يتلقى عدد من الشباب المسلم في ألمانيا معرفته بالثقافة الدينية من خلال شبكة الإنترنت ومما يتم تداوله في محيطه الاجتماعي. وقد يؤدي ذلك في بعض الأحيان إلى التأثير السلبي وبالتالي إلى نهج مواقف تتسم بالتطرف. محمد، طالب ألماني من أصول عربية، ولد في برلين ويتابع تعليمه في الثانوية العامة، رغم أنه لا يذهب بانتظام إلى المسجد، فإنه يواظب على الصلاة في البيت، حيث يقول: "لما كنت طفلًا صغيرًا كان أبي يأخذني معه نهاية الأسبوع إلى المسجد لأتعلم اللغة العربية والتربية الدينية، أما الآن فليس عندي متسع من الوقت لذلك"، لذلك لم يعد المسجد مصدر معرفته بالدين كما في السابق بل من خلال شبكة الإنترنت ومما يسمعه في محيط أصدقائه. ويشرح محمد قائلًا: " أقوم بتحميل الكتب الدينية باللغة الألمانية عبر الإنترنت وعبر البحث في محركات البحث أو يوتيوب، إضافة إلى ما أسمعه من أصدقائي الذين أثق بهم". ويشير الصحفي الألماني، عبد الأحمد رشيد، الذي يقدم برنامجًا حول قضايا الإسلام والمسلمين في التليفزيون الألماني "تسي دي إف"، إلى تفضيل عدد من الشباب للتليفزيون أو الإنترنت كمصدر للتعرف على الثقافة الدينية بدلًا من قراءة الكتب المتخصصة يعود إلى سهولة استخدام تلك الوسائط وإلى سرعة الحصول على معلومات بشأنها". لكن عبد الأحمد رشيد لفت في لقائه مع DWعربية، إلى مخاطر تلك الوسائط التي قد يتم "استهلاكها دون نظرة انتقادية"، مضيفًا: "المعرفة المرتبطة بالدين من خلال ما يسمع من الاصدقاء مثلا لا تقل خطورة عن المواقع الشبكية". كما يوضح أحمد منصور، الذي يعمل باحثًا في علم النفس وخبيرا في قضايا التطرف والاندماج، وقال في حديث مع DW: "ما يسمع من الأصدقاء كمصدر للثقافة الدينية يشكل خطرا على الشباب، حيث من المحتمل أن يستغل أحدهم ذلك للتأثير سلبيا فى هوية الشباب وتوجيههم إلى الفكر المتطرف". بينما تفضل الطالبة بجامعة برلين وفاء إدريس، من أصول سودانية، التوجه لمسجد "الرسالة" في أحد أحياء برلين للتعرف على الدين الإسلام، قائة: "أتردد باستمرار على المسجد للاستفادة الشخصية وتلقي معلومات دينية وأيضًا كي تتعلم ابنتي الصغيرة اللغة العربية". وعن سبب اختيار هذا المسجد من دون غيره، تجيب وفاء قائلة: "في البداية سألت أصدقائي ونصحوني بهذا المسجد، وحضرت خطبة الجمعة عدة مرات، فوجدت أن الإمام معتدل ومنفتح ومواكب للعصر". ويقوم الشيخ خضر عبد المعطي برعاية إدارة مسجد "الرسالة"، كما أنه يدير المركز الإسلامي لتعلم القرآن واللغة العربية، ويعمل في نفس الوقت مدرسا للغة العربية بجامعة برلين الحرة: "صباح يوم أحد استقبلنا في المسجد الذي يتوافد عليه العديد من الأطفال لتعمل اللغة العربية والتربية الدينية، وبالنسبة للشيخ خضر فإن المساجد في البلاد الأوربية تلعب دورًا أكبر أهمية مقارنة بالمساجد في البلاد الإسلامية، لا تقتصر على تعليم اللغة العربية فقط، بل تقدم ثقافة دينية إلى جانب تنظيم أنشطة أخرى بهدف تهذيب سلوك الشباب، مثل الرياضة والمسابقات الثقافية أوالقيام برحلات علمية". في عدد من المدن الألمانية يتم توجيه انتقادات إلى المساجد، حيث يعتبرها البعض معيقة لاندماج المهاجرين في المجتمع، في حين يتهمها آخرون مصدرا للتطرف، خصوصا من خلفية سفر شباب مسلم من ألمانيا إلى سوريا والعراق للقتال في صفوف تنظيم "الدولة الإسلامية". كما اعتبر رئيس البرلمان الألماني (بوندستاج) نوربرت لأمرت، إن "تعليم أئمة المساجد في ألمانيا للغة الألمانية أمر ضروري، ومسألة تهم كل شخص يعمل في ألمانيا". من جانبه يؤكد الشيخ خضر عبد المعطي على أهمية تصريحات رئيس البرلمان الألماني، أن الإسلام جزء من ألمانيا. وفي مطلع العام الجاري، صرحت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، بأن "الإسلام جزء من ألمانيا"، وهي المقولة التي أطلقها قبل بضع سنوات الرئيس الألماني السابق كريستيان فولف، غير أن ميركل طالبت علماء الإسلام بضرورة توضيح الصورة الحقيقية للإسلام والتشديد على الفصل بين العقيدة الإسلامية والإرهاب الذي يمارسه إسلاميون في عدد من المدارس الحكومية بالولايات الالمانية يتم الآن تدريس مادة الإسلام. وقد رحبت الجاليات الإسلامية في ألمانيا والجمعيات الدينية التي تمثلها بهذه الخطوة. هذا المحتوى من موقع دوتش فيل اضغط هنا لعرض الموضوع بالكامل