كل يوم يمر يكسب فيه عبد الفتاح السيسي أرضًا جديدة في قلوب المصريين، فالرئيس فاجأ الجميع بحضوره قداس عيد الميلاد المجيد، بالكاتدرائية المرقسية بالعباسية، مساء أمس الثلاثاء، ما أدخل البهجة في نفوس «أشقاء الوطن». صحيح أن زيارة «السيسي» أحدثت «هرجًا ومرجًا» داخل الكاتدرائية، وكادت «تبوظ» القداس، بسبب الحفاوة البالغة، والتصفيق الحاد الذي استُقبل به، من الذين شهدوا القداس، لكن الرئيس تدارك الموقف، وتعامل مع هذا «الترحيب» اللامتناهي، بذكاء يُحسد عليه، إذ مارس الرئيس هوايته في «الدعابة»، مخاطبًا الحضور بقوله: «كده البابا هيزعل»، وهو ما قوبل بعاصفة جديدة من التصفيق. والكلمة التي وجهها «السيسي» للمصريين- مسيحيين ومسلمين- من داخل الكاتدرائية، تحمل الكثير من ذكاء الرئيس في التعامل مع الأحداث الراهنة، واستغلال الفرص للتأكيد على «الوحدة الوطنية»، والتأكيد على أن مصر وطن لكل المصريين، وحضن للعالم كله، خاصة عندما قال: «إحنا المصريين نسطر للعالم معنى الوطنية، ونمنح طاقة أمل ونور حقيقية للعالم، ونحن قادرون على إطلاق الحضارة من جديد من مصر»، قبل أن يضيف: «إحنا المصريين لا يوجد تمييز بيننا، وهنبني البلد مع بعض وهنحب بعض بجد كي يرى الجميع والعالم مصر». هذه الكلمات أشعلت حماس الحضور بالتصفيق وهتافات: «أيد واحدة»، و«بنحبك يا سيسي»، فرد عليهم الرئيس قائلا: «أنا بحبكم أكتر». زيارة «السيسي» للكاتدرائية، تأتي بعد 47 عاما من افتتاحها من قِبل الرئيس الراحل جمال عبد الناصر في 25 يونيو سنة 1968، بحضور البابا كيرلس السادس، وهيلاسلاسي الأول إمبراطور أثيوبيا، ومار أغناطيوس يعقوب الثالث بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للسريان الأرثوذكس، وعدد كبير من ممثلي الكنائس في العالم. لقد ضرب «السيسي»- بزيارته الكاتدرائية أثناء قداس عيد الميلاد المجيد أمس - عدة عصافير بحجر واحد، فقد أدخل «البهجة» في نفوس لم تعرف غير «المرارة» طوال سنوات، ورد على دعاة «الفتنة» بتأكيده - فعلًا وقولًا - أن المصريين «جسد واحد»، «أعيادهم واحدة»، «أحزانهم واحدة»، ثم بعث برسالة إلى كل العالم مفادها أن مصر ستظل دائمًا واحة السلام، وبلد الأمن والأمان. نحن هنا نسجل ونشيد ب «موقف» لرئيس يتعامل بذكاء مع شعبه، وهذا لا يمنعنا من ممارسة «النقد» في حقه إن «أخطأ» أو تجاهل مشاكل وتطلعات المصريين.