أرشدنى قلبى إلى أننا يجب أن نعبد الله لأننا نحبه، فهذه هي أرقى عبادة، فالله سبحانه يقول في القرآن الكريم (والذين آمنوا أشد حبا لله) وقال (قل إن كنتم تحبون الله فاتبعونى يحببكم الله) وقال أيضا ( فسوف يأتى الله بقوم يحبهم ويحبونه) ومحبة العبد لله يجب ألا تكون لسبب أو لعلة، فأنت تحبه وكفى، فإذا أحببته وكفى أحبك، وهو يحبك بغير علة أو سبب، فأنت لن تنفعه ولن تزيد من ملكه كما أنك لا تستطيع أن تضره، أنت في الحقيقة لا شيء، خفف الوطء أيها المغرور «فلا أظن أديم الأرض إلا من هذه الأجساد» هل تعرف أيها الإنسان حجمك؟ أنت بالنسبة لحجم الكون صفر، تكاد تكون عدما، وعمرك بالنسبة إلى عمر الكون صفر، وكأنك لم تدب على الأرض أصلا. اعلم أيها المغرور الذي يظن أنه احتكر الحقيقة (إنك لن تخرق الأرض ولن تبلغ الجبال طولا) اترك غرورك يا رجل واذهب إلى الله من باب الحب، ولا تذهب إليه من باب الخوف، أو من باب الطمع، صحيح أن الله فتح لك كل الأبواب كى تذهب إليه، فمن رحمته أن جعل لك الحق أن تعبده خوفا أو رغبة، لأنه يحبك ويحب أن يدخلك الجنة، ولكن هناك من يعتقد أنك لكى تعبد الله فلا طريق لك إلا من خلال تلك الأبواب، أما باب الحب فهو أبعد الأبواب عن قلوبهم! أنت أيها الإنسان جُبلت على حب الأشياء التي ترى أنها اقتربت من الكمال وتسامت في الجمال، فإذا علمت أن الكمال الحقيقى والجمال المطلق ليسا إلا لله، وأن ما تراه من كمال أو جمال هو من كمال وجمال الله، ساعتئذ لا يمكن أن تعبد الله إلا لأنك تحبه ولأنه هو المستحق للحب، وسيصل بك الشوق له أن تتمنى أن تراه وترى جماله وبهاءه وتسبح في نعيم نوره، فقد تمنى موسى أن يراه وكان الداعى لذلك شدة حبه له وشدة شوقه لرؤية جماله، ولتعلم يا رجل أن الدرجة العليا في الجنة هي في رؤية وجه الله (وجوه يومئذ ناضرة * إلى ربها ناظرة) وهى لمن عبدوا الله حبا. ولأن الحب محله القلب لذلك لا ينظر الله سبحانه وتعالى إلى صورتك ومظهرك ولحيتك وجلبابك، الله لا يأبه لمظهر الإنسان ولا كلامه ولكنه ينظر إلى القلوب، فإذا كان ذلك كذلك فلنجعل قلوبنا محلا لحب الله.