يعتقد الكثير من الأمريكيين أن افتتاحية 1812 لتشايكوفسكي تبرز انتصار قواتهم ضد القوات الإنجليزية إبان حرب التحرير الأمريكية في عام 1812، أيضًا في شبه الجزيرة العربية عندما علم صديقي السعودي بوجود افتتاحية موسيقية بهذا الاسم؛ إعتقد إنها مُهداه لنصر إمارة الدرعية في معركة محدودة سُميت "بوادي الصفرا" على القوات المصرية بقيادة طوسون باشا، ولكن تشايكوفسكي بإفتتاحيته 1812 أراد أن يرسم لوحة لمعركة غيرت التاريخ الأوروبي الحديث.. معركة "بورودينو". في شتاء عام 1812 قاد نابليون بونابرت حملة عسكرية ضخمة قاصدًا الأراضي الروسية مُستهدفًا تركيع قيصرها أليكسندر الأول والسيطرة على كامل أوروبا، التقى الجيشان بالقرب من "بورودينو" فسُميت المعركة بهذا الاسم.. ودارت معارك ضارية بين الجيشين الفرنسي والروسي الأول بقيادة "بونابرت" والثاني يقوده الجنرال" كوتوزوف". لم تكن "بورودينو" المعركة الأولى أو الأخيرة التي تشهد إقتتال أوروبي حيث دُنس الشرف الأوروبي وسالت دماء صناع الحضارة والتاريخ لأهواء بعض المهاويس من عُشاق المجد والنفوذ، حيث ألهمت هذه المعارك والحروب؛ مثقفي أوروبا ليكتبوا أعمالًا أدبية ومؤلفات موسيقية تُخلد هذه الأحداث التي غيرت التاريخ ومثلت نقطة تحول من حيث ظهور أو إندثار إمبراطوريات وتغيير الخريطة السياسية والجغرافية في القارة الأوروبية. ألّف الموسيقار الروسي بيتر إليتش تشايكوفسكي افتتاحية 1812 ليُخلد نصر بلاده على فرنسا في معكرة "بورودينو" عام 1812 وليُجسد ملحمة روسية خالصة إمتزجت فيها جميع الطبقات وتوحدت روسيا لصد العدوان الفرنسي بقيادة "نابليون بونابرت".. إستخدم تشايكوفسكي الألحان الفرنسية في بعض الأحيان للسخرية من فرنسا والتقليل من شأن حملتهم التي فشلت في دخول روسيا، حيث إقتبس ألحانًا من السلام الوطني الفرنسي "لو مارسلياز" الذي يجسد عظمة وكبرياء الحضارة الفرنسية وتعمد أن يتبعها بألحان روسية خالصة بنغمة أعلى ليُبرهن على سمو وعُلو شأن الحضارة الروسية وانتصار الروس ونجاحهم في هزيمة الحملة الفرنسية على روسيا. في أحيانِ عديدة نجد أن تشايكوفسكي قام بمزج الألحان الروسية التقليدية وبعض الأغاني الشعبية من القوقاز بألحان مُقتبسة من السلام الوطني الروسي في ذلك الوقت "الرب يحفظ القيصر" ليؤكد على وحدة الشعب الروسي بجميع طوائفة ضد الفرنسيين. افتتاحية 1812 تُبرهن وتؤكد على ثراء التاريخ الروسي وخصوصية العلاقة بين التاريخ والموسيقى حيث أن الموسيقى الكلاسيكية أرّخت في عديد من الأعمال أحداثًا تاريخية فاصلة، وبدون شك فقد نجح تشايكوفسكي في رسم تلك اللوحة وتخليد انتصار أجداده في معركة "بورودينو". في العصر الحديث وتحديدًا في الثلاثين من شهر أبريل من عام 1945؛ نجح الجنود الروس بمعاطفهم المُميزة المصنوعة من أصواف ماشية "أولان باتور" وعلى أنغام "كاتيوشا" و"قوارب الفولجا" وبروح أجدادهم في معركة "بورودينو" بعد قرون من الحروب المدمرة في أوروبا؛ في دخول برلين معقل النازية والقضاء على عدو أوروبا الأخطر في تاريخها وتحرير أوروبا من براثن النازيين لتضع روسيا حد للمجازر والإبادات. لتكن افتتاحية 1812 درسًا لصناع السياسة في أوروبا وروسيا أن الخلافات في هذه القارة التي عكفت على نشر العلم والثقافة على مدى قرون؛ لن يتم حلها أبدًا بقوة السلاح وإراقة الدماء وأيضا ليعرف الأمريكيون وصديقي السعودي مُبتغى تشايكوفسكي الحقيقي من تأليف افتتاحية 1812.