليسجدوا لله جماعة فتظن أننا فى عصر "النهضة" فإذا حظنا من «النهضة» هو أن ينهض المصلون من صلاتهم ليدخلوا إلى أماكن الإنتاج, ليجلسوا أمام عجلة الانتاج «العطلانة» ثم "ينهضون" بعد ذلك إلى بيوتهم . ونحن أمة الأمانة فقد أمرنا الله سبحانه وتعالى أن نؤدي الأمانات إلى أهلها, ومع ذلك ضيعنا الأمانات وأضعنا أهلها , ولم تعرف أجيالنا من الأمانة إلا أغنية كارم محمود (أمانة عليك يا ليل طوّل وهات العمر م الأول) ولأننا نحسن القول فقط فستجد فينا من يدعي الوطنية, ويصرخ في مجلس الشعب من فرط وطنيته, حتى تكاد عروقه تصبح من الضخامة مثل خرطوم الفيل ، فإذا بحثت عن وطنيته تجد أن كل علاقته بالوطنية أنه يملأ تانك سيارته " الهامر " آخر موديل من محطات بنزين «وطنية » الخاصة بالقوات المسلحة . وهؤلاء الذين يدعون الدين, والدعوة, ويزعمون أنهم أهل الحق ، ومع ذلك فهم يكذبون, ويدخلون في مؤامرات, يبيعون فيها آخرتهم بدنياهم ، هؤلاء الذين يزعمون الحق تجدهم لا يعرفون من الحق إلا أغنية عبد الحليم حافظ ( الحق عليا إني طاوعتك .. كداااب ) ويقال إن أحد أعضاء جماعة " الحكم قبل الدين " كان طالبا فى كلية الآداب قسم اللغة العربية, فوقف ليجيب على سؤال فى امتحان الشفوى عن معنى كلمة "ينابيع" فقال "عندما أصبح عضوا بمكتب الإرشاد ينا بيع يا المرشد يبيع"!!!