السيسي يوجه بمواصلة جهود تحسين أحوال الأئمة والخطباء والدعاة وتزويد النشء بالمعارف الدينية الصحيحة    أيمن عطية: 3500 فرصة عمل جديدة للشباب في ملتقى توظيفي ضخم بنادي قليوب    الكرملين: موسكو تتطلع لأن تتيح القمة الروسية الأمريكية فرصة لدفع عجلة التسوية في أوكرانيا    ألكسندر أرنولد يعود لتدريبات ريال مدريد.. وقد يتواجد في قائمة لقاء يوفنتوس    أموريم: هاري ماجواير كان مثالا يحتذى به أمام ليفربول    إصابة 10 أشخاص في تصادم مروع على طريق القاهرة – الفيوم    مصرع شخص وإصابة 6 آخرين إثر انقلاب سيارة من أعلى كوبرى بكفر الدوار بالبحيرة    محمد شريف يغيب عن الأهلي 3 أسابيع ومحاولات لتجهيزه للسوبر المصري    حكومة أبوظبي تطلق أول موظف حكومي ذكي في العالم    ورش عمل مشتركة بين جامعة حلوان والجامعة الأوروبية بألمانيا لتعزيز تدويل التعليم    ندوة بصيدلة قنا تناقش مكافحة الإدمان    أبرز تصريحات شريف عرفة خلال ندوته بمهرجان الجونة السينمائي    غدا.. مفوضي القضاء الإداري تودع رأيها في طعون مرشحي انتخابات مجلس النواب (تفاصيل)    القناة 12 الإسرائيلية: فتح معبري "كرم أبو سالم" و"كيسوفيم"    القاهرة الإخبارية تكشف فعاليات اليوم الثاني والختامي من مؤتمر أسوان للسلام والتنمية المستدامة    مدرب المغرب: لم أتمكن من النوم قبل نهائي كأس العالم للشباب    بعد الكشف عن استهداف ترامب.. كم مرة تعرض الرئيس الأمريكى لتهديد الاغتيال؟    عائشة معمر القذافى تحيى ذكرى اغتيال والدها: فخر المسلمين والعرب    إسرائيل تهنئ رئيسًا جديدًا لدولة قطعت العلاقات معها بسبب حرب غزة    شركة مياه مطروح تنفذ سلسلة ندوات توعوية بمدارس المحافظة    «الفاصوليا» ب25 جنيهًا.. استقرار أسعار الخضروات في المنيا اليوم الإثنين 20 أكتوبر    «نقابة العاملين»: المجلس القومي للأجور مطالب بمراجعة الحد الأدنى كل 6 أشهر    تقارير: اتحاد جدة ينهي تجديد عقد نجم الفريق    روح الفريق بين الانهيار والانتصار    موعد مباراة الأهلي والاتحاد في الدوري.. والقنوات الناقلة    سيدات يد الأهلي يبحث عن لقب إفريقيا أمام بترو أتلتيكو    ميناء دمياط يستقبل 11 سفينة ويشهد حركة تجارية ونقل بضائع قياسية    ليه الهيئة قالت لأ؟ التفاصيل الكاملة لرفض عرض «ساجاس» على «السويدي إليكتريك»    البورصة تواصل الصعود في منتصف جلسة تداولات اليوم بمشتريات مؤسسات محلية    درجات الحرارة تعاود الارتفاع.. بيان مهم من الأرصاد يكشف حالة الطقس غدًا    والد الطفل المتهم بقتل زميله بالإسماعيلية ينفي اشتراكه في الجريمه البشعه    ضبط 3 أشخاص بالمنيا تخصصوا في النصب على أصحاب البطاقات الائتمانية    مراقب برج ينقذ سيدة من الموت أسفل قطار في المنيا    تشغيل 6 أتوبيسات جديدة بخط الكيلو 21 لتيسير حركة المرور أوقات الذروة    وزارة الزراعة تستضيف التدريب الوطني للبرنامج الأفريقي للصحة النباتية    لليوم الثاني على التوالي.. متحف اللوفر مغلق غداة عملية السرقة    هاني شاكر يُشعل مسرح الأوبرا بأغنية "نسيانك صعب أكيد" والجمهور يشاركه الغناء| صور    محافظ الجيزة: الانتهاء من تطوير 14 محورا حول الأهرامات والمتحف الكبير    أسماء جلال تتصدر تريند "جوجل".. لهذا السبب    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 20-10-2025 في محافظة الأقصر    اليوم العالمي لهشاشة العظام.. ما أهمية الكالسيوم للحفاظ على كثافته؟    الدكتور مجدى يعقوب للقاهرة الإخبارية: منتدى أسوان منصة سلام وتنمية لإفريقيا    هشام جمال: "حفل زفافي أنا وليلى كان بسيط"    فى احتفالية 50 سنة على مشوارها الفنى..نجيب وسميح ساويرس يقبلان يد يسرا    باكستان ترسم الخطوط الحمراء: لا سلام دون أمن    دار الإفتاء توضح حكم تصفح الهاتف أثناء خطبة الجمعة    الأمين العام الجديد لمجلس الشيوخ يعقد اجتماعا لبحث آليات العمل    هيئة الدواء تحذر من تداول عبوات مغشوشة من دواء "Clavimox" مضاد حيوي للأطفال    مدير تعليم أسيوط يفتتح بطولة كرة القدم والشطرنج بالمحافظة    في زيارة مفاجئة.. وكيل صحة شمال سيناء يتفقد مستشفى الشيخ زويد    حظك اليوم الإثنين 20 أكتوبر 2025.. وتوقعات الأبراج    مواقيت الصلاة اليوم الإثنين 20 أكتوبر 2025 في بورسعيد    وزير الصحة يبحث خطة تطبيق منظومة التأمين الصحي الشامل في المنيا    نحافة مقلقة أم رشاقة زائدة؟.. الجدل يشتعل حول إطلالات هدى المفتي وتارا عماد في مهرجان الجونة    صححوا مفاهيم أبنائكم عن أن حب الوطن فرض    ملخص وأهداف مباراة المغرب والأرجنتين في نهائي كأس العالم للشباب    د. أمل قنديل تكتب: السلوكيات والوعي الثقافي    سهام فودة تكتب: اللعب بالنار    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



جمهورية "بيلارس"
نشر في فيتو يوم 26 - 12 - 2012

عرف التاريخ قديماً وحديثاً جمهوريات لا وجود لها بشكل حقيقي في الواقع، منها "جمهورية أفلاطون"، التي يتولاها الفلاسفة والحكماء، أما الشعراء فهم مطرودون منها، و"جمهورية فرحات"، وهي مسرحية ليوسف إدريس، وكذلك "جمهورية الصمت"، لجان بول سارتر التي أراد التعبير من خلالها عن مكابدات بلاده تحت الاحتلال الألماني.
لهذا لا بأس أن نضيف إلى هذه السلالة الرمزية من الجمهوريات واحدة أخرى بعنوان جمهورية "بيلارس"، وبيلارس هي مدينة أسطورية من نسج خيال الشاعر بريخت، تصوّر أنها "يوتوبيا"، محررة من الشقاء والظلم فإذا وصل إليها الأعمى يبصر وفيها يُشْفى الأبرص، ويصبح الفقير المعدم موسراً، أما المحرومون فإن نهاية حرمانهم تكون عند بلوغ بواباتها، لكن ما إن يتمادى الشاعر في وصف هذا الفردوس أو الجمهورية المثالية، حتى يصله نبأ صادم وهو أن مدينة بيلارس أصابها الزلزال ودمرها.
إن أسوأ ما يقع فيه أي حراك إنساني يسعى إلى التغيير ونُشدان الأفضل هو المبالغة في الوعود، بحيث ما إن ينتصر الحراك ويحدث التغيير حتى تصبح الوعود كلها عُرقوبية.
الثورة الفرنسية في بداياتها الربيعية كانت بيلارس، لكن سرعان ما أكلت أبناءها واستطالت مخالبها إلى أحفادها، وثورة أكتوبر الروسية صوّرها شعراؤها والمبشّرون بها فردوساً يشبه بيلارس الأسطورية، حيث لا جوع ولا برد ولا حرمان، لكن بعد مرور أقل من ثمانين عاماً هوت المعاول على تماثيل رموز تلك الثورة، وفرّ من البلاد علماء من طراز زاخاروف وأدباء ومفكرون مثل سولجنستين وبرودسكي وباسترناك مؤلف رواية "دكتور زيفاكو"، التي تحولت إلى فيلم عالمي شهير.
وعالمنا العربي لا يشذّ عن هذه القاعدة، ليس بسبب فساد مزمن في حركات التغيير أو نقص في الحلم والكفاءات القادرة على ترجمته إلى واقع، بل بسبب الإفراط في الوعود، بحيث ما إن يتحول الحراك أو الثورة إلى نظام بديل حتى تصبح الأحلام كوابيس، وما حدث من حراك في العديد من الأقطار العربية بدءاً من تونس ومروراً بمصر قدم نماذج من الإفراط في الوعود.. فتهيأ الفقراء لخلع أسمالهم ومغادرة العشوائيات إلى أحياء نظيفة، واستعد المرضى للعلاج الذي طالما عجزوا عنه لضيق ذات اليد وغياب الرعاية الصحية.
وثمة من تصوروا أن الحراك سوف يخفض من درجات الحرارة صيفاً ويضاعفها شتاءً من أجل الدفء، أما ثالوث الرغيف والعدل والمساواة في الحقوق والواجبات فقد تحول إلى هرم من البطالة والانتظار والاقتراب من تخوم اليأس.
ذلك كله لم يحدث بسبب التغيير بل في التصورات المبالغ بها كما سيحدث بعده، بحيث بدت العواصم التي تعج بالفقر والزحام والبطالة وكأنها "بيلارسات"، قادمة في الطريق وانتهى الفصل الأول من الدراما بما انتهى إليه، فالعرب لم يعودوا عربيِن فقط بل أعراباً، والأطراف التي كانت تعبّر عن الاختلاف بالكلام والسجال السياسي الأعزل، أصبحت تتخندق وتتسلح وتستخدم كل مفردات قاموس الهجاء ضد بعضها.
فلا الفقير وجد الرغيف، ولا المرتهن تحرّر، ولا المظلوم أنصفته العدالة الموعودة، ذلك بأن الوعود أطلقت بالمجان وما من ضريبة على الكلام كما يقال.
"بيلارسات"، العرب لم يصبها الزلزال مثلما حدث لجمهورية بيلارس، لكن الأعاصير هبّت عليها من كل الجهات وإن كانت الجهة الأقسى هي الأرض التي يقف عليها الجميع، فقد نسوا أنها لهم بالتساوي وأنها الأحق بكل الطاقات والوقت كي تُرمم ما قُضِم منها، وما تقاسمه سماسرة السياسة وحيتان الفساد العميق من لحمها وعظمها ودمها.
حبذا التواضع ولو قليلاً في الوعود بحيث لا نصور الغد بأنه بيلارس السحرية كي لا نفقد مصداقيتنا، ونكرر حكاية الراعي والذئب بشكل أشد مأساوية.
نقلاً عن الخليج الإماراتية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.