«لقد تأكدت بنفسى من متانة العلاقات بين مرسى وطنطاوى، وأستطيع أن أقول لكم إن الإخوان والعسكر على وفاق تام».. كانت تلك الكلمات أولى التصريحات التى أدلى بها وزير الدفاع الأمريكى ليون بانيتا عقب عودته إلى الولاياتالمتحدة بعد زيارة خاطفة للقاهرة، التقى خلالها الرئيس مرسى والمشير طنطاوى المحال إلى التقاعد، ومعه عدد من أعضاء المجلس الأعلى للقوات المسلحة. ورغم أن كثيرين اعتبروا تصريحات الوزير الأمريكى مجرد رسالة طمأنة للقوى الخارجية عن الأوضاع فى مصر، إلا أن تطورات الأحداث كشفت مدى التعاون والتقارب بين الجماعة وجنرالات الجيش، وبدا ذلك واضحا فى قرارات الرئيس الإخوانى التى أحال فيها المشير محمد حسين طنطاوى وزير الدفاع والفريق سامى عنان رئيس الأركان إلى التقاعد بالإضافة إلى الإطاحة بثلاثة من قيادات المؤسسة العسكرية وتعيينهم فى مناصب مدنية. وفى الوقت الذى سارع فيه البعض إلى الاحتفال بقرارات «مرسى» والتعامل معها على أنها قرارات ثورية، خرج اللواء محمد العصار ليعلن أن التغييرات التى تمت فى صفوف قيادات القوات المسلحة، تمت بعد مشاورات مع «طنطاوى» والمجلس العسكرى، وجاءت تلك التصريحات لتؤكد أن إحالة المشير ورئيس أركانه للتقاعد لم تكن إلا ستارا لتنفيذ سيناريو «الخروج الآمن» الذى تم الاتفاق عليه بين الإخوان والعسكر برعاية الأمريكان. وساهم فى تأكيد نظرية الصفقة بين الجنرالات والجماعة طريقة الإخراج الهابطة لفيلم الإطاحة بالخمسة الكبار فرغم أن قرار الإحالة إلى التقاعد وفقا للتقاليد العسكرية هو قرار عقابى يتم توقيعه على من تثبت إدانته أو تقصيره، إلا أن الرئيس الإخوانى ضرب بكل أعراف المؤسسة العسكرية عرض الحائط وقرر تكريم طنطاوى وعنان ومنح الأول قلادة النيل والثاني منحه وسام الجمهورية وهو تكريم يتم منحه لكل من قدم خدمات جليلة للوطن فى محاولة منه لمنع ملاحقتهم جنائيا تنفيذا لسيناريو «الخروج الآمن» بالإضافة للاستعانة بخدماتهما فى منصب مستشار الرئيس. الغريب -وفقا لمصادر مقربة من المجلس الأعلى للقوات المسلحة - أن «طنطاوى» و»عنان» كانا على علم مسبق بقرار إحالتهما للتقاعد وأنهما تفاوضا مع مرسى واشترطا خروجا مشرفا يليق بتاريخهما، بل إن المشير المحال للتقاعد طلب تكريم الثلاثة الكبار فى المجلس العسكرى وهم قادة قوات الدفاع الجوى، والقوات الجوية، والبحرية واقترح الاستعانة بهم فى مناصب أخرى تم الاتفاق عليها نظرا للعلاقة القوية التى كانت تربطهم والمشير، واتخذ مرسي الخطوات التنفيذية لذلك بعدها استدعى وزير الإنتاج الحربي الدكتور على صبري، إلى رئاسة الجمهورية وأخبره بقرار خروجه من الوزارة ليحل محله الفريق رضا حافظ قائد القوات الجوية ويصبح وزير دولة للإنتاج الحربي، كما تم استدعاء الفريق أحمد فاضل رئيس هيئة قناة السويس، وشكره الرئيس وأبلغه قرار خروجه من وظيفته ليحل محله الفريق مهاب ميمش قائد القوات البحرية رئيسا لهيئة قناة السويس، فيما تم تعيين الفريق عبد العزيز سيف قائد الدفاع الجوى رئيسا للهيئة العربية للتصنيع. وطبقا لمعلومات حصلت عليها «فيتو» فإن الإعداد لتنفيذ سيناريو «الخروج الآمن» بدأ خلال زيارة وزير الدفاع الأمريكى للقاهرة فى جلسة سرية ومغلقة جمعت بينه وبين «مرسى» و»طنطاوى» وضع خلالها «بانيتا» اللمسات النهائية على تمثيلية الإطاحة بالخمسة الكبار فى المجلس الأعلى للقوات المسلحة، وأتم الأمير حمد بن خليفة الاتفاق خلال زيارته الأخيرة للقاهرة. وتلا ذلك زيارات من قيادات عسكرية ومخابراتية أمريكية للقاهرة للوصول إلى صيغة نهائية للاتفاق المبرم بين العسكر والإخوان يجعل العسكر يتقبلون الأمر باعتباره نقلا سلميا للسلطة إلى المدنيين وبشكل يعيد إلى مرسى شعبيته المفقودة. واشتمل اتفاق العسكر والإخوان اختفاء المشير ورجاله من المشهد السياسى وعدم الإدلاء بأى تصريحات إعلامية تختص بالشأن العام والالتزام ببنود الاتفاق كاملا غير منقوص شريطة أن يوفر مرسى وجماعته الغطاء الشعبى لقرارات الرئاسة والالتزام بعدم تقديم أى عضو من أعضاء العسكرى للمحاكمة فى أى أحداث تتعلق بقتل المتظاهرين سواء فى أحداث ماسبيرو أو محمد محمود أو مجلس الوزراء.