Ahmedhilmy123@gmail. وطدت فكرةُ تقديس الملك الإله أركانَها فى مصر القديمة على يد الكهنة والرائين الأوائل، فأتوا الملوكَ من باب عظمة المُلك ورهبته ومَنَعَةِ السلطان وعزته، فدَعَوْهُم من نسل الآلهة، فوافق ذلك هوىً فى نفوس الحكام المستكبرين، فصاروا فراعين متألهين، وصدقوا فرية هؤلاء الكهان المضلين، الذين اجتهدوا بعد ذلك فى تعبيد الناس لهم وتحذيرهم من مخالفتهم ومعصيتهم، فجعلوا الخروج عليهم كفراً بالإلهِ ذاته، وتجديفاً فى دين الآباء والأجداد . وجاء الإسلام ليضرب المفهومين المرتبطين معاً، فأوقف مفهوم الكهانة بمَنْعِ الوساطة فى علاقة العابد مع خالقه، وبيَّن للناس أن الرب قريب، يجيب دعوة الداعِ إذا دعاه من غير وساطة ولا كهانة، وضرب تسلط الحكام ببيانه الواضح ( وأمرهم شورى بينهم )، فجعل أمر الناس من الناس أنفسهم بغير وصايةٍ من حاكم مستبد برأيه، ولا أمير آمر لشعب مأمور. ولكن الكهانة أبت أن تترك الإسلام وما دعا إليه من حرية وإباء، فدلفت بدهائها من نفس بابها الأول وهو إغراء الحكام بمفاهيم التقديس والعصمة كعهدها بهم، فأقامت على أنقاض الفتنة الكبرى مفهوم الإمام المعصوم تارة وخلافة الله فى أرضه تارة أخرى، واجتهد هؤلاء الكهنة الجدد فى تخويف الناس من مخالفة هؤلاء الملوك والمعصومين، واتخذوا بما افتروه على الرسول من أحاديث منحولة أداة لهم بعد أن استعصى عليهم القرآن المحفوظ، تلك الافتراءات التى سولت للحكام الظالمين ضرب ظهور الناس وأخذ أموالهم دون حساب أو مخافة عقاب. وما زالت أفاعيل هؤلاء الكهان تطل بوجهها الكئيب العبوس من باب السلطة والسلطان، وتطالعنا فتاواهم الجاهزة دوماً فى تكفير معارضة الحاكم ونقده، ليجعلوه فى كيان معصوم مقدس، فكلما أردناه بشراً رئيساً مسئولاً، يدعونه نبياً أو قديساً معصوماً، فيرون أن طاعته من طاعة الله ، وأن انتقاده هو انتقادٌ للإسلام ذاته يخرج المرء من دينه كما ادعا كهنة الفراعين الأوائل ، إنهم الداعون لألوهية غير ألوهية الله ، ولنبوة بعد النبوة الخاتمة، ولعصمة لغير الأنبياء والمرسلين، إنهم خطباء الفتنة وسبب البلاء للبلاد والعباد، إنهم كهنة الحكام المستبدين والفراعين المتألهين، وإن كانوا فى ثياب العابدين والعلماء و... الموحدين.