« بسم الله الرحمن الرحيم، لا إله إلا الله وحده, ولا شريك له في ملكه , أيها المشايخ والأئمة قولوا لأمتكم إن الفرنسيين مسلمون مخلصون وإثبات ذلك أنهم قد نزلوا في روما الكبرى وخرّبوا فيها كرسي البابا الذي كان دائماً يحّث النصارى على محاربة الإسلام، ثم قصدوا جزيرة مالطا وطردوا منها الكوالليرية الذين كانوا يزعمون ان الله تعالى يطلب منهم مقاتلة المسلمين، ومع ذلك فإن الفرنساوية في كل وقت من الأوقات صاروا محبين مخلصين لحضرة السلطان العثماني..أدام الله ملكه...أدام الله إجلال السلطان العثماني.. أدام الله إجلال العسكر الفرنساوي.. لعن الله المماليك.. وأصلح حال الأمة المصرية " لم تفلح هذه الكلمات والتى كان نابليون – الذى أعلن إسلامه إمعانا فى الحبكة الدرامية - قد وجهها للمصريين فى اول يوليو 1798.. ولم يفلح حتى الأسطول الفرنسي كبير والمكون من 400 سفينة تقوده سفينة القائد (اوريليان) ومعه اكثر من 36 الف جندى .. فى ان تغير شيئا فى المصريين لأكثر من 3 سنوات , ولم تمض أكثر من ثمانية عقود ... وفى يوم 11 يولية سنة1882دكت مراكب الانجليز الإسكندرية ايضا – تروح فين الشمس من على قفا الاسكندرانية - وتصدى لها أحمد عرابى وقامت معركة التل الكبير والتى انهزم قيها عرابى ودخل الانجليز القاهرة يوم 15 سبتمبر 1882 و بدأ احتلال الانجليز لمصر, والذى دام لغاية النصف التانى من القرن العشرين ... وغنى عن البيان ان الانجليز ورغم طول العشرة والتى استمرت لأكثر من سبعة عقود, لم يستطيعوا تغيير اى شىء فى المصريين ... فلا المصريين تعودوا على شرب شاى الساعة الخامسة, ولا انتقلت اليهم يوما عدوى احترام المواعيد, والتى يقدسها البريطانيون .. ولا اكتسبوا حتى اللغة والتى انتقلت تلقائيا الى كل الشعوب التى استعمرت على مدى التاريخ والامثلة ناصعة تونسيا ومغربيا وجزائريا .. ولكن الثقافة المصرية أبت ان تتشرب من الثقافة الانجليزية ولو حتى قطرات – ياريتها اتشربت كان زمان حالنا غير الحال فى اللغة على الأقل ولكن تقول إيه نحن بلاد بلا اسفنجة امتصاص ألا لما تهوى – بل الواضح والمسجل ان المحتلين, ومع طول الوقت بدأوا يتطبعون بالعديد من الطباع المصرية, وبدأت كلمة " معلهش " تدخل ضمن الكلمات الاكثر ترديدا على لسان العساكر البريطانيين , واصبح القطن المصرى إدمانا لدى محتلينا, حتى أذن المؤذن ذات يوم بالرحيل .. وبالأمس جاء المذيع ليسألنى فى احد اللقاءات التليفزيونية التى استضفت فيها مؤخرا عن محاولة التيارات الإسلامية الصاعدة تغيير جوهر ثقافة المصريين ؟ فبهت لوهلة .. فمصر دولة اسلامية .. ولكنها دائما وستظل بإذن ربك تهوى الوسطية .. ولو اختار المصريون حديثا نبويا يتحدث عنهم خصيصا فلن يجدوا مثل قول خير البشر " إن الدين يسر ولن يشاد الدين احد إلا غلبه " وهم هكذا دائما فى النهاية غالبون ... وهم ايضا يعلمون – أى المصريين - ان واحدا من اهم مصادر عظمة مصر وقدرتها على الصمود قرونا وراء أخرى هو تنوعها الثرى بكل الحضارت والاطياف والالوان والمشارب ... وان من حاول يوما ان يعبث بهذا المفتاح ... صعقته الكهرباء ... فمصر تهضم " بفتح التاء " ولا تهضم "بضم التاء"... هكذا قلت .. وهاأنذا اعيد ... اللهم هل بلغت .. اللهم فاشهد