يقول العقلاء إن الجنوح إلى التهويل والمبالغة دليل على الافتقار لعوامل القوة الحقيقية والمؤهلات الطبيعية.. ويقولون أيضا «ما زاد عن الحد انقلب إلى الضد»، ومع ذلك اعتبر مؤيدو مرشح الإخوان وصوله إلى كرسي الرئاسة مسألة وقت لا أكثر، قبل غلق باب الترشح، وفترة الطعون، وعملية الاقتراع التي يقول فيها الشعب كلمته.. هكذا في ممارسة مكشوفة لفعل الإقصاء وتجاهل الرأي الآخر. من هذا السياق قال هانى صلاح الدين في جريدة «اليوم السابع» يوم الثلاثاء الماضي (3 أبريل) إن «الشاطر هو مانديلا مصر»: (... أرى أن الشاطر الذى عرفته سيكون مانديلا مصر، وسينجح فى العبور بهذا الوطن من النفق المظلم إلى أفق التقدم والتطور الحقيقى، فالرجل له تاريخ مشرف، وكان علامة فى تدعيم الاقتصاد الوطنى من خلال مشروعاته الاقتصادية الناجحة).. هذا النهج لم يأتِ صدفة أو مجرد رأي خاص بكاتبه, ولكنه موقف عام, وصل إلى حد وصف الرجل بأنه أردوغان العرب، وأنه مثل نبي الله يوسف، وطلعت حرب، ومهاتير محمد.. برز هذا النهج أكثر فيما أطلقت عليه «الحرية والعدالة» (الاثنين 2 أبريل) عدد خاص والذي استعملت فيه كل الأسلحة الدعائية الممكنة, من أساليب المبالغة والتهويل, إلى تحريف التصريحات, وانتقاء الاقتباسات من الصحافة الغربية, إلى الرجم بالغيب, واحتكار الحديث باسم الجماهير, واستباق الأحداث, والقفز على المراحل, وإلغاء وجود المعارضين.. فقد تعاملت الجريدة مع مجرد الترشيح على أنه يعني فوز الشاطر بالانتخابات, وقيادته للبلاد، تقول على صفحات العدد المذكور: مهندس نهضة مصر د.مرسى: ترشيح الشاطر فرصة لتنفيذ مشروع النهضة لمصر الجديدة خيرت.. من سجون مبارك إلى قصر العروبة (ص1) (وكأن النهضة قد حدثت فعلا حتى ننسبها لمهندسها، فالفرصة التي يتحدث عنها د.مرسي تساوي بين الترشح والفوز بالسباق، يؤكد هذا الفهم الجزم بانتقال الشاطر من السجن لقصر العروبة مباشرة). ثم تنتقي الجريدة من بين ملايين التعليقات والمواقف, على مواقع التواصل الاجتماعى أن مصر فى حاجة إلى رجل «شاطر». متجاهلة الاف التعليقات الرافضة والساخرة من ترشح الشاطر.. وفي صفحتها الرابعة تنسب لخبير استراتيجى قوله: «الإخوان تأخروا فى تقديم خيرت.. والمنافسة لصالحهم..» وتصل بنا الجريدة إلى ذروة الدراما في هذا السيناريو، من وجهة نظرها: «خيرت الشاطر.. من سجون مبارك إلى كرسى الرئاسة».. ولأنه بذلك أصبح مسئولا عن أمور البلاد وشئون العباد ها هي الجماهير تهتف وتنادي: «الشعب يريد من الرئيس الشاطر» (ص11) ثم تنتقل الجريدة لسلاح جديد سبق لها استخدامه في انتخابات البرلمان، وهو توظيف ما تنشره الصحافة الغربية عن الشأن المصري مع تغيير ما يلزم: «الشاطر».. عنوان وسائل الإعلام العربية والعالمية تصدر نبأ ترشيح حزب الحرية والعدالة للمهندس خيرت الشاطر لرئاسة الجمهورية ، اهتمامات وسائل الإعلام العربية، والعالمية، التى أبرزت تاريخه السياسى الحافل فى مواجهة النظام البائد، وعددت مناقبه، مؤكدة أنه يتسم بالكاريزما وقوة الشخصية. وتنقل في (ص14) عن صحيفة لوس أنجلوس تايمز: بعد شهرين سيحل محل مَن حبسه في انتقاء يخل بالمعني وهو ما يتكرر ايضا مع صحيفة «لوس أنجلوس تايمز» الأمريكية التي نقلت عنها الحرية والعدالة انتقائيا أن قرار الإخوان بالدفع بخيرت الشاطر لانتخابات الرئاسة, سيجعل الشاطر يحل محل من سجنه، وعذبه لسنوات. كما نسبت لجريدة شيكاغو صن تايمز قولها: الجماعة تتدخل لحسم أمر الرئاسة ذكر تحليل لصحيفة شيكاغو صن تايمز أن إعلان جماعة الإخوان المسلمين دعمها لخيرت الشاطر لرئاسة الجمهورية يعد عاملا حاسما فى اختيار الرئيس القادم. وهكذا تناولت الصحيفة الناطقة باسم الإخوان.. تعليقات الصحف الأجنبية علي ترشح الشاطر للإيحاء بأن فوزه مضموناً!!