الدستور ألزم الحكومة والأجهزة الرقابية بإطلاع الشعب على كافة الحقائق جاء حكم القضاء الإدارى بإلغاء قرار النائب العام، بحظر النشر في قضية تزوير الانتخابات الرئاسية، التي أجريت في عام 2012 وفاز فيها المعزول محمد مرسي بمنصب رئيس الجمهورية، ليثير الجدل حول قواعد حظر النشر في مختلف القضايا، خصوصا وأن المحكمة أكدت في حيثيات حكمها، أن للصحافة والإعلام بشكل عام، الحق في الحصول على المعلومات الصحيحة ونقلها إلى الرأى العام بأمانة وشفافية تامة المثير في الأمر هو أن النائب العام أصدر قرارا جديدا بحظر نشر أو تداول أي معلومات، عن تقرير لجنة تقصى الحقائق التي شكلها الرئيس عبد الفتاح السيسي، للتحقيق فيما ذكره المستشار هشام جنينة رئيس الجهاز المركزى للمحاسبات، عن حجم الفساد في مصر والذي قدره ب«600» مليار جنيه، بداعى أن عرض تفاصيل التحقيقات في هذا الموضوع من شأنه التأثير على التحقيق، والإضرار بمصالح البلاد.. القرار الجديد أثار هو الآخر عاصفة جديدة من الجدل، خصوصا وأن النيابة العامة لم تبدأ بعد التحقيق فعليا فيما ذكره «جنينة» أو فيما تضمنه تقرير تقصى الحقائق، وهو ما فسره البعض بمحاولة «قطع الطريق» على رئيس المحاسبات، ومنعه من تقديم أو نشر أي مستندات تعزز موقفه في هذه القضية.. ترى إلى أي مدى تنطبق حيثيات حكم رفع حظر النشر في قضية تزوير الانتخابات الرئاسية في 2012، على قرار حظر النشر في تقارير الفساد الأخيرة؟ هذا ما تجيب عنه «فيتو» في السطور التالية. في البداية أكد مصدر قضائى رفض الإفصاح عن هويته، أن المواطن المصرى له كامل الحق في معرفة ما يدور في البلاد، ولا بد من إطلاعه على كافة الحقائق فيما يتعلق بالقضايا المختلفة، خصوصا المرتبطة بشكل مباشر بحياته مثل قضايا الفساد، ومن ثم فإن وسائل الإعلام المختلفة لها كامل الحق في نشر الوقائع بدقة وموضوعية، دون تعديل أو تحريف، انطلاقا من دورها المهم في «تنوير الرأى العام، وحظر النشر في قضايا بعينها من شأنه إثارة البلبة وإطلاق الشائعات، وربما يذهب البعض إلى تبريره برغبة جهات معينة في «التعتيم» على الحقائق، أو التستر على الفاسدين، أو الخوف من إحراج الحكومة إذا كان أحد أعضائها أو مسئول كبير بها متورطا في مثل تلك القضايا.. المصدر أضاف: «بالنسبة لحيثيات حكم إلغاء حظر النشر في قضية تزوير الانتخابات الرئاسية التي أجريت في 2012، فإنها تطبق إلى حد بعيد على قرار حظر النشر الذي أصدره النائب العام في وقائع الفساد التي تحدث عنها المستشار هشام جنينة.. حيث جاء في تلك الحيثيات: «الأخبار والمعلومات التي تخص الشأن العام تعتبر من أدوات تشكيل الرأى العام، وأن للمواطنين ولوسائل الإعلام الحق في اللجوء لمصادر المعلومات الصحيحة للحصول عليها وتداولها ونقلها».. والفساد الذي تحدث عنه رئيس المركزى للمحاسبات، وحققت لجنة تقصى الحقائق فيه، هو شأن عام من الدرجة الأولى، لأنه يؤثر بشكل مباشر على حياة المواطنين، ومن ثم فإن لهم الحق في معرفة كافة الحقائق عن القضية، وهذا لن يتحقق إلا من خلال الجهات المختصة التي تمتلك المعلومت الصحيحة، وهذه الجهات قطعا ستمتنع عن تقديم أي معلومات استنادا لقرار حظر النشر، ومن ثم فالنتيجة الحتمية هو انتشار الشائعات التي ربما تضر بالقضية ضررا بالغا».. ورأى المصدر القضائى أن حظر النشر في وقائع الفساد التي تحدث عنها المستشار هشام جنينة، ربما يخالف الدستور المصرى في ثلاث مواد هي «217» والتي أشارت إلى ضرورة نشر تقارير الأجهزة الرقابية على الرأى العام خلال مدة معينة.. والمادة «218» والتي ألزمت الدولة بمكافحة الفساد، وتعزيز قيم النزاهة والشفافية في هذا الشأن.. والمادة « 68» والتي تكفل للمواطنين الحق في الحصول على البيانات والعلومات، ويلزم الدولة بإعلانها بشفافية تامة. وقال المصدر إن محكمة القضاء الإدارى أكدت في حيثيات الحكم المشار إليه أن حجب المعلومات الصحيحة من مصادرها الرسمية، له آثار سلبية جمة حيث قالت: «محتوى الإعلام يؤثر في الرأى العام، فإذا كانت مادة الإعلام صحيحة وصادقة في أخبارها ومعلوماتها أدرك الرأى العام حقيقة ما يجرى إدراكًا سليمًا، أما إذا حُرمت وسائل الإعلام من المعلومات والأخبار الصحيحة فإن ذلك ينعكس سلبًا على الرأى العام.. كل مساحة تخلو في وسائل الإعلام من المعلومات والحقائق تمتلئ بالأكاذيب والأضاليل، وكل خصم من العلم الصحيح بالحقائق يؤدى إلى زيادة الجهل والانتقاص من الوعى العام، ويؤدى إلى عدم مصداقية وسائل الإعلام ويصرف الناس عن متابعة الشأن العام، كما يجرد وسائل الإعلام من تأثيرها الإيجابى في الدفاع عن حقوق وحريات المواطنين وتبنى قضاياهم»، ولذلك لم يكن غريبا أن تقام دعوى قضائية جديدة أمام محكمة القضاء الإدارى، تطالب بإلغاء قرار النائب العام رقم «75» لسنة 2016، الخاص بحظر النشر في تقرير الجهاز المركزى للمحاسبات الخاص بوقائع فساد.. واختصم صاحب الدعوى النائب العام بصفته، مطالبا في الشق المستعجل بوقف تنفيذ حظر النشر المشار إليه، وإلغاء كل الآثار المترتبة عليه ونشر تفاصيل تقرير الجهاز المركزى للمحاسبات ولجنة تقصى الحقائق بشأن الفساد. من جانبه أكد على طه محامى المستشار هشام جنينة، أن حظر النشر بصفة عامة يعد اعتداء على حق المواطن في معرفة الحقائق عن القضايا المتعلقة بمصالحه، أو الاعتداء على أمواله مثل قضايا الفساد وإهدار المال العام.. والحقائق ستظهر عاجلا أم آجلا، لأن الحظر لا تزيد مدته بأى حال من الأحوال على 4 أشهر، وهى المدة التي حددها الدستور لإعلان نتائج التحقيقات على الرأى العام، ولكن ما كان يحدث في مصر سابقا أنه يتم التعتيم على قضايا معينة لأجل غير مسمى، وهى القضايا التي تورط فيها مسئولون نافذون في الحكومة وغيرها.