يد الطبيعة شكلت من رمالها ذات الحبات البيضاء المخلوطة بقليل من الصفرة لوحة فنية فائقة الجمال تشبه عقدًا نُظم من أثمن أحجار اللؤلو المطعم بالذهب الخالص ووضع حول عنق حسناء تتشوق لرؤيتها العيون، ناهيك عن دفء مياهها المصبوغة باللون الأزرق، الذي جعل من منطقة «البلو هول» الكائنة بمدينة دهب في محافظة جنوبسيناء مقصدًا لعاشقى المتعة والتحدى. «البلو هول»، جزيرة تقع في أعماق البحر الأحمر على شواطئ مدينة دهب، ويتجاوز قطرها 50 مترًا، وعمقها 100 متر، ورغم أنها تقع بأكملها داخل البحر الأحمر، فإنها تعد جزيرة مستقلة بذاتها، حيث يفصلها عنه 4 سواتر رملية تكونت بفعل عوامل الطبيعة منذ أزمنة مضت، ولا يصل بينهما سوى فتحة صغيرة عرضها 6 أمتار تعرف ب«السرج» ومنها يتجدد شباب مياهها الزرقاء كل لحظة. ويؤكد مشايخ البدو في جنوبسيناء، أن تلك المنطقة تكونت منذ حقب زمنية متباعدة، عقب اصطدام «مذنب» ضخم بالأرض، وهو ما خلف حفرة عميقة في وسط البحر الأحمر عرفت ب«الثقب الأزرق»، أو «البلو هول». ويتميز «البلو هول»، بكونه واحدًا من أفضل المراكز العالمية لممارسة رياضة الغوص -طبقًا للتصنيف العالمى في هذا المجال- وهو ما أهله لأن يصبح وجهة معتمدة دوليًا لراغبى «الفرى ديفنج» أو القدرة على الوصول لأعماق معينة دون استخدام أدوات الغطس، بالإضافة إلى تصنيفه كمحمية طبيعية. ويؤكد عبد المؤمن عبد الله أحمد –أحد شباب البدو الذين يمتلكون إحدى الكافتيريات السياحية بمنطقة «البلو هول»- أن البدو اعتبروا هذه المنطقة هبة السماء إليهم، لذلك عملوا خلال مئات السنوات الماضية على منع وصول أي سيارات أو وسائل نقل حديثة إليها، وكان الترجل أو ركوب الجمال سبيلى الوصول الوحيدين إليها، والهدف من ذلك هو الحفاظ عليها من أي تلوث صناعى، خاصة بعدما شاهدوه من نمو الشعاب المرجانية النادرة في أعماقها والتي تحتاج لبيئة صحية وخالية من أي ملوثات للبقاء على قيد الحياة. ول«البلو هول» قدسية من نوع خاص عند البدو منذ قديم الأزل، هذا ما يوضحه عبد المؤمن عبد الله، فهم يخلون فيها إلى أنفسهم أثناء الليل للحصول على الراحة والصفاء الذهنى والتغلب على مكدرات الحياة، ولهم في ذلك طقوس خاصة اعتادوا على ممارستها، حيث يتجمع العشرات منهم بعد مغيب الشمس ويفترشون الرمال موجهين أنظارهم إلى السماء ويظلون على هذا الوضع حتى طلوع الشمس ثم يغادرون المكان. وتمثل «البلو هول» للمصريين والأجانب سحر الطبيعة وفتنة جمالها بكل ما تحمله من معانٍ -والكلمات ل»حميد جميع موسى» المرشد السياحى بمدينة دهب- واصفًا بها شعور الوافدين إلى هذه المنطقة، حيث تأسرهم رحلات الغوص التي يعيشون خلالها ساعات من المتعة الممزوجة بالتحدى مستمتعين بمشاهدة الشعاب المرجانية التي لا يوجد لأنواعها مثيل في العالم، كما أن أسعار الإقامة المنخفضة إلى حد كبير مقارنة بأى مكان سياحى آخر تشجعهم على مضاعفة المدة التي كانوا ينوون بقاءها، يعبر «حميد جميع» عن مخاوفه من اختفاء سحر «البلو هول»، عقب تعرضها لإهمال ممنهج، نتج من غياب دور المسئولين بمحافظة جنوبسيناء –حسب وصفه- حيث سُمح في الآونة الأخيرة بدخول السيارات إلى هذه المنطقة، وهو ما يشكل خطرًا جسيمًا يهدد بموت الشعاب المرجانية النادرة النابتة في أعماق «البلو هول» جراء السموم المنبعثة من عوادم تلك المركبات. وبالرغم من وجود قرار فإن الكثيرين باتوا في الأشهر الأخيرة يرفضون الالتزام بالتعليمات وترك سياراتهم بداخلها، والأكثر خطورة هو قيام مالكى تلك السيارات بالتخلص من عوادم الزيت في مياه «البلو هول»، في ظل غياب تام من مسئولى وزارتى «البيئة والداخلية» ومحافظة جنوبسيناء.