رسميا سعر الدولار الأمريكي في بداية تعاملات اليوم الأربعاء 29 مايو    صندوق النقد يرفع توقعاته لنمو اقتصاد الصين خلال العام الحالي    وزير النقل يشهد توقيع مذكرة إنشاء أول مشروع لتخريد السفن بميناء دمياط    بعد قليل، السيسي يصل قصر الشعب ببكين للقاء نظيره الصيني    «القاهرة الإخبارية»: أوروبا تتخذ خطوات جديدة للضغط على إسرائيل لوقف الحرب في غزة    أستاذ اقتصاد: العلاقات المصرية الصينية تقدم نموذجا للبناء والتنمية المشتركة    كأس مصر، طلائع الجيش يستدرج بورفؤاد في دور ال 32    إصابة 28 عاملاً في انقلاب سيارة أعلى المحور بالإسماعيلية    إصابة 28 عاملا زراعيا إثر انقلاب سيارة فى الإسماعيلية    الفرق بين التحلل من العمرة والحج.. الإفتاء تشرح    الخشت يصدر قرار تعيين الدكتور عمر عزام وكيلا لطب القاهرة لشؤون خدمة المجتمع    رئيس «صحة النواب» يستطلع آراء المواطنين في خدمات هيئة الرعاية الصحية    لهذا السبب.. مي نور الشريف تتصدر تريند "جوجل" في السعودية    متظاهرون مؤيدون لفلسطين يحاولون اقتحام سفارة إسرائيل في المكسيك (فيديو)    الخارجية الروسية تعلق على تصريح رئيس الدبلوماسية الأوروبية حول شرعية ضرب أراضيها    هجوم مركّز وإصابات مؤكدة.. حزب الله ينشر ملخص عملياته ضد إسرائيل يوم الثلاثاء    الصالة الموسمية بمطار القاهرة الدولي تستقبل طلائع حجاج بيت الله الحرام    30 دقيقة تأخر في حركة القطارات على خط «القاهرة - الإسكندرية».. الأربعاء 29 مايو 2024    ارتفاع أسعار النفط الأربعاء 29 مايو 2024    ماس كهربائي.. الحماية المدنية تسيطر على حريق في ثلاثة منازل بأسيوط    «الرفاهية» تتسبب في حظر حسابات السوشيال بفرمان صيني (تفاصيل)    90 عاماً من الريادة.. ندوة ل«إعلام القاهرة وخريجى الإعلام» احتفالاً ب«عيد الإعلاميين»    تحفة معمارية تزين القاهرة التاريخية.. تفاصيل افتتاح مسجد الطنبغا الماريداني بالدرب الأحمر    محمد فاضل: «تجربة الضاحك الباكي لن تتكرر»    تنسيق الشهادة الإعدادية 2024.. شروط المدارس الثانوية العسكرية والأوراق المطلوبة    أفضل دعاء الرزق وقضاء الديون.. اللهم ارزقني حلالًا طيبًا    شعبة المخابز تكشف حقيقة تحريك سعر رغيف العيش    3 دول أوروبية تعترف رسميا بدولة فلسطين.. ماذا قال الاحتلال الإسرائيلي؟    الصحة: روسيا أرسلت وفدا للاطلاع على التجربة المصرية في القضاء على فيروس سي    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأربعاء 29-5-2024    وظائف السعودية 2024.. أمانة مكة تعلن حاجتها لعمالة في 3 تخصصات (التفاصيل والشروط)    رابط نتيجة الصف الثالث الإعدادي برقم الجلوس 2024.. موعد إعلانها وطريقة الاستعلام    صلاة الفجر من مسجد الكبير المتعال فى بورسعيد.. فيديو وصور    حج 2024| ما الفرق بين نيابة الرجل ونيابة المرأة في الحج؟    مواقيت الصلاة اليوم الأربعاء 29 مايو في محافظات مصر    فيديو ترويجي لشخصية إياد نصار في مسلسل مفترق طرق    نصف شهر.. تعرف على الأجازات الرسمية خلال يونيو المقبل    «كان زمانه أسطورة».. نجم الزمالك السابق: لو كنت مكان رمضان صبحي ما رحلت عن الأهلي    جوزيف بلاتر: أشكر القائمين على منظومة كرة القدم الإفريقية.. وسعيد لما وصلت إليه إفريقيا    يرسمان التاتوه على جسديهما، فيديو مثير لسفاح التجمع مع طليقته (فيديو)    واشنطن: هجوم رفح لن يؤثر في دعمنا العسكري لإسرائيل    وزير الصحة التونسي يؤكد حرص بلاده على التوصل لإنشاء معاهدة دولية للتأهب للجوائح الصحية    شيكابالا يزف بشرى سارة لجماهير الزمالك بشأن زيزو    بلاتر يتغنى بقوة منتخب مصر ويستشهد ب محمد صلاح    رئيس رابطة الأنديةل قصواء: استكمال دوري كورونا تسبب في عدم انتظام مواعيد الدوري المصري حتى الآن    كريم فؤاد: موسيمانى عاملنى بطريقة سيئة ولم يقتنع بى كلاعب.. وموقف السولية لا ينسى    إبراهيم عيسى يكشف موقف تغيير الحكومة والمحافظين    3 أبراج تجد حلولًا إبداعية لمشاكل العلاقات    أسماء جلال تكشف عن شخصيتها في «اللعب مع العيال» بطولة محمد إمام (تفاصيل)    سعر الفراخ البيضاء والبيض بالأسواق اليوم الأربعاء 29 مايو 2024    هل طلب إمام عاشور العودة إلى الزمالك؟.. شيكابالا يكشف تفاصيل الحديث المثير    اليوم.. محاكمة المضيفة المتهمة بقتل ابنتها في التجمع الخامس    رسائل تهنئة بمناسبة عيد الأضحى 2024    أحمد دياب: فوز الأهلى والزمالك بالبطولات الأفريقية سيعود بالخير على المنتخب    مؤقتا، البنتاجون ينقل رصيف غزة إلى إسرائيل    الوقاية من البعوضة الناقلة لمرض حمى الدنج.. محاضرة صحية بشرم الشيخ بحضور 170 مدير فندق    ننشر أسماء المتقدمين للجنة القيد تحت التمرين في نقابة الصحفيين    شروط ومواعيد التحويلات بين المدارس 2025 - الموعد والضوابط    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مصطفى حافظ «الرجل الظل ».. قاد أول كتيبة فدائية ضد الإسرائيليين بأمر «عبدالناصر».. فشل «شارون» في اغتياله فلقبه ب «الرجل الشبح».. عملياته عام 1953 نجحت في حصد أرواح 80 صهيونيا
نشر في فيتو يوم 07 - 03 - 2015

عندما تقلب في صفحات المخابرات العامة المصرية عن اسم أذاق الصهاينة الكثير من العمليات الفدائية، حتى احتارت إسرائيل في كيفية النيل منه، فلا بد أن تقع عيناك على اسم الضابط الأسطورة «مصطفى حافظ»، الذي تم تصفيته في يوليو عام 1956 عن عمر يناهز 34 عامًا، كان «حافظ» يقلق أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية، ومع ذلك تحول إلى رمز ولمعت أسطورته بعد رحيله، لدرجة أن صوره تحولت إلى أهداف عسكرية.
وقد اعترفت إسرائيل بمسئوليتها عن اغتيال في ملفه بالموساد الذي حمل اسم «الرجل الظل»، وجاءت تفاصيله في كتاب «سرى جدًا أشهر 30 قصة استخبارية»، حيث روى المؤلف «يوسى أرجمان» - أشهر المؤرخين الإسرائيليين في مجال الأمن والجيش - ومن خلال وثائق مهمة جدًا من أرشيف جيش الاحتلال، أن الضابط المصرى «مصطفى حافظ» هو الوحيد، الذي هزم شارون، حتى إن الأخير أطلق عليه اسم «الشبح».
مصطفى حافظ الشاب الطموح، الذي يتميز بالشخصية القيادية، وحصل على رتبة عميد بالجيش وهو في سن الرابعة والثلاثين، كان الضابط الذي كلفه الرئيس جمال عبد الناصر بقيادة الكفاح الفدائى ضد إسرائيل في أواسط خمسينيات القرن الماضي، فقام بعمليات فدائية جريئة في عمق فلسطين.
ففى ربيع عام 1955، وفى اجتماع سرى عقد بالقاهرة برئاسة الزعيم الراحل جمال عبد الناصر، تقرر إنشاء كتيبة تنفذ أعمالًا فدائية ضد الإسرائيليين، حسبما جاء في «مجموعة مؤرخين 73»، واختير لهذه المهمة العقيد مصطفى حافظ، الذي عرف بذكائه وكفاءته.
وخلال عامى 55 و1956، أرعبت عمليات مصطفى حافظ الإسرائيليين، خاصة تلك التي نُفذت في العمق الصهيوني، وتحديدا في اللد وتل أبيب وغيرهما من المدن الكبرى، ونُفذت بعض هذه العمليات أيضًا في مستوطنات بشمال إسرائيل مثل مستوطنة (ريشون لتسيون) بالقرب من تل أبيب، والمقامة على أراضى قرية (عيون قارة الفلسطينية)، وكان يقوم بتلك الأعمال العشرات من رجال العميد مصطفى حافظ، حسبما قال «يوسي» في كتابه.
وعن بطولات العميد مصطفى حافظ، يذكر أرجمان أن الضابط المصرى كان مسئولًا عام 1953 عن قتل أكثر من 80 إسرائيليًا، حيث اعتاد على إرسال خلايا فدائية إلى عمق إسرائيل لتنفيذ المهمات الصعبة.
وقال يوسى «إن العمليات التي أشرف عليها الجنرال «حافظ» تعدت حدود غزة، وتمكّن من تجنيد الملحق المصرى في الأردن «صالح مصطفى»، مشيرًا إلى أن تقارير المخابرات الإسرائيلية تؤكد أن الخلايا الفدائية الفلسطينية، التي أشرف عليها حافظ، كانت تتسلل يوميًا داخل حدود الدولة العبرية، وتقوم بتنفيذ مهمتها، وعلى سبيل الذكر لا الحصر، في شهر أبريل عام 1956 تمكنت 200 خلية فدائية من الدخول إلى الأراضى المحتلة، وتنفيذ مهام بها.
وبعد عدة عمليات استخباراتية أرهقت خطوط العدو، عرف الموساد أن «رجل الظل» هو مصطفى حافظ، وهنا بدأ التخطيط لاغتياله بأوامر من القيادة السياسية الإسرائيلية آنذاك، ويبدو أن المصريين كانوا يعرفون بمخططات إسرائيل أو يتوجسون منها، وفقًا لكتاب يوسي.
وفى إحدى زياراته لغزة، همس الرئيس عبد الناصر في أذن «الرجل الشبح»، قائلًا «خلى بالك يا مصطفى من الخونة، فأنا ومصر نريدك بشدة».
وقد تمكن مصطفى حافظ من أن يلحق بمجرم الحرب الإسرائيلي، الذي أصبح فيما بعد رئيسًا للحكومة الإسرائيلية، أريل شارون، هزيمة ساحقة، ففى أوائل عام 1956 كان شارون قائدًا لأقوى كتائب جيش الاحتلال الإسرائيلى «101»، التي كانت كل مهمتها هزيمة وحدات المتطوعين الفدائيين في قطاع غزة، وأسند إليه تصفية «الرجل الشبح»، فتوجه أفراد كتيبته إلى بيت مصطفى حافظ في غزة لاغتياله، ونسفوا باب المنزل وغرفته، ولكنهم لم يجدوا أحدًا، فقد كان الرجل الشبح يلعب لعبته مع الموساد، فجعلهم يراقبون طيلة الوقت شخصًا آخر ومنزلًا آخر وهو الذي تم اقتحامه.
وعبثا كرر شارون محاولة اغتياله عبر وحدة بحرية أخرى، لكنه فشل في المرة الثانية أيضًا، ما دفع رئيس الوزراء الإسرائيلى بن جوريون والقائد العسكري موشيه دايان لتوبيخ شارون وكتيبته، ونقل ملف «الشبح» إلى القسم الخارجى للموساد.
وخطط الموساد لتنفيذ اغتياله بطرد ناسف، بعد أن أعلن عن جائزة قدرها مليون دولار، لمن يقدم معلومات عن الشبح (مصطفى حافظ)، وصدرت الأوامر لسبعة من كبار ضباط الموساد، لتنفيذ العملية.
وكما يروى المؤرخ العسكريّ يوسى أرجمان في كتابه «كانت الفكرة في البداية هي إرسال طرد بريدى من غزة، لكن هذه الفكرة أسقطت، إذ لم يكن من المعقول أن يتم إرسال طرد بريدى من غزة وإلى غزة، كما استبعدت خطط أخرى كان من بينها إرسال الطرد على شكل سلّة فواكه كهدية، لكنهم فكروا أنه ربما ذاقها شخص آخر قبل وصولها إلى مصطفى حافظ».
وفى النهاية استقر الجميع على إرسال طرد بريدى بواسطة العميل المزدوج «طلالقة»، باسم أحد الأشخاص المقربين من مصطفى حافظ -آنذاك - وهو قائد شرطة غزة، لطفى العكاوي، لتوحى بتواطئه مع الأجهزة الإسرائيلية، خاصة وأن هذا الطرد سيثير «طلالقة» العميل المزدوج، فيأخذه إلى مصطفى حافظ فورًا ليكشف له علاقة هذه الشخصية المقربة إليه، ومدى علاقتها بالإسرائيليين وينفجر حينها الطرد وتتم عملية اغتياله.
ويقول الإسرائيلى «أبو نيسان»، الاسم المستعار لرئيس القاعدة العسكرية الجنوبية التي تم تجهيز الطرد فيها، وأحد المشاركين في العملية، «طيلة ذلك اليوم حاولنا إقناع طلالقة بأنه لدينا مهمة بالغة الأهمية في قطاع غزة، لكننا غير واثقين من قدرته على القيام بها، فشعر حينها الرجل بأنه مستفز تمامًا، فقلنا له عندئذ: اسمع، رغم عدم ثقتنا الكاملة بك، إلا أننا سنكلفك بهذه العملية، ووجدنا أنك الأصلح لها».
وبدءوا في سرد المهمة له قائلين: هناك رجل مهم في قطاع غزة، هو عميل لنا أيضًا، وها هو الكارت الشخصى الخاص به، وها هو نصف جنيه مصرى علامة الاطمئنان إلينا، والنصف الآخر موجود معه هناك، أما العبارة التي ستتعامل بها فهى «أخوك بيسلم عليك».
وأردف الضابط المسئول بقوله: كنا نواجه مشكلة كبيرة في كيفية إقناع طلالقة بعدم فتح الطرد، الذي كان على شكل كتاب مليء بالمتفجرات، قبل وصوله إلى الهدف، وللتغلب على ذلك أرسلنا أحد جنودنا إلى بئر سبع لشراء كتاب مشابه أعطيناه لطلالقة وقلنا له: هذا هو كتاب الشفرة ويحق لك أن تتفقده الآن ومشاهدة ما فيه فقط، ولا يحق لك فتحه بعد ذلك حتى تصل إلى الهدف وتعطيه لعميلنا «العكاوي»، وبعد أن شاهده أخذناه منه وخرجنا من الغرفة، وعدنا ومعنا الكتاب الملغوم وسلمناه لطلالقة، فتساءل حينها في اندهاش وحيرة: لكن كيف ستعرفون أن الكتاب قد وصل، فقلنا له: «ستأتينا الرياح بالنبأ».
ويذكر أرجمان في كتابه أن «طلالقة»أخذ يردد في نفسه «كيف يمكن ويعقل أن يكون العكاوى أقرب المقربين إلى مصطفى حافظ عميلًا إسرائيليا؟، لا وألف لا.. لا يمكن أن يكون ما قاله لى الإسرائيليون صحيحًا، فالعكاوى لا يمكن أن يفعل ذلك».. هنا فكر على الفور أن يذهب ويسلّم الطرد إلى العكاوى نفسه، وبالفعل ذهب إلى منزله فوجده قد تركه إلى منزل آخر جديد لا يعرف عنوانه، وكان الإسرائيليون على علم بمكان عكاوى ومنزله الجديد، وهنا احتار فيما يفعله، فحزم أمره وتوجه إلى منطقة الرمال، حيث يقيم مصطفى حافظ لتسليم الطرد له وحكاية القصة بالكامل.
وهنا كُتب بتقرير لجنة التحقيق المصرية، التي تقصت عن وفاة مصطفى حافظ، بأمر مباشر من الرئيس جمال عبد الناصر «أنه في ساعات المساء الأخيرة من الحادى عشر من يوليو عام 1956 كان مصطفى حافظ يجلس على كرسيه في حديقة قيادته بغزة، بعد يومين فقط من عودته من القاهرة، حينما وصل طلالقة إليه حاملا الطرد البريدى الملغوم، المرسل أصلا إلى العكاوى العميل الوهمي، الذي استطاع رجال المخابرات الإسرائيلية إقناع طلالقة بعمالته وخيانته لمصطفى حافظ ورجالات الثورة الفلسطينية».
وتابع التقرير «حينما وصل طلالقة شعر مصطفى حافظ بأن هناك أمرًا سيئًا قد حدث، أو على وشك الحدوث، فسارع يطلب طلالقة بإفراغ ما بجعبته فورًا ودون أي مقدمات، كان بجوار مصطفى حافظ حينها أحد حراسه وضابط من قواته وفدائييه هو الرائد عمر هريدي، حينما انحلت عقدة لسان طلالقة وبدأ برواية ما سمعه من ضباط المخابرات الإسرائيلية والتي كانت بعيدة عن المنطق لكى يصدقها مصطفى حافظ، رغم علامات الانزعاج والتوتر التي بدت على وجهه، وما إن أزال مصطفى حافظ الغلاف الذي يغطى به الطرد حتى سقطت على الأرض قصاصة ورق صغيرة، فانحنى حينها لالتقاطها، وفى تلك اللحظة وأثناء انحنائه وقع الانفجار».
وفى الثانى عشر من يوليو عام 1956 استشهد القائد «مصطفى حافظ» في مستشفى تل الزهرة بغزة، بعد محاولات يائسة لإنقاذ حياته، وأصيب الرائد عمر هريدى بإعاقة مدى الحياة، وطلالقة بالعمى الدائم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.