بنجاح ساحق مقدّماً، أعلنت شركة "النهضة" للإنتاج السينمائى، ترتيبها عرضاً لباكورة إنتاجها السينمائى، ممثّلاً فى فيلم "تقرير"، وذلك يوم الجمعة 15 مارس الجارى من داخل قاعة سيد درويش، التابعة لأكاديمية الفنون بوزارة الثقافة المصرية، هذا الفيلم الذى يقوم ببطولته الفنان "محمد شومان"، مع مجموعة من الوجوه الجديدة من الشباب والشابات (المحجبات!!)؛ نجاحٌ ساحقٌ بالأكاذيب والتجاوزات التى اعتدناها سياسياً من أصحاب المشروع النهضوى الوهمى، وباتت تنتقل إلى كافة مناحى حياتنا اليومية اقتصاديا واجتماعيا وحتى فنياً وثقافيا بكل أسىً وأسف. فالإخوة القائمون على إنتاج الفيلم المزعوم التزامه، (وهو تعبير يذكرنى بالتعبير الممجوج "السينما النظيفة")، بدأوا دخولهم عالم السينما المصرية من أوسع أبواب الكذب والتضليل، إذ قاموا باستئجار القاعة الشهيرة والتابعة لأكاديمية الفنون، طبقاً لتصريحات مدير القاعة الفنان أيمن الشيوى، بغرض إقامة حفل فنى للأطفال الموهوبين، بينما أعلنوا فى المواقع الإلكترونية والصحفية عن عرض أولى أفلامهم السينمائية عبر دعوات (وليس تذاكر)، قيمة الواحدة منها مائة جنيه مصرى فقط لا غير!!. ومدعاة العجب أن الإخوة المنتجين أو بتعبير أدق الإخوان المنتجين، لم يلتزموا بتسعيرة تذاكر العرض المقررة قانوناً، كما اعتقدوا أن تسمية التذكرة ب "الدعوة" سوف تحميهم من استيفاء شروط العرض التجارى، والتى تستلزم موافقة الرقابة على الفيلم ودفع الضرائب والرسوم المقررة، ناهيك عن عدم حصولهم على موافقات التصوير وتصاريح فريق العمل ومعظمهم ليسوا فى الأصل أعضاء نقابيين. كما أن الإخوان المنتجين تعاملوا مع الإعلان عن حقيقة عرضهم السينمائى بنفس طريقة تصريحاتهم الرسمية التى تختلف ترجمتها الإنجليزية عن صيغتها العربية!!، ظناً منهم فى غفلة وعجز المتابعين والمهتمّين والإداريين بالمؤسسات الثقافية المصرية عن اكتشاف خديعتهم التى لا تنطلى على طفلٍ غرير، وهم بالغفلة والعجز بل وبالغباء، أولى وأجدر على المستويات كافة. أما ثالثة الأثافى.. فهى فكرة السينما الملتزمة التى أضمرها المنتجون وأعلنوها فى مواقعهم التابعة لحزبهم وجماعتهم، كبديل طبيعى وملائم لآليات المرحلة الجديدة التى تعيشها مصر بعد أن منّ عليها المتأسلمون الجدد بالفتح المبين!! ولا أدرى من أى مدخل فنى تتأتى قناعات وتصورات المتنطعين منهم، وبأى ثقافة يؤمنون، وطبقاً لأى نموذج معاصر فى صناعة السينما يمارسون علاقتهم بالفن السابع، ولنفترض جدلاً أنهم يحاولون محاكاة النموذج التركى أو الإيرانى فى الحكم والسياسة، كما يتشدق أصغرهم، بوصفهما النموذجين الأقرب لفكرة الدولة الدينية بمعناها السطحى الذى يفهمه أبناء البنا، دون محاولة التعمق أو التحليل أو دراسة الاختلافات والفروق، فأين هم من تطور "التقنيات وعمق الرؤى والمعالجات" الذى وصلت إليه السينما الإيرانية فى السنوات الأخيرة، وما هى رؤيتهم للدراما التركية ونجاحاتها وخطة إنتاجها التى مكنتها من غزو الفضائيات العربية فى الخمس سنوات الأخيرة؟!!. إننا جميعاً لسنا ضد إنتاج الإخوان المتأسلمين لفيلم سينمائى، وإلا كنا نمارس إقصاءهم الذى يمارسونه، لكننا ضد الكذب والتدليس ومحاولات الدخول من الأبواب الخلفية، فقد كان فى إمكان الشركة المنتجة أن تختار إحدى القاعات الفخمة بأحد الفنادق لعرض فيلمها (وفق شروط العروض الخاصة المعروفة)، لكنها أرادت أن تكون قاعة سيد درويش تحديداً هى المكان المختار، فى محاولة لاختراق أكاديمية الفنون التى حاول مجلس الشعب المنحلّ مؤخراً تحويلها لتبعية المجلس الأعلى للثقافة، بغرض هدمها كمؤسسة تعليمية ترعى الفنون والمبدعين، لولا المناضلين من أساتذة الأكاديمية وقياداتها ومبدعيها. كما كان فى إمكان الشركة المنتجة أن تعلن عن حقيقة عرضها لإدارة القاعة، وتسير فى الطريق الصحيح، ولكن يبدو أن من اعتاد الحياة فى السراديب والجحور لا يستطيع أن يعيش تحت الشمس كبقية البشر.. يبدو.. أو إنه يقيننا الكامل.