علاقتي بجمال مبارك كما تعرفون وطيدة وحميمة، الأمر الذي جعلني عاجزا عن التخلي عنه إذا ما طلبني للفضفضة.. يعلم جيمى - هكذا يحب أن أناديه- أنني ممن فجروا الثورة ضد حكم أبيه وضد طموحاته في التوريث.. لكن «الجميل» في جمال أنه دائماً ما «يفرق» بين علاقتنا الشخصية واختلافنا السياسي. لزيارته في محبسه طلبني جيمى فلبيته.. كان صوته مليئاً بالشجن عندما التقيته .. قال لي: أهكذا يترك الخليل خليله يا رجل!! لم يجد منى إجابة فواصل: أشعر «بخنقة» يا عم عرفة صحيت على «كابوس» ولم ير جفني النوم حتى الآن.. هل من الممكن أن يحدث هذا على أرض الواقع يا عم بستلة؟!! لم ينتظر جمال أن أقول له: «خير اللهم اجعله خير» لكنه استطرد ليسرد تفاصيل «كابوسه» المفزع قال إنه رأى نفسه مرتدياً «البدلة» الحمراء ويداه مكبلتان «بالكلابشات» كان جمال يصف مشهد «سحله» على بلاط السجن مجروراً إلى «حبل» المشنقة وعيناه تصارعان انسياب الدمع على خده.. تأثرت كثيراً لكنى لم أعلق سوى بعبارة واحدة «يمهل ولا يهمل»!! وهنا شعر جمال أنه بدا ضعيفا أمامي وأنني لم أكن مستمعاً جيداً لتفاصيل «كابوسه» كان ينتظر منى أن أواسيه وأهدهد مشاعره وأطمئن فؤاده بأنها مجرد «أضغاث» أحلام فلما لم يجد منى هذا، زعق وقال هل تتخيل أن مثل هذا الكابوس ممكن أن يترجم إلى الواقع؟!! أنا «الواقع» يا بستله ويمكننى أن أقلب حياتك وحياة شعبك إلى كابوس أسود.. هل تتوهم أن جمال مبارك يمكن أن يسحل أو يشنق أو حتى يدخل السجن؟!! ها ها ها .. أنا حتى الآن محبوس على ذمة قضايا ولست مسجونا أيها البستلة!! كان صمتي واكتفائي بالنظر إليه مشدوهاً وهو يهاجمني ويسخر من رد فعلى تجاه كابوسه بمثابة خناجر تقطع في جسده .. واصلت صمتي وواصل هو كلامه: لا تحلم أنت ولا أي أحد آخر في مصر أن «جيمي» سيحاكم ولا تحلم يا بستلة بأن أي فرد من أفراد أسرتنا التي مازالت تحكم وتتحكم فيكم سيحاكم كما تظنون.. ألم تشاهدني وأنا أشير بعلامة النصر لأنصارنا المخلصين داخل قاعة المحكمة؟!! لقد أخطأت عندما طلبتك كي تستمع لمعاناتي من «كابوس» كان قد أرقني.. أخرج من هنا ولا تعود مرة أخري.. لا أريدك ولا أريد درب الفشارين الذي تنتمي إليه!! وهنا وقفت وقررت الخروج من «طرة» إلا أن ثلاثة أشخاص جاءوا وبأيديهم سلاسل حديدية وسارعوا بتقييدي وسحلي على أرض السجن المبللة بالرطوبة دون أن يلتفتوا لصياحي وقولي لهم بأنني فشار ابن فشار حتى وجدتني أجلس على سريري مفزوعا أشعر بالانقباض وزوجتي فوق رأسي وبيدها كوب من الماء وتقول لي: خير اللهم اجعله خير يا عرفة.. اشرب يا حبيبي فبالتأكيد هذا كابوس!!