فارق كبير بين ما كان يرفعه المرشحان المستبعدان من انتخابات الرئاسة الشيخ حازم أبو إسماعيل والمهندس خيرت الشاطر، من شعارات دينية ،يدغدغان بها مشاعر العامة والبسطاء،وبين سلوكهما القولى والعملى،بعدما تم إقصاؤهما من ماراثون الانتخابات الرئاسية،لأسباب قانونية متباينة. ففى الأولى كانا يبشران وتحديدا الشيخ حازم-بإقامة دولة الشريعة الإسلامية ،حتى يحيا المصريون فى ظلالها الوافرة كراما،ولكن فور الإطاحة بهما من السباق تحولت الشعارات الرقيقة،والخطب الناعمة إلى تحريض على ضرب استقرار البلاد،والكفاح المسلح ضد أبناء الوطن ومن وصفهم الرسول صلى الله عليه وسلم يوما ب«خير أجناد الأرض»،ووضعا طالبا الولاية -وطالب الولاية لا يولى في الإسلام-أمن شعب مصر على المحك،وكأنهما يرفعان شعارا جديدا على المشهد السياسي وهو:»إما أن نخوض الانتخابات رغم أنف القانون والنظام ونفوز بها وإما الخراب والدم وكسر ما تبقى من هيبة الدولة». وطالما أن أبو إسماعيل والشاطر كانا يوظفان الدين لخدمة أهدافهما السياسية،وطالما أن الأول تحديدا كان يروج في كل أحاديثه وخطبه لإقامة الدولة الإسلامية وتطبيق الشريعة الإسلامية،فإن السؤال الذى يطرح نفسه بقوة هو:أى مصير كان يواجهه أبو إسماعيل والشاطر لو فعلا ما يفعلانه في عهد أبى بكر الصديق وعمر بن الخطاب رضي الله عنهما-واللذين كانا يضربان بيد من حديد على كل من أثار القلاقل بعد وفاة الرسول الكريم؟ كما أن أبو إسماعيل تحديدا دعا إلى فتح باب الجهاد وأمر الناس بالخروج يوم 18 نوفمبر الماضي، والمقصود بالجهاد من وجهة نظره هو الاعتداء على الجيش وإذكاء نار الفتنة بدماء المسلمين, وعند سؤاله عن هذه الدماء فى الهيئة العليا للحقوق والإصلاح لشيوخ السلفية رد قائلا: الناس هتموت هتموت وتساءل منذ متى ونحن نعبأ بالدماء ؟ فما حدث فى ميدان العباسية الجمعة الماضية من اشتباكات بين أنصار الشيخ حازم وعناصر أخرى من ناحية وبين القوات المسلحة من ناحية ثانية،وما خلفته دعوات وخطب أبو إسماعيل والشاطر من قتل وإصابات وتشويه صورة مصر أمور يعاقب عليها الإسلام أشد العقاب, فلو أن ما حدث فى ميدان العباسية من أنصار الشيخ حازم أبو إسماعيل والشاطر وقع فى عهد الخلفاء الراشدين لكان أقاموا عليهما الحدود وبخاصة القصاص لأن القاعدة الفقهية تقول: إن المحرض المتسبب كالمباشر. هذا ما يؤكده الدكتور أحمد كريمة أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر الشريف ل«فيتو» مشددا على أن القاعدة الفقهية المقررة فى جميع المذاهب الإسلامية تنص على أن المتسبب كالمباشر،وهذه قاعدة فقهية فى جميع المذاهب الفقهية لا خلاف عليها،ومعناها انه إذا ثبت أن إنسانا حرض آخر على ارتكاب جريمة أو ثبت تورطه فيها من خلال أنصاره كالقتل فلابد أن يقتص من المباشر والمتسبب على السواء, وشدد على ضرورة معاقبة المتسببين والمحرضين على الأحداث الأخيرة ويجب أن يطبق فيهم الحكم الشرعي لا سيما أنهم يوهموننا بأنهم أشد الناس تدينا, وبيّن كريمة أن ما يتم حاليا من أحداث دامية ناتج عن تغرير بالشباب الذين دفعوا حياتهم مقابل ولاية يتطلع إليها أبو إسماعيل والشاطر. كريمة تساءل ساخرا : هل تستحق الولاية التى يحلم بها من يتمسحون بالإسلام كل هذا الدم الذي أريق؟, لافتا إلى أن الإسلام يعاقب عقوبة مشددة كل من ساهم فى ارتكاب قطع طريق واستعمال وسائل من شأنها إتلاف الأنفس والأموال ولابد من القصاص فيها من المتسبب والمباشر ولو أن هذه المجزرة حدثت فى عهد أبى بكر الصديق أو احد الخلفاء الراشدين لطبقت عليهم الشريعة الإسلامية بحدودها كاملة لأن الإسلام دين لا يفرق بين كبير أو صغير. كريمة قال إنه يعلم أن المجلس العسكري لديه أدلة ثابتة على تورط كل من : حازم أبو إسماعيل وصفوت حجازي وحسن أبو الأشبال وخيرت الشاطر في التحريض على هذه المجزرة من خلال التغرير بالشباب من اجل تصفية حسابات مع المجلس العسكري . ودعا كريمة المجلس العسكري باعتباره «الحاكم» إلى القصاص منهم خاصة الشيخ أبو الأشبال الذى ظهر على إحدى القنوات السلفية قائلا: «سوف آتى باللواءات من قفاها». اختتم أبو كريمة كلامه ل«فيتو» بتأكيده على أن ما حدث مؤخرا لو حدث فى عهد أبى بكر أو عمر لأقاما على حازم والشاطر حدي الحرابة والقصاص لأنهما تسببا فى قتل وإراقة دماء المسلمين بالتحريض والتمويل . وبدوره اتفق الدكتور محمد عبد المنعم البرى الأستاذ بجامعة الأزهر ورئيس جبهة علماء الأزهر مع ما ذكره سلفه مشددا فى حديثه ل«فيتو» على أن حازم والشاطر حال ثبوت تورطهما فى الأحداث الأخيرة- يستحقان فى عرف الشريعة الإسلامية إقامة حد التغرير على الأقل . وأضاف: لو أن حازم والشاطر كانا فى عهد الرسول الكريم أو أى من خلفائه الراشدين لأنزلوا بهما أشد العقاب. ويلتقط طرف الحديث الدكتور طلعت عفيفى عميد كلية الدعوة الأسبق مشددا فى تصريحات ل«فيتو» أن الخلفاء الراشدين حاربوا كل من تسبب فى إثارة الفتن وقتلوا من أصر على موقفه، وفى الحديث عن ابن عباس.. قال رسول الله: «يجاء برجال من أمتي فيؤخذ بهم ذات اليمين فأقول: أصحابي، فيقال: إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك، فأقول كما قال العبد الصالح: وكنت عليهم شهيدًا ما دمت فيهم، فلما توفيتني كنت أنت الرقيب عليهم، فيقال: إنهم لم يزالوا مرتدين على أعقابهم منذ فارقتهم». ويرجع عفيفى شهوة البعض للولاية- ولو على جثث المصريين- إلى رقة الدين والسقم في فهم نصوصه، والحنين إلى الجاهلية، والتفلت من النظام والخروج على السلطة الشرعية، والعصبية القبلية والطمع في الملك، والتكسب بالدين والشح بالمال، والتحاسد. ويرى عفيفى أن مثل هؤلاء ينطبق عليهم قوله تعالى: «أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاءُ مَن يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلاَّ خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ»البقرة: 85. هذا من الناحية السياسية،أما من الناحية الدينية،فإنه استنادا لأحاديث وخطب الشيخ حازم أبو إسماعيل فى مسجد أسد بن الفرات والقنوات السلفية ،وتوزيع الناس على الجنة والنار، فإن أبو إسماعيل استمرأ الكذب مرات عديدة ،سواء من خلال التزوير فى جنسية والدته أو ادعائه المرض حال اشتعال الأحداث،وهو يعلم أن المؤمن لا يكذب, ففى الحديث: أن النبي سئل: أيسرق الرجل: قال: نعم، قيل: أيزني، قال: نعم، قال: أيكذب: قال: لا. ولكن الواضح للعيان أن أبو إسماعيل يكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذابا. فيلا بأسوار حديدية وكاميرات مراقبة وأجهزة اتصال حديثة المخبأ السرى ل «أبو إسماعيل» الجميع حائرون يتسألون.. «حازم صلاح أبو إسماعيل» أين يكون؟ أشعل الفتنة فى مصر وتوارى عن العيون.. وما لا يعلمه الجميع هو أن المرشح الرئاسى المستبعد هجر منزله ومكتبه الخاص فى منطقة الدقي، وانتقل فى سرية تامة للإقامة فى فيلا أحد أصدقائه المقربين فى منطقة المنصورية بالهرم.. وأكدت مصادر خاصة ل «فيتو» أن الشيخين حسن أبو الأشبال، ومازن السرساوي، وعدد محدود من المحامين العاملين فى مكتبه، هم فقط الذين يعرفون مكانه ويترددون عليه من وقت لآخر لمناقشته فى العديد من الأمور السياسية وبعض القضايا المتعلقة بعمله. وفيلا المنصورية مجهزة بكل وسائل الراحة والرفاهية، وتحيطها حديقة واسعة وأسوار وبوابات حديدية، وكاميرات مراقبة مختلفة، ووسائل اتصال حديثة ولا يسمح بدخولها سوى بإذن شخصى من أبو إسماعيل.. ومنها يتابع «الشيخ» تطورات الموقف سواء السياسية، أو أخبار الاعتصامات والتظاهرات التى يدعو إليها وينظمها انصاره فى الميادين العامة.. أبو إسماعيل أيضا يتابع قضاياه التى أقامها عن طريق مكتب محاماة أمريكى ضد وزارة الخارجية ومصلحة الجوازات فى الولاياتالمتحدة، بشأن مستندات جنسية والدته الأمريكية. البعض فسر هروب المرشح الرئاسى المستبعد بأنه كان على يقين من أن النيابة العسكرية ستأمر بضبطه وإحضاره، بتهمة التحريض على العنف ومهاجمة منشآت عسكرية والاعتداء على عسكريين فى ميدان العباسية، ولذلك ابتعد عن الأنظار وظل يخرج البيانات التى تؤكد على أنه لا علاقة له بالمعتصمين أمام وزارة الدفاع، على الرغم من أن الغالبية العظمى فى ذلك الاعتصام كانت من انصاره، ورفعوا صوره وشعاراته.