مع استمرار حصار النظام السوري للعام الثاني على التوالي على الغوطة الشرقية في ريف دمشق، وانعدام أبسط مقومات الحياة، يلجأ الأهالي إلى ابتكار وسائل وأدوات جديدة؛ لتعويض النقص الحاد في موارد الطاقة المحرومين منها. يتحدث الحاج حسن (50 عاما) ل DW عربية، عن معاناته مع الحصار "نحن محرومون من كل شيء منذ بداية الحصار، من الوقود إلى الغذاء والدواء، حتى الماء حرمنا منه بعد تحويل مجرى نهر بردي عن الغوطة". ويتابع حديثه وهو يشير إلى أحد جداول المياه "ولولا الأمطار والثلوج التي أنعشت جداول المياه، لوجب علينا الاستمرار في التزود بالمياه الجوفية عن طريق المضخات التي قام شباب بصنعها، وبدونها للقي الأهالي حتفهم بسبب العطش". و تتنوع الأدوات التي يقوم ناشطون بابتكارها حسب مستوى الحاجة إليها في مختلف المجالات، فمع انقطاع موارد الطاقة عن المنطقة، أصبح الأهالي بحاجة لمصادر جديدة، فقاموا باختراع مواد تسمح بتوفير الوقود واستخراجه من مصادر بديلة كمادة البلاستيك التي أصبحت مادة أولية. ويتم تسخين البلاستيك بطرق بدائية ويستخرج منها وقود المازوت والبنزين والشحم الصناعي، كما يقوم ناشطون باستخراج غاز الميثان من روث الحيوانات عن طريق وضعه في حفر كبيرة وتركه ليتفاعل مدة معينة من الزمن، فينتج عنه غاز الميثان نهاية الأمر، غير أن هذه الطريقة لا تصلح في فصل الشتاء بسبب الحاجة إلى درجات حرارة مرتفعة. عن طريق استخدام طاقة الرياح يتم توليد الطاقة الكهربائية أيضا، حيث تتم الاستفادة منها بواسطة تركيب العنفات الهوائية التي تقوم بتوليد الطاقة الكهربائية بمستوى 12 فولتا لشحن البطاريات التي توفر الإضاءة للبيوت وشحن الهواتف النقالة، علاوة على الاستخدامات الطبية، "إلا أن الكثير من هذه العنفات قد تكسرت بفعل موجة البرد التي أصابت المنطقة مؤخرا". كما يضيف عماد 32 عاما وهو أحد سكان غوطة دمشق المحاصرة، ويتابع قائلا: "نحن الآن نعمل على ترميم هذه العنفات، ونسعى أيضا إلى الاستفادة من طاقة المياه بعد عودة مجاري المياه لجداول الغوطة، وإنشاء نواعير في هذه الجداول وربطها ب "دينمو" أي لمولد للطاقة الكهربائية". كما تحدث مصطفى (22 عاما)، عن طرق استخراج المياه الجوفية "فبعد انقطاع المياه عن الغوطة اضطررنا إلى استخدام وسائل كثيرة لاستخراج المياه الجوفية، إما بطرق بدائية عن طريق الجهد العضلي أو عن طريق مضخات أو ما يعرف "بالكباسات" لسحب المياه بطرق عملية"، ويتابع وعلامات الرضا تبدو على وجهه: "أما الآن فلا حاجة لسحب المياه الجوفية مع توفر المياه العذبة في أكثر الجداول، فهي تكفي ليشرب أهالي المنطقة وأيضا لري الأراضي والمزروعات". و على الرغم من بساطة الوسائل المستخدمة في صنع هذه الأدوات المبتكرة لإنتاج موارد الطاقة، إلا أن حالة الحرب التي تعيشها المنطقة والفقر المدقع الذي يتسبب فيه الحصار، يحول دون حصول الكثير من الأهالي على هذه الوسائل أو الاستفادة منها. أم عمر (40 عاما) لم تستطع إخفاء دمعتها، وهي تتحدث ل DW عربية: "لقد تمنيت الحصول على ناعورة مياه لإضاءة غرفة واحدة فقط في منزلي، ولكن إطعام أطفالي الثلاثة أولى من إضاءة المنزل بكثير، فالعين بصيرة واليد قصيرة". ويوضح مصطفى سلبيات هذه الوسائل "بأن بعضها قد يشكل خطرا كبيرا في حال إساءة استخدامها مثل أداة تقطير البلاستيك التي قد تتسبب في حدوث حروق قد تؤدي إلى الموت، أيضا المياه الجوفية المستخرجة تعتبر غير صالحة للشرب، فقد تسببت في الكثير من حالات التسمم في منطقة الغوطة وانتشار العديد من الأمراض". في حين يرى المهندس والناشط في مجال حقوق الإنسان مازن الشغري "أن الأفكار التي يطورها الناشطون في المناطق المحاصرة تستحق التأمل والتطوير، وهناك لجان خاصة يتم تشكيلها حاليا لعرض هذه الأفكار كمشاريع بحث على الجامعات التي تعنى بالبحث العلمي والاعتماد عليها كنواة للدراسة والبحث في مجال الطاقة البديلة"، ويلاحظ المتحدث أن هؤلاء المبتكرين يعملون في ظروف معقدة جدا وإمكانياتهم محدودة، ما يدعو إلى تسليط الضوء على هذا النموذج الناجح. هذا المحتوى من موقع دوتش فيل اضغط هنا لعرض الموضوع بالكامل