(إذا كانت تلك هي الزيادات المعلنة.. فيا ترى كم هي تلك المنح الخفية التي يمنحونها لأنفسهم أو لمن معهم من الكبار!).. كان ذلك حديثا أو فضفضة بين مجموعة من الركاب الفقراء بالطبع.. وكانت على الملأ في إحدى وسائل النقل العامة غير الآدمية في إحدى المدن المصرية، التي يسمع كثير من الناس فيها ويقرأ بعضهم عن زيادات فلكية مستفزة في أجور ورواتب هيئات معينة تدللها الدولة، بينما تحبط جموع الشعب الذي يعاني الأمرين في تدبير قضاء متطلباته اليومية، بل إن البعض منهم يرى الحياة نقمة وهم لا طاقة لهم بها فينتحر.. نعم هكذا بكل سهولة ينتحر، بعدما وجد أنه لا مكان له في وسط هذا الظلم الذي يحيا فيه ميتا.. حسنا فليمت بحق! فبينما حكومة السيد شريف إسماعيل تتحفنا يوميا بأسطوانة عجز الموازنة ونقص الدولار، نجدها في نفس الوقت تمنح إحدى الهيئات القضائية زياده قيمتها 5 آلاف جنيه، وتبحث مساواتها بهيئة قضائية أخرى تحصل بالطبع على مزايا مالية أكبر!.. حسنا القضاء يستحق كل تقدير مادي ومعنوي؛ إقرارا لقيمة العدل وتحصينا له عن كل احتياج، ولكن ماذا عمن يحاكمهم القضاء أو يحكم لهم أو يفصل في نزاعاتهم؟، أليس من حقهم أيضا الشعور بقليل من العدالة من قبل الدولة، وذلك بأن تعتبرهم آدميين، لن نقول مواطنين والعياذ بالله، فقط بشر يستحقون الحصول على ما يسد رمقهم ويعالجهم ويحفظ كرامتهم وصون حقهم في الحياة.. فقط لا أكثر ولا أقل أيضا! الأكثر استفزازا أنه قبل ذلك بعدة أيام قليلة، قامت الدولة برفع رواتب الدعاة والوعاظ في المساجد بمقدار ألف جنيه شهريا.. نعم ألف جنيه فوق إجمالي الراتب الشهري، بينما هناك كثير من موظفي الدوله حتى يومنا هذا لا يحصلون على تلك الآلاف كراتب شهري إجمالي، بعد خصم التأمينات والمعاشات والتأمين الصحي.. آه والله هكذا يطلقون عليه.. تأمين صحي! بالطبع الدولة ليست بتلك الحنية، ولا هذا الإيمان الشديد الذي يجعلها تتمسح في أعتاب المساجد وتتعلق بثياب أصحاب الفضيلة الوعاظ، الجميع يعلم مغزى تلك الزيادة المهولة بالنسبة لقطاع الموظفين العاديين في مصر، الذين يبعدون بسنوات فلكية عن السادة الكبار من العاملين في الجهات المحظوظة من بترول وكهرباء وخلافه! الحكومة تتقي كلمة هؤلاء، نعم ولكن في نفس الوقت لا تستحي ولا يصيبها بعض من خجل عارض، عندما تخرج لتبشرنا بزيادات جديدة، ليست في الرواتب بالطبع ولكن في أسعار الكهرباء التي أصبحت تشكل همًا مساويا للطعام والدواء عند أغلبية المصريين الشرفاء والفقراء ومتوسطي الحال أيضا، في نفس الوقت يخرج السيد رئيس الوزراء ليقول لنا إنه يراهن على الشعب في سد عجز الموازنة! يا راجل.. كدة مرة واحدة، تراهن على الشعب في سد عجز موازنة سعادتك، أليس هناك حس سياسي أو مستشارون سياسيون يقولون لسعادتك إن الشعب طفح به الكيل من كل جانب؟، أليس هناك من يلفت انتباه سيادتك إلى أن الناس تصرخ من لهيب الغلاء والاحتكار والاستفزاز أيضا؟!.. ألم يخبرك أحدهم بطوابير البشر الواقفة في احترام وقدسية من أجل طبق وراك دجاج مدعم أو عليه عرض من وزارة التموين في تلك الأيام السوداء؟! دعك من كل هذا وكلام الحاقدين من أمثالنا، ألا يجدر بك أنت وحكومتك أن تخفض نفقاتها وتكف عن شراء سيارات فخمة لك كموظف كبير وتابعيه في الدوائر الحكومية، فقبل أن تفكر في تحميل الشعب فشل حكومته على إدارة الاقتصاد وإقرار العدالة، فكر أولا في ترشيد الاستهلاك الحكومي عندك وعند كل من ترأسهم، والله سيادتك العربية اللادا مثلا رخيصة وبتستحمل جدا وموفرة للوقود ويركبها عامة الشعب بدلا من الأنواع الأخرى التي تتميز بالرفاهية الشديدة والاستهلاك الكبير للبنزين، إذن فلتكن أولا من الشعب حتى تتجرأ وتراهن عليه، فليكن راتبك مثل راتب أعلى موظف حكومي عادي في الشعب حتى تتحدث باسمه، فلتكن مزاياك التأمينية والعلاجية مثل باقي الشعب حتى تنوب عنه حتى في الحديث.. استقيموا يرحمكم الله، فمصر لا تتحمل انفجارات ولا ثورات قادمة، وحاولوا التقرب للشعب بالأفعال وليس بالكلام أو باستفزازه أو تجريده من كل شيء! [email protected]