اعطاها الحب والتسامح فبادلته أطيب المشاعر وفى قلبها احتضنته .. هذه هى علاقة البابا شنودة بمصر والمصريين لأكثر من نصف قرن قبل رحيله .. فى حفل تأبينه بالمجلس الأعلى للثقافة كان حيا فى قلوب الجميع وخاصة قلوب رموز المثقفين ورجال الدين الاسلامى والدين المسيحى وعلى لسان الكثيرين منهم خرجت من أعماق القلب ترنيمة حب لفارس الوطنية الذى رحل جسدا ومازالت روحه الانسانية الطاهرة بداخل كل المصريين. اول ترنيمة فى حب البابا شنودة عزفها الدكتور شاكر عبد الحميد وزير الثقافة بلحن شجى على روح رجل كريم ابى مفادها انه ذات مرة اقترب من قداسة البابا شنودة وتحدث معه فوجده ملائكى الطلة فشجعه ذلك على ان يطلب منه مختارات من شعره لوزارة الثقافة فأشرق وجه البابا الملائكى بابتسامة مريحة وجميلة تسر ناظرها وتشرح صدره وفى طياتها معانٍ لا يمكن نسيانها اهمها انه كان نموذجا دينيا وانسانيا عظيما محبا وبلا حدود لكل الناس ولا أبسط الناس ولمن يعرفه ولمن لا يعرفه. بكلمات نقية كالذهب انهى وزير الثقافة ترنيمته قائلا إن البابا كان رمزا من رموز المحبة فى مصر والعالم كله وقائد تنوير بالعلم والتسامح والفكر الواعى ومؤمنا بحب الآخر ومحبا للمسلمين ولا يقصى الآخر أبدا ومؤمنا بأن «الاخر هو انا ولكن فى صورة أخرى» وكما كان يقول إن الوجود يتجلى على انحاء شتى نقول له ان المحبة عنده كانت تتجلى على انحاء شتى. الانبا بسنتى اسقف حلوان والمعصرة وعضو المجمع المقدس حكى ان رحلته مع البابا شنودة استمرت لاكثر من 56 سنة واصفا شخصيته بالميل للمرح والدعابة والقدرة على تحمل ما تنوء عن حمله الجبال. معدنه الأصيل وعشقه النبيل لمصر والمصريين ظهرا بوضوح اثناء فترة تحديد اقامته بقرار من الرئيس الراحل انور السادات وكانت لمدة 40 شهرا من 5 سبتمر 1981 الى 5 يناير 1985 هكذا قال الانبا بسنتى واصفا البابا شنودة بانه كان فصيح اللسان وسريع الاستيعاب منذ طفولته لدرجة قراءة الشىء مرة واحدة وحفظه عن ظهر قلب وهو نفس ما قيل عن الامام الشافعى رضى الله عنه. . البابا شنودة والكلام للانبا بسنتى كان لا يزور بلدا إلا ويقرأ عنه قبل زيارته هكذا فعل عندما قرر زيارة ليبيا وقرأ كتبا اتته خصيصا لهذا الغرض وفى كل دولة زارها كان له فيها خطاب لعظم مقامه وجميل كلامه وكان مؤمنا بأن العمر بركة ويجب استثماره من القريب والبعيد وحرص على تواجد الانبا بسنتى معه حتى عام 1988 الذى استقر فيه عمل بسنتى فى حلوان. البابا شنودة أيضا وفق وصف بسنتى كان مناظراً جيداً وسخياً فى الجود بالمعرفة على كل من طلبها منه وظهر ذلك بوضوح عندما جلس معه الكاتب الصحفى الكبير انيس منصور لمدة تجاوزت الساعة بهدف استيفاء معلومات عن المراة فى موسوعته وهى الجلسة التى حدد موعدها الانبا بسنتى ائنذاك وحرص خلالها البابا شنودة على العطاء لأنيس بشكل كبير ولم يبخل عليه بأى معلومة. موقف لاينسى فيه دلالة على حب البابا شنودة للاسلام والمسلمين وهو وبحسب الانبا بسنتى انه خاطب الاطباء فى لندن وطالبهم باتخاذ كل الاجراءات التى تساعد فى علاج الامام متولى الشعراوى عندما كان يعالج فى لندن ودعا له الله بالشفاء وقد قابل الشعراوى الحسنة بمثلها بذهابه الى الكاتدرائية بعد شفائه بصحبة وزير الاوقاف وشكرا البابا على موقفه النبيل. نائبا عن الانبا باخوميوس قائم مقام البابا قال استرجع الانبا مارتيورس جزءا من شريط الذكريات مع قداسة البابا شنودة حيث كان يلتقى به كل يوم خميس فى الحادية عشرة صباحا لتقديم المعونات للفقراء لدرجة انه كان يستغرق اكثر من ساعة بحجرته فى قراءة اوراق لترتيب اللقاء مع الفقراء والمحتاجين. القراءة كانت هوايته منذ نعومة اظافره هكذا قال مارتريوس عن البابا مشيرا الى انه قرأ لأدباء كبار منهم طه حسين وعباس العقاد وقرأ فى علم الاجتماع والأدب والقصص وانه نظم أشعارا منها شعار نقابة العمال فى عام 1949 فى عهد عباس باشا حلمى.