يشتمل كتاب «الإسلام والمسلمون في شرق وجنوب شرق آسيا» للدكتور محمود أحمد قمر أستاذ التاريخ الإسلامي على 182 صفحة من القطع الكبير، وقد صدرت الطبعة العربية الأولى منه عن دار عين للدراسات والبحوث الإنسانية والاجتماعية، ويحتوي الكتاب على مقدمة وسبعة فصول وخاتمة، بالإضافة إلى مجموعة الخرائط والملاحق وقائمة المصادر والمراجع. يتناول الفصل الأول الحديث عن دولة الصين ودخول الإسلام إليها منذ عصر الخلفاء الراشدين، وفى العصر الأموى ( 411 - 132 ه / 661 - 749 م ) ثبتت أقدام المسلمين في بعض المناطق الصينية، وفى العصر العباسى ( 132 - 656 ه / 749 - 1258 م ) اختلط المسلمون بالصينيين فاستقروا بها، وتصاهروا وتزوجوا من نساء هذه البلاد، وتتابعت السفارات بين الأمة الإسلامية والأمة الصينية، ومع عصر المغول ( 614 - 770 ه / 1217 - 1368م ) أصبح للمسلمين أحياء خاصة بهم في المدن الصينية، وتولى بعض المسلمين المناصب المهمة في الدولة، كما تطورت العلاقات بين المسلمين وأسرة منج التي حكمت الصين (770 - 1054 ه / 1368 - 1644م)، وفى عهد أسرة مانشو الصينية (1054 - 1329 ه / 1644 - 1911م) تعرض المسلمون في الصين لبعض المعاناة بسبب اضطهاد أباطرة هذه الأسرة للمسلمين وإن كان بعض أباطرة هذه الأسرة قد تعاطفوا مع المسلمين فنعموا بالحرية الدينية، مما جعلهم يتحمسون لنشر الدعوة الإسلامية بين الدعايا الصينيين، وأما في عهد الجمهورية ( 1329- 1369 ه / 1911 - 1949 م )، فقد أعطت الجمهورية حق الحرية الدينية للرعية بما فيهم الثورة تقوض الإسلام في الصين، وعندما قامت الثورة الثقافية في الصين ( سنة 1386 - 1396 ه / 1966 - 1976 م )، انزلت بعض المتاعب بالمسلمين، ولكن الحكومة الصينية بعد تلك الثورة أخذت تعمل على تخفيف تلك الإجراءات في محاولة منها لتحسين العلاقات مع الدول العربية والإسلامية. وفى الفصل الثانى يتحدث عن أندونيسيا وتقسيماتها الجغرافية، ودخول الإسلام إليها، فوصل الإسلام إلى الجزر الإندونيسية، سومطرة، وجاوة، وملوكس، وبورينو، وسيليبس، وسمبوا... إلخ، وكذلك قيام الممالك الإسلامية في تلك البلاد مثل مملكة بيرلاك في سومطرة، ومملكة بنتام في غربى جاوة، ومملكة ديماك في شرقى جاوة، ومملكة آتشية في شمالى سومطرة، ومملكة بالمبانج في جنوبى سومطرة، ثم بينت الدراسة أهم العوامل التي ساعدت على انتشار الإسلام في أندونيسيا، ومن أهمها الجمعيات الأهلية الإسلامية، الأمر الذي جعل الإسلام في أندونيسيا هو الدين الغالب على سائر الأديان. أما الفصل الثالث فيبحث فيه الإسلام في الفلبين، حيث ارتاد العرب هذه المنطقة للتجارة قبل الإسلام، وبعد ظهور الإسلام وصل التجار العرب والدعاة وعلماء الصوفية إلى تلك البلاد ونشروا الإسلام في جزائر الفليبن مثل سولو، ومينداناو، ولاناو، ثم تحدث عن حال المسلمين في الفلبين بعد الغزو الأسبانى ( 927 - 1316 ه / 1520 - 1898 م )، وبعد الغزو الأمريكى ( 1316 - 1366 ه / 1898 - 1946 م )، وفى فترة الاستعمار اليابانى تصدى المسلمون لليابانيين في الفلبين، وبعد حصول الفلبين على الاستقلال سنة 1946م. لاقى المسلمون خاصة في الجنوب العنت والاصطهاد والإبادة فوق ما يتصوره العقل، فنحو 70 % من المسلمين لا يملكون أرضًا، ولا تقدم لهم الخدمات الصحية، وفرص التعليم تكاد تكون معدومة، وكذلك إهمال الريف في مناطق المسلمين، وخلو مناطق المسلمين من مراكز التدريب المهنى، وعدم قبول المسلمين في الكليات العسكرية أو الجيش، وعدم السماح للمسلمين بإقامة الشعائر الدينية، وأن مأساة المسلمين في الفلبين لا تقل عن مأساة إخوانهم في فلسطين وكشمير وفطانى وغيرها. أما الفصل الرابع فتحدث فيه عن الإسلام في ماليزيا، وكيف كان للعرب علاقات تجارية مع أهل الملايو ( ماليزيا ) في فترة ما قبل الإسلام، ثم أخذ الإسلام يتطرق إلى تلك البلاد عن طريق التجار والدعاة، وكذلك الجاليات الإسلامية إلى استقرت هناك، وأصبح للمسلمين ممالك إسلامية هناك مثل مملكة ملقا الإسلامية ( 803 - 917 ه / 1400 - 1511 م ) التي سيطرت على شبه جزيرة الملايو كلها وعلى جزء كبير من سومطرة في أندونيسيا، على أن ماليزيا لم تسلم هي الأخرى من الاستعمار الأوربى، فجاء إليها البرتغاليون سنة 917 ه / 1511 م، ثم الاستعمار الهولندى ( 1032 - 1210 ه / 1614 - 1795 م )، ومنذ سنة 1242 ه / 1826 م أصبحت ماليزياوسنغافورة مستعمرات إنجليزية، ثم حصلت ماليزيا على استقلالها في سنة 1376 ه / 1956م، وفى سنة 1383ه / 1963م أصبحت الهوية الملاوية هي الإسلام. ويناقش الفصل الخامس دولة فطانى المسلمة الواقعة جنوبتايلاند على حدود دولة ماليزيا، وعلى أن شعب فطانى مسلم، إلا أنه إلى الآن لا يزال يلاقى الأمرين من الاستعمار التايلاندى الذي يحاول أن يمحو الهوية الإسلامية لهذا الشعب المسلم، وفى هذا الصدد اتبع الاستعمار التايلاندى كافة الأساليب والوسائل القمعية لمحو تلك الهوية، إلا أن " المنظمة المتحدة لتحرير فطانى - فرتبهن فرساتون فمبيياسن فطانى " مازالت تعمل من أجل تخليص دولة فطانى من نير الاستعمار التايلاندى، وكأن تلك الدولة - التي لا يعلم الكثير عنها شيئًا - لم تقع على خريطة العالم الإسلامى والتي أغفلها الكثير من الجغرافيين والمؤرخين. وفى الفصل السادس يتحدث المؤلف عن بروناى، وهى إحدى دول أرخبيل الملايو في جنوب شرق آسيا، وقد أصبح الإسلام هو الدين الرسمى لهذه الدولة وكذلك اللغة العربية، واهتمت تلك الدولة بالتعليم الدينى، وبناء المساجد التي تلفت النظر بجمالها ونظافتها. أما الفصل السابع والأخير فقد خصصه للحديث عن الأقليات الإسلامية في الشرق الأقصى ( شرق وحنوب شرق آسيا )،والإسلام في تايلاند ( سيام )، وفى سنغافورة ( تماسيك ) تلك الجزيرة التي انتشر بها الإسلام فكثرت بها المساجد والجمعيات الإسلامية واستقرار الأسر العربية بها، وكذلك اليابان التي وصل إليها الإسلام عن طريق التجار والدعاة والجنود اليابانيين الذين اشتركوا في الحرب العالمية الثانية ( 1939 - 1945م)، وانتشرت بها المراكز والجمعيات والمعاهد الإسلامية، وأيضًا المساجد التي أقيمت في المدن الإسلامية الكبرى. كما وصل الإسلام إلى كوريا في أقصى شرق آسيا عن طريق التجار العرب، وبعض العلويين الذين فروا إلى الشرق خوفًا من بطش العباسيين، وكذلك وصل الإسلام إلى كمبوديا، وارتاد العرب بلاد أسام ( بورما أو ماينمار )، وتطرق إلى أنام ( فيتنام )، وتايوان، وبوتان، ولاوس، ونيبال، إلا أن الإسلام في تلك البلاد لايزال يعيش غريبًا لأن البوذية مازالت هي العقيدة التي تسيطر على عقلية هذه الدول والشعوب.