مجموعة علماء من شباب الكفر حاملي شهادات الماجستير والدكتوراه يتظاهرون بقوة أمام دوار العمدة « راقعين» بالصوت الحيانى قائلين: يا عمدتنا... يا عمدتنا... صدقناك من خيبتنا ؟!! يا عمدتنا... يا عمدتنا... صدقناك من خيبتنا!! العمدة متابعا المظاهرة هو وشيخ غفره من خلف نافذة مغلقة بالدوار متسائلا باستياء بالغ دون أن يرفع عينيه عن المتظاهرين: ومين دول كمان يا شيخ الغفر ؟!! وعايزين إيه ؟ وعمالين يهاتوا هنا م الصبح بمناسبة إيه ؟!! شيخ الغفر موضحا: دول عالم والعياذ بالله عندهم ماجستير ودكتوراه وحاجات أبصر إيه وما أدراك مين، وبلاوى زرقا كتير واجعة دماغهم ومبوظة نافوخهم زى ما جنابك شايف كده يا حضرة العمدة... اللهم احفظنا العمدة ضاما أصابع يده اليمنى ودائرا بها فوق عمته محوقلا ومبسملا على نفسه: الله أكبر... والحاجات الوحشة دى ركبتهم إزاى؟ وجات لهم منين؟ وأنتم كنتم نايمين عن الموضوع ده فين يا شيخ الغفر ؟!! شيخ الغفر شارحا باستفاضة أكتر: والله يا حضرة جناب العمدة احنا ما لينا ذنب في الموضوع ده، احنا كنا ماشيين زى ما جنابك أمرت بالضبط، وإن أجدع شهادة ياخدها إنسان الكفر المحترم شهادة محو الأمية العظيمة، وكان الجدع من دول - بفضل الله - أخدها زى ما أخدهاش بالضبط، وبعد ما يخلص علامه بالسلامة يرجع على غيطه أو صنعته ويشتغل زى الألف بما يرضى الله، ولا تسمع له حس ولا خبر، بس العالم دى راحوا كفور ونجوع غريبة، وسافروا برّاة الكفر، قوم جات لهم البلاوى الزرقا دى ولبدت في جتتهم، ومن ساعتها وهم لا على حامى ولا على بارد، وعمالين يصرخوا ويزعقوا ويحرضوا غيرهم من الفلاحين الغلابة ويلعبوا في مخاخهم التعبانة ويثيروا البُلبُلة وجميع أنواع العصافير والغربان والحدادي، وبقوا تنابلة السلطان، وعايزينا نشغلهم ونوكلهم ونشربهم، بدل الواحد منهم ما يتنحرر كده ويحس على دمه ويشتغل أي صنعة شريفة ياكل منها عيش، أبدا عمرهم ما يعملوا كده ولا يفكروا فيه، وبقت عينهم مدورة وعمالين يبصوا على أعيان البلد ومشايخ الكفر ومش سايبين حد في حاله، وهاتك يا قر ونبر على مخاليق ربنا ونفسهم يناموا ويصحوا يلاقوا نفسهم زييهم كده م الباب للطاق عشان معاهم شوية ورق ملون مكتوب عليه ماجستير ودكتوراه وحاجات ما انزل الله بها من سلطان، ده حتى الشيخ برغوته إمام الجامع كان عايز يكفرهم عشان افعالهم السو دي، لولا انا قلت له استنى شوية يا مولانا لحد ما ناخد رأى حضرة العمدة ربنا يخليه لينا ويبارك لنا في عمره، ودلوقت نعمل فيهم إيه بقى العالم البقر دول يا عمدة ؟ آه.. نسيت أقول لمعاليك انهم فالقينا من الصبح بموضوع غريب عجيب كده، حاولنا نفهمه كلنا من ساعتها ومحدش مننا إحنا والغفر وشيخ البلد عرف يفسره أبدا !! العمدة مستفهما: يا سلام... وموضوع إيه ده بقى اللى حيركم كلكم كده يا شيخ الغفر ؟!! شيخ الغفر وقد قطب جبينه ودارت عيناه في محجريهما وخفض صوته هامسا للعمدة: التمكين.. يا حضرة جناب العمدة التمكين...، ويا خوفى لا يكون الموضوع ده زى ما بيدور في دماغى والعالم دول مش بس عايزين يتزبطوا على قفانا بس.. لا... دول عايزين يتمكنوا كمان، وزمان قالوها اللى قبلينا اتمسكنوا لحد ما تتمكنوا، شفت بقى أنا خايف من إيه يا عمدة ؟!! العمدة وقد ضحك ضحكته الصفراء المعروفة مشيرا إلى شيخ الغفر اشارته التي يفهمها جيدا، وما هي إلا لحظات حتى فوجئ الشباب المتظاهرون حاملو شهادات الماجستير والدكتوراه بقوات الغفر تحاصرهم وتشبعهم ضربا وركلا من كل الجهات، وتقبض عليهم ليتعلموا جيدا معنى التمكين الحقيقى الذي طالبوا هم أنفسهم به، وبينما كان بقية الغفر يعلمون حاملى الماجستير والدكتوراه معنى التمكين الحقيقى بعد تعليقهم من أيديهم وأرجلهم بتمكين كبير، كان بقية الغفر وعلى رأسهم أبو سريع يتجهون للقبض على زعيم هؤلاء الشباب الذي تمكن من الهرب بعد أن عرفوا مكان داره، وقاموا بكسر الأبواب مقتحمين ووجدوه معلقا في السقف وقد شنق نفسه منتحرا بحبل غليظ يطبق على رقبته، وبجانبه ورقة صغيرة كتب عليها بخط يده قبل انتحاره: أعتذر إليكم جميعا أيها الرفاق، فقد سبقتكم جميعا إلى المستقبل بعد أن عرفت أخيرا معنى التمكين الحقيقى !!!