وزيرة البيئة تستعرض تحديات تمويل المناخ للدول النامية خلال مشاركتها بالدورة 15 لحوار بتسبيرج للمناخ بألمانيا    أسعار السمك البلطي اليوم السبت27-4-2024 في محافظة قنا    السبت 27 أبريل 2024.. نشرة أسعار الأسماك بسوق الجملة    صوامع الإسكندرية تستقبل 2700 طن قمح محلى منذ بدء موسم التوريد    طارق يحيى: المقارنة مع الأهلي ظالمة للزمالك    «الداخلية»: تحرير 441 مخالفة لعدم ارتداء الخوذة وسحب 1255 رخصة خلال 24 ساعة    وزير التعليم يتفقد عددا من المدارس بمحافظة الغربية    استمرار حبس تشكيل عصابي لسرقة السيارات في العجوزة    سينما المكفوفين.. أول تعاون بين مهرجان الإسكندرية للفيلم القصير ووزارة التضامن    محافظة القاهرة تشدد على الالتزام بالمواعيد الصيفية للمحال التجارية والمطاعم    زلزال بقوة 1 ,4 درجات يضرب شرق تركيا    وزير الخارجية الأردني يقول إنه لا أفق حقيقيا حتى اللحظة لنهاية الحرب على غزة    حماس تتسلم رد إسرائيل بشأن الصفقة الجديدة    وزير الخارجية يتوجه إلى الرياض للمشاركة في أعمال المنتدى الاقتصادي العالمي    الإمارات تستقبل 25 من الأطفال الفلسطينيين الجرحى ومرضى السرطان    زلزال بقوة 4.1 درجة يضرب شرق تركيا    حزب الله يعلن استشهاد 2 من مقاتليه في مواجهات مع الاحتلال    المقاولون العرب" تنتهي من طريق وكوبري ساكا لإنقاذ السكان بأوغندا"    "أبعد من التأهل للنهائي".. 3 أهداف يسعى لها جوميز مع الزمالك من مواجهة دريمز؟    مواعيد مباريات اليوم السبت 27 أبريل 2024 والقنوات الناقلة    قبل 3 جولات من النهاية.. ماهي فرص "نانت مصطفى محمد" في البقاء بالدوري الفرنسي؟    خلايا رعدية وأمطار غزيرة.. الأرصاد تحذر من طقس الساعات المقبلة    بعد رأس الحكمة وقرض الصندوق.. الفجوة التمويلية لمصر 28.5 مليار دولار    «اللتعبئة والإحصاء»: 192 ألفا و675 "توك توك" مرخص في مصر بنهاية عام 2023    سحب رعدية وأمطار وسيول.. الأرصاد تعلن حالة الطقس اليوم السبت    اليوم.. استئناف محاكمة المتهمين بقضية تنظيم القاعدة بكفر الشيخ    تفاصيل جريمة الأعضاء في شبرا الخيمة.. والد الطفل يكشف تفاصيل الواقعة الصادم    السبت 27 أبريل 2024.. نشرة أسعار الحديد والأسمنت اليوم    أول تعليق من الإعلامية مها الصغير بشأن طلاقها من الفنان أحمد السقا    برج الثور.. نصيحة الفلك لمواليد 27 أبريل 2024    كيف أدَّى حديث عالم أزهري إلى انهيار الإعلامية ميار الببلاوي؟.. القصة كاملة    جلست القرفصاء أمام جمهور الإسكندرية، سلوى محمد علي تثير الغضب والنشطاء يكشفون السر    هيئة كبار العلماء: الالتزام بتصريح الحج شرعي وواجب    متى يحق للزوجة الامتناع عن زوجها؟.. أمين الفتوى يوضح    خبير أوبئة: مصر خالية من «شلل الأطفال» ببرامج تطعيمات مستمرة    وزارة الصحة: 3 تطعيمات مهمة للوقاية من الأمراض الصدرية    إطلاق قافلة طبية بالمجان لقرية الخطارة بالشرقية ضمن مبادرة حياة كريمة    سياسيون عن ورقة الدكتور محمد غنيم.. قلاش: خلاصة فكره وحرية الرأي والتعبير هي درة العقد.. النقاش: تحتاج حياة سياسية حقيقية.. وحزب العدل: نتمنى من الحكومة الجديدة تنفيذها في أقرب وقت    علي جمعة: الشكر يوجب على المسلم حسن السلوك مع الله    هتنام بسرعة| 4 آيات حل رباني لمن لا يستطيع النوم ليلاً.. داوم عليها    اليوم .. جهاز المنتخب يتابع مباريات الدوري    كندا تخصص أكثر من مليوني دولار لصناعة المسيرات الأوكرانية    بعد قليل.. الحكم في اتهام مرتضى منصور بسب عمرو أديب    المتهم خان العهد وغدر، تفاصيل مجزرة جلسة الصلح في القوصية بأسيوط والتي راح ضحيتها 4 من أسرة واحدة    إشادة دولية بتجربة مصر في مجال التغطية الصحية الشاملة    محمد جبران رئيسا للمجلس المركزي للاتحاد الدولي لنقابات العمال العرب    "كنت ببعتله تحياتي".. كولر يكشف سر الورقة التي أعطاها ل رامي ربيعة أثناء مباراة مازيمبي    حكم الشرع في الإسراع أثناء أداء الصلاة.. دار الإفتاء تجيب    نتيجة انتخابات نادي القضاة بالمنيا.. عبد الجابر رئيسًا    لدورة جديدة.. فوز الدكتور أحمد فاضل نقيبًا لأطباء الأسنان بكفر الشيخ    الدكتور أحمد نبيل نقيبا لأطباء الأسنان ببني سويف    يسرا اللوزي تكشف سبب بكائها في آخر حلقة بمسلسل صلة رحم.. فيديو    عمل نفتخر به.. حسن الرداد يكشف تفاصيل مسلسل «محارب»    الأهلي ضد الترجي.. نهائي عربي بالرقم 18 في تاريخ دوري أبطال أفريقيا    تنفع غدا أو عشا .. طريقة عمل كفتة البطاطس    رسميا| الأهلي يمنح الترجي وصن داونز بطاقة التأهل ل كأس العالم للأندية 2025    السيسي محتفلا ب"عودة سيناء ناقصة لينا" : تحمي أمننا القومي برفض تهجير الفلسطينيين!!    تهاني شم النسيم 2024: إبداع في التعبير عن المحبة والفرح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



دروس وعبر من سيرة حياة زعيم وطنى أصابتنى بالإشمئزاز

كلنا نعرف هذا الإسم جيداً "أحمد عرابى" فكل مدينة مصرية لابد أن تجد بها شارعاً أو مدرسة أو ميداناً بإسمه وحتى آلاف الأسر المصرية خلال عقود متتابعة قد سموا أبنائهم بإسمه المركب "أحمد عرابى".
وعندما تسأل أى شخص عن كنه أحمد عرابى ؟ يجيبك أنه قائد الثورة العرابية .. وعندما تسأله عن معلوماته عن الثورة العرابية أو عن تاريخ حياة الزعيم أحمد عرابى ؟ لا تتعدى إجابته الثقافة المدرسية وثقافة الإعلام الرسمى وبعض الثقافة الموروثة بالتواتر.
وقليل منا يعلم القصة الشبه كاملة للزعيم أحمد عرابى وقليل منا من تآمل فيها وقرأ ما بين سطورها فى محاولة لإستقراء الواقع من خلالها.
فأحمد عرابي قد ولد في 1 أبريل 1841 في قرية هرية رزنة بمحافظة الشرقية ويوم ميلاده هو المتعارف عليه إجتماعياً فى عصرنا الحديث بيوم كذبة إبريل ولا أعلم هل ليوم مولده دلالة لنهاية حياته المؤسفة أم لا.
وقد تعلم القران الكريم وأرسله والده الذي كان عمدة القرية إلى التعليم الديني حتى عام 1849 ثم التحق بالمدرسة الحربية ويجب التنويه أن عمدة قرية فى ذلك الزمان كان منصباً كبيراً وكان يُعد من علية القوم.
وقد تدرج عرابي فى الرتب العسكرية بسرعة حتى أصبح نقيباً في سن العشرين وقد شارك في حروب الحبشة وترقي في الجيش الي ان وصل الي رتبة أميرالاي وكان يعتبر أحد المصريين القلائل الذين وصلوا الي هذه الرتبة بسبب انحياز قادة الجيش وناظر الجهادية -وزير الدفاع اليوم- إلى الضباط الشركس والاتراك.
ثم بدأ ظهور نجم أحمد عرابى كشخصية وطنية تتصارع ضد السلطة الحاكمة لإثبات حقوق المصريين فى تقلد المناصب العليا والدفاع عن كرامة المصريين.
وهذا ما جعله يصطدم مع أكبر رأس فى الدولة حينها وهو الخديوى توفيق وينتهى الصراع فى مراحله الأولى بقولة عرابى الشهيرة : لقد خلقنا الله أحرارًا ولم يخلقنا تراثًا أو عقارًا فوالله الذي لا إله إلا هو لا نُورَّث ولا نُستعبَد بعد اليوم .. والتى كانت رداً على مقولة توفيق : كل هذه الطلبات لا حق لكم فيها وأنا ورثت ملك هذه البلاد عن آبائي وأجدادي وما انتم إلا عبيد إحساننا.
وهنا لنا وقفة وتآمل وتساؤل : ما هى القوة التى إستند إليها عرابى لمواجهة الخديوى وأيضاً التى لم تجعل الخديوى يبطش بعرابى ؟.
ربما الإجابة على هذا السؤال يسيرة حتى لطفل صغير ولكنها كبيرة المعنى على عقولنا والإجابة ببساطة هى : صفوة الشعب من الوطنيين.
والشعب المصرى الذى قبع تحت نير الظلم والطغيان لقرون من الزمن حتى ظن الكثيرون أنه شعب خانع خاضع ولكن عندما واتت صفوته الفرصة تحركت النخوة وروح الوطنية داخلهم وتحركوا لتحرير أنفسهم وباقى أفراد الشعب الصامت من نير العبودية.
وإستجاب الخديوى توفيق بالفعل لمطالب صفوة الأمة على مضض وعزل رياض باشا من رئاسة الوزارة وعهد إلى شريف باشا بتشكيل الوزارة وكان رجلا كريمًا مشهودًا له بالوطنية والإستقامة فألف وزارته في (14 سبتمبر 1881) وسعى لوضع دستور للبلاد ونجح في الإنتهاء منه وعرضه على مجلس النواب الذي أقر معظم مواده ثم عصف بهذا الجهد تدخل إنجلترا وفرنسا في شئون البلاد وتأزمت الأمور وتقدم "شريف باشا" بإستقالته في (2 فبراير 1882).
وتشكلت حكومة جديدة برئاسة محمود سامي البارودي وشغل عرابي فيها منصب "وزير الجهادية" (الدفاع) وقوبلت وزارة "البارودي" بالإرتياح والقبول من مختلف الدوائر العسكرية والمدنية لأنها كانت تحقيقاً لرغبة الأمة ومعقد الآمال وكانت عند حسن الظن فأعلنت الدستور وصدر المرسوم الخديوي به في (7 فبراير 1882 م).
غير أن هذه الخطوة الوليدة إلى الحياة النيابية تعثرت بعد نشوب الخلاف بين الخديوي ووزارة البارودي حول تنفيذ بعض الأحكام العسكرية ولم يجد هذا الخلاف مَن يحتويه من عقلاء الطرفين فاشتدت الأزمة وتعقد الحل ووجدت بريطانيا وفرنسا في هذا الخلاف المستعر بين الخديوي ووزرائه فرصة للتدخل في شئون البلاد فبعثت بأسطوليهما إلى شاطئ الإسكندرية بحجة حماية الأجانب من الأخطار.
ولم يكد يحضر الأسطولان الإنجليزي والفرنسي إلى مياه الإسكندرية حتى أخذت الدولتان تخاطبان الحكومة المصرية بلغة التهديد والبلاغات الرسمية ثم تقدم قنصلا الدولتين إلى البارودي بمذكرة مشتركة في (7 رجب 1299 ه = 25 مايو 1882 م) يطلبان فيها إستقالة الوزارة وإبعاد عرابي وزير الجهادية عن القطر المصري مؤقتاً مع احتفاظه برتبه ومرتباته وإقامة "علي باشا فهمي" و"عبد العال باشا حلمي" وهما من زملاء عرابي وكبار قادة الجيش في الريف مع احتفاظهما برتبتيهما ومرتبيهما.
وكان رد وزارة البارودي رفض هذه المذكرة باعتبارها تدخلا مهيناً في شئون البلاد الداخلية وطلبت من الخديوي توفيق التضامن معها في الرفض إلا أنه أعلن قبوله لمطالب الدولتين لأنه وجدها فرصة سانحة لإظهار ما فى نفسه من كره لمن تحدوه ووقفوا فى وجهه وإزاء هذا الموقف قدم البارودي استقالته من الوزارة فقبلها الخديوي.
غير أن عرابي بقي في منصبه بعد أن أعلنت حامية الإسكندرية أنها لا تقبل بغير عرابي ناظراً للجهادية فاضطر الخديوي إلى إبقائه في منصبه وتكليفه بحفظ الأمن في البلاد غير أن الأمور في البلاد ازدادت سوءاً بعد حدوث مذبحة الإسكندرية في (11 يونيو 1882م) وكان سببها قيام مكاري (مرافق لحمار نقل) من مالطة من رعايا بريطانيا بقتل أحد المصريين فشب نزاع تطور إلى قتال سقط خلاله العشرات من الطرفين قتلى وجرحى.
وعقب الحادث تشكلت وزارة جديدة ترأسها "إسماعيل راغب" وشغل "عرابي" فيها نظارة الجهادية وقامت الوزارة بتهدئة النفوس وعملت على إستتباب الأمن في الإسكندرية وتشكيل لجنة للبحث في أسباب المذبحة ومعاقبة المسئولين عنها.
ولما كانت إنجلترا قد بيتت أمراً بليل فقد أعلنت تشككها في قدرة الحكومة الجديدة على حفظ الأمن وبدأت في إختلاق الأسباب للتحرش بالحكومة المصرية ولم تعجز في البحث عن وسيلة لهدفها فإنتهزت فرصة تجديد قلاع الاسكندرية وتقوية استحكاماتها وإمدادها بالرجال والسلاح وأرسلت إلى قائد حامية الإسكندرية إنذارًا في (10 يوليو 1882 م) بوقف عمليات التحصين والتجديد وإنزال المدافع الموجودة بها.
ولما رفض الخديوي ومجلس وزرائه هذه التهديدات قام الأسطول الإنجليزي في اليوم التالي بضرب الإسكندرية وتدمير قلاعها وواصل الأسطول القصف في اليوم التالي فاضطرت المدينة إلى التسليم ورفع الأعلام البيضاء واضطر أحمد عرابي إلى التحرك بقواته إلى "كفر الدوار" وإعادة تنظيم جيشه.
وبدلاً من أن يقاوم الخديوي المحتلين استقبل في قصرالرمل بالإسكندرية الأميرال بوشامب سيمور قائد الأسطول البريطاني وانحاز إلى الإنجليز وجعل نفسه وسلطته الحكومية رهن تصرفهم حتى قبل أن يحتلوا الإسكندرية.
فأثناء القتال أرسل الإنجليز ثلة من جنودهم ذوي الجاكتات الزرقاء لحماية الخديوي أثناء انتقاله من قصر الرمل إلى قصر التين عبر شوارع الإسكندرية المشتعلة.
ثم أرسل الخديوي إلى أحمد عرابي في كفر الدوار يأمره بالكف عن الاستعدادات الحربية وحمله تبعات ضرب الإسكندرية وآمره بالمثول لديه في قصر رأس التين ليتلقى منه تعليماته.
ورفض عرابي الإنصياع للخديوي بعد موقفه المخزي وبعث إلى جميع أنحاء البلاد ببرقيات يتهم فيها الخديوي بالإنحياز إلى الإنجليز ويحذر من اتباع أوامره وأرسل في 16 يوليو إلى "يعقوب سامي باشا" وكيل نظارة الجهادية يطلب منه عقد جمعية وطنية ممثلة من أعيان البلاد وأمرائها وعلمائها للنظر في الموقف المتردي وما يجب عمله فاجتمعت الجمعية في (غرة رمضان 1299ه= 17 يوليو 1882م) وكان عدد المجتمعين نحو أربعمائة وأجمعوا على استمرار الإستعدادات الحربية ما دامت بوارج الإنجليز في السواحل وجنودها يحتلون الإسكندرية.
وفي اليوم نفسه إجتمع يعقوب سامي بعدد من وكلاء النظارات وكبار المواطنين والضباط وكان عدد الذين حضروا 70 شخصا وقرر الحضور إنعقاد إجتماع موسع من كبار العلماء والرؤساء الدينيين وأمراء العائلة الخديوية والأعيان.
وعقد هذا الإجتماع الموسع في اليوم التالي الإثنين 17 يوليو وحضره نحو 400 شخص في مقدمتهم الشيخ الإمبابي شيخ الإسلام والبطريرك كيرلس الخامس وقرروا ضرورة حضور الخديوي توفيق إلى العاصمة القاهرة وتشكيل لجنة برئاسة علي مبارك لإبلاغ هذا القرار للخديوي وذهب علي مبارك ولم يعد للقاهرة وعرف الناس أن المراقبين الماليين الإنجليز أخذوا الاموال الموجودة في صندوق الدين إلى المراكب الحربية.
وكان رد فعل الخديوي على هذا القرار هو اصدار بيان في نفس اليوم 17 يوليو 1882 بعزل عرابي من منصبه وتعيين "عمر لطفي" محافظ الإسكندرية بدلا منه.
وأردف البيان الخديوي بأن تجهيزات الحرب مسؤولية عرابي والخديوي غير مسئول عن تصرفات عرابي.
ولكن عرابي لم يمتثل للقرار واستمر في عمل الاستعدادات في كفر الدوار لمقاومة الإنجليز.
وبعد انتصار عرابي في معركة كفر الدوار أرسل عرابي إلى يعقوب سامي يدعوه إلى عقد اجتماع للجمعية العمومية للنظر في قرار العزل.
وفي (6 رمضان 1299 ه = 22 يوليو 1882 م) عُقِد اجتماع في وزارة الداخلية حضره نحو خمسمائة من الأعضاء يتقدمهم شيخ الأزهر وقاضي قضاة مصر ومُفتيها ونقيب الأشراف وبطريرك الأقباط وحاخام اليهود والنواب والقضاة والمفتشون ومديرو المديريات وكبار الأعيان وكثير من العمد فضلا عن ثلاثة من أمراء الأسرة الحاكمة.
وفي الاجتماع أفتى ثلاثة من كبار شيوخ الأزهر وهم :محمد عليش وحسن العدوي والخلفاوي بمروق الخديوي عن الدين وكفره لانحيازه إلى الجيش المحارب لبلاده وبعد مداولة الرأي أصدرت الجمعية قرارها بعدم عزل عرابي عن منصبه ووقف أوامر الخديوي ونظّاره وعدم تنفيذها لخروجه عن الشرع الحنيف والقانون المنيف.
وقد لجأ الإنجليز والخديوي توفيق لمختلف الحيل لكسر شوكة أحمد عرابي ورجاله وصدر منشور من السلطان عبد الحميد الأول يعلن عصيان أحمد عرابي بعد ضغوط عليه من الدول الأوروبية وأكد دليسبس أن الإنجليز لن يهاجموه في الجبهة الشرقية عن طريق قناة السويس لأن القناة محايدة وإنضم محمد سلطان باشا صراحة إلى الخديوي توفيق ضد عرابي وأيضاً يوسف خنفس وعدد من الضباط.
وإحتل الإنجليز بورسعيد وفي 21 أغسطس وصلت القوات الهندية إلى السويس وفي 25 أغسطس سقطت المسخوطة.
ووقعت معركة القصاصين في 28 أغسطس 1882 فأثناء تقدم الجيش البريطاني غربا في محافظة الإسماعيلية بقيادة جنرال جراهام حوصر من قبل الأهالي العزل فطلب الإمداد بمزيد من الذخيرة في الساعة 4:30 عصرا فوصلته الساعة 8:45 مساءا مما مكنه من القيام بمذبحة كبيرة بين الأهالي.
ووقعت معركة التل الكبير في 13 سبتمبر 1882 (الموافق 29 شوال 1299ه) الساعة 1:30 صباحا واستغرقت أقل من 30 دقيقة وقد فاجأ الإنجليز القوات المصرية المتمركزة في مواقعها منذ أيام والتي كانت نائمة وقت الهجوم حتى أن أحمد عرابي لم يجد الوقت الكافى لأن يكمل ارتداء حذائه وحصدت المدفعية البريطانية في تلك المعركة أرواح نحو 10,000 مصري.
وعقب المعركة قال الجنرال گارنت ولسلي قائد القوات البريطانية أن معركة التل الكبير كانت مثال نموذجي لمناورة تم التخطيط الجيد لها مسبقا في لندن وكان التنفيذ مطابقاً تماماً كما لو كان الأمر كله لعبة حرب إلا أنه أردف أن المصريون أبلوا بلاءاً حسناً كما تشير لذلك خسائر الجيش البريطاني.
وكان قد اختار ولسلي الهجوم الليلي لتجنب القيظ ولمعرفته بتفشي العشى الليلي بشكل وبائي بين الجنود المصريين إلا أنه لاحظ أن الجنود النوبيين والسودانيين لم يعانوا من هذا المرض.
وفي يوم 15 سبتمبر عام 1882 عاد أحمد عرابي إلى القاهرة ليدافع عنها وواصلت القوات البريطانية تقدمها السريع إلى الزقازيق حيث أعادت تجمعها ظهر ذلك اليوم ثم استقلت القطار (سكك حديد مصر) إلى القاهرة التي استسلمت حاميتها بالقلعة عصر نفس اليوم وقبض على أحمد عرابي وعلى العرابيين وعلى ثلاثين ألفا من المصريين الوطنيين.
وعقد الإنجليز ما سُمى بالمجلس العرفي الذي قرر رفع عريضة الإستسلام إلى الخديوي توفيق وطلب المجلس من عبد الله النديم كتابة هذه العريضة وكتبها عبد الله النديم ولم يعتذر عن الثورة وألقى بالمسئولية كلها على الإنجليز وتوفيق وإعتذر المجلس العرفي عن عدم رفع العريضة بصياغة النديم إلى الخديوي وكلف بطرس غالي بصياغة عريضة جديدة وكتبها وفيها كثير من المحاسنة والملاينة وتلك هي العريضة التي رفعت للخديوي توفيق وكان ذلك بداية الإحتلال البريطاني لمصر الذي دام 72 عاماً.
وكان إثنان قد رفضا الإعتذار عن الثورة وهما علي الروبي الذي قبض عليه وتقرر نفيه إلى السودان حيث مات هناك وعبد الله النديم الذي ظل يكافح بما سمحت له ظروف الإختفاء لأكثر من تسع سنوات.
واحتجز أحمد عرابي في ثكنات العباسية مع نائبه طلبة باشا حتى انعقدت محاكمته في 3 ديسمبر 1882 والتي قضت باعدامه ثم تم تخفيف الحكم بعد ذلك مباشرة (بناءا على اتفاق مسبق بين سلطة الإحتلال البريطاني والقضاة المصريين) إلى النفي مدى الحياة إلى سرنديب (سيلان)وانتقل السفير البريطاني لدى الباب العالي لورد دوفرن إلى القاهرة كأول مندوب سامي - حيث أشرف على محاكمة أحمد عرابي وعلى عدم اعدامه.
ونفى أحمد عرابي إلى سيلان وفي الساعة الواحدة بعد ظهر يوم 28 ديسمبر عام 1882 غادرت الباخرة مريوط ميناء السويس برفقة الأسطول البريطاني لنفي أحمد عرابي وزملائه ومحمود سامي البارودي ولاحقاً عبدالله النديم إلى سريلانكا حيث استقروا بمدينة كولومبو لمدة 7 سنوات وبعد ذلك نقل أحمد عرابي و البارودي إلى مدينة كاندي بذريعة خلافات دبت بين رفاق الثورة.
وعاد أحمد عرابي من المنفي في 30 سبتمبر 1901م ليقيم مع أولاده بعمارة البابلي بشارع الملك الناصر المتفرع من شارع خيرت بحي السيدة زينب.
ولدى عودته من المنفى عام 1901 حاولت السلطة الحاكمة الإجهاز عليه شعبياً وإعلامياً ففي 13 أكتوبر 1901 صدرت جريدة المقطم الموالية للإنجليز وللخديوى وبها حديث مفبرك عن عرابي وانه يلقي فيه سيفه ويعتذر عن الثورة.
وأشاعوا عنه أنه سعى إلى إقناع الإنجليز لتنصيبه ملكاً على مصر وبلاد العرب وأنه قد أعلن عن نسبه إلى الحسين بن علي بن أبي طالب وقد عرضت تلك الإشاعات أحمد عرابي لحملة إعلامية شعواء تقدمتها جريدة اللواء والمجلة المصرية وأمير الشعراء أحمد شوقي والذى هجاه فى عدة قصائد وكان الحزب الوطني بزعامة مصطفي كامل من أعدي أعداء عرابي ومن أكثر الذين افتروا علي هذا الزعيم الحر واتهموه بالخيانة وهى مواقف عجيبة واتهامات بعيدة عن الحقيقة‏.
وكان السبب الرئيسى لنجاح هذه الحملة الإعلامية المفبركة فى ذلك الوقت هو إعتمادهم على الأغلبية الصامتة والمغيبة من الشعب المصرى منذ أيام الفراعنة وحتى اليوم.
وقد هجاه أحمد شوقى فى أكثر من قصيدة ولكن أشهرها هى القصيدة التى يقول فيها :
صَغار في الذهاب وفي الإياب *** أ هذا كل شأنك يا عرابي؟
عفا عنك الأباعد والأداني *** فمن يعفو عن الوطن المصاب؟
وما سألوا بَنيكَ ولا بَنينا *** ولا التفتوا إلى القوم الغِضاب
فَعِش في مصرَ موفورَ المعالي *** رفيعَ الذكْرِ مُقتَبِل الشباب
أفرقٌ بَينَ سيلانٍ ومِصْر *** وفي كِلْتَيْهِما حُمْرُ الثياب؟
يتوب عليك من منفاك فيها *** أناس منك أولى بالمتاب
ولا والله ما مَلَكوا عِتاباً *** ولا مَلَكوا القديمَ من العِقاب
ولا ساوَوْك في صِدْق الطَّوايا *** وإن ساوَوْك في الشِّيم الكِذاب
حُكومَة ذِلَّةٍ وسَراةُ جَهْلٍ *** كعَهْدِك إذْ تُحَيِّيك الطَّوابي
وإذا ذكرنا الإتهامات التى وجهت للزعيم الوطنى أحمد عرابى فى عصره ولكن بألفاظ اليوم سنجدها كالآتى :
أحمد عرابى خارج ومارق على الشرعية والتى يمثلها الخديوى.
أحمد عرابى ينفذ أجندات خارجية .. والمقصود بهذا هو عندما بارك السلطان العثمانى مساعى أحمد عرابى قبل أن ينقلب عليه بعد الضغوط الأوروبية ويصدر فرمان بأنه مارق.
أحمد عرابى كاذب ومنافق.
أحمد عرابى يتلقى تمويلاً من الخارج.
أحمد عرابى هو الودا البلد فى داهية وهو السبب فى الإحتلال الإنجليزى لمصر .
وأخيراً توفي الزعيم أحمد عرابى في القاهرة في 21 سبتمبر 1911 بدون أن يرثيه أحد ولكن بقت قصته لنتآمل فيها ونتعلم منها.
ولكن يبقى هناك سؤال يحتاج لإجابة من كل فرد منا وهو أنه : لو لم يقرر أحمد عرابى أن يقف فى وجه الإنتهاكات التى تعرض لها الشعب المصرى (وهو نفسه لم يتعرض لتلك الإنتهاكات) وأيضاً دفاعه عن كرامة المصريين (وهو نفسه كرامته كانت محفوظة) .. فكيف كنا سنرى سيناريو تاريخه ؟؟..
وللعلم .. فكثير من الإسمعلاوية لا يعرفون أن الزعيم أحمد عرابى له فضل كبير فى شهرة الإسماعيلية فهو من أحضر شجرة المانجو (المانجو) إلى مصر لأول مرة والتى إشتهرت بها الإسماعيلية لعقود مضت وحتى اليوم..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.