المساهمة في مشروع حفر قناة السويس الجديدة هي أمل كل مصرى خلال الفترة الأخيرة.. فما أحوج المصريين إلى أن يلتفوا حول مشروع قومي بهذا الشكل! لكن تلك المساهمة بالتأكيد ليست متاحة للجميع.. وهذا ليس عن قصد ولم يكن عن عمد من صانع قرار المساهمة الشعبية الذي قرر أن تكون من خلال شهادات الاستثمار البنكية. ذاك الزحام على البنوك بينما يمثل مشهدا رائعا للمصريين أمام العالم وأمام أنفسهم إلا أنه يُحزن آخرين ويُشعرهم بالعجز. نعم ففى مصر إناث فقراء ينتمين لبنى جلدتنا "الحرافيش" ليس بإمكانهم المساهمة في مشروع مصر الأكبر بسبب ضيق ذات اليد الأمر الذي بالتأكيد يشعرهم بالحزن والعجز ويقلب عليهم المواجع. أكتب هذه المقدمة بعد قراءتى لتلك الرسالة التي وصلتنى ضمن رسائل كثيرة جاءتنى هذا الأسبوع والتي سأعرضها عليكم في السطور القادمة دون حذف أو إضافة: عزيزى الحرفوش الكبير.. تحية طيبة برائحة رمل القناة التي يحفرها المصريون هناك بمدينة السويس الجميلة.. تحية ملئها الامتنان لكم ولمجهودكم الرائع الذي تبذلونه لإتاحة الفرصة لحرافيش الوطن كى يعبروا عن أنفسهم من خلال تلك المساحة الغنية رغم صغرها. أنا يا عزيزى متابع جيد لما تنشرونه هنا من أنات وأوجاع الفقراء.. وكم تخيلت نفسى وأنا أكتب لك ثم أقرأنى هنا.. لكن رغم هذا لم تأخذنى يدى يوما للكتابة كى أعبر عن معاناتى الحياتية مرة.. إلا أننى اليوم وجدتنى لا بد أن أكتب ما يدور بخلدى من أحزان رغم الفرح.. وأكتب مأساتى مع مشروع قناة الأمل الذي يلتف حوله السواد الأعظم من المصريين ويتسابقون للمساهمة فيه بأموالهم وكلهم ثقة بأنها لن تضيع هباء بل ستعود عليهم بالنفع كما ستعود على الوطن بالمنفعة الأكبر. أسئلة كثيرة يا سيدى تدور بخلدى وأنا ألضم لك تلك الحروف.. أهمها لماذا لا أكون واحدا ممن يساهمون.. وما ذنبى في ذلك.. ولماذا لم تتح الحكومة لأمثالنا ممن لا يملكون قوت يومهم بالمساهمة في المشروع بأى طريقة أخرى غير بذل الأموال التي لا نملكها؟ لماذا لم تراع الحكومة مشاعرنا ونحن نقف عاجزين أمام أنفسنا وأبنائنا عن المساهمة في أول مشروع قومى منذ زمن بعيد ؟ أنا يا سيدى أعمل بالأجر اليومى الذي هو قوت أبنائى.. فهل تصدقنى إذا قلت لك إننى لا أستطيع توفير مائة جنيه أتبرع بها لحفر القناة ؟ لكننى على استعداد لأن أحفر بيدى.. فلماذا لم توفروا لى هذه الميزة ؟ ستقول لى يا عزيزى وكيف سيأكل أبناؤك إذا ما ذهبت أنت للمساهمة في حفر القناة وهم يعتمدون على رزقك اليومى ؟ وأنا سأقول لك القائمين على المشروع يعطوننى أجرى وعليه زيادة 12 % أرباحا مثلى في ذلك مثل من يتباهون بتبرعهم ومساهمتهم في المشروع رغم أنهم سيستعيدون أموالهم وعليها أرباح بنسبة 12% أيضا. أليس هذا هو العدل في التعامل مع مشاعر المواطنين وأحاسيسهم يا سيدى ؟! أنا هنا أعانى أسئلة أبنائى وهم يقولون لى "لماذا لا تساهم في مشروع حفر القناة مثلك مثل جارنا فلان وعمنا علان وخالنا زعبلان ؟" أنا يا سيدى الحرفوش لن أطيل عليك ويبدو أن رسالتى قد وصلت لك.. لكننى أريدها في حال أن تحوز على رضاك وتقرر نشرها أن توجهها للحكومة تحت عنوان "نفسنا نساهم" لعلهم لخطئهم في حقنا أمام أبنائنا يدركون. وفى نهاية رسالتى دعنى أقر أن مشروع حفر قناة السويس الجديدة هو أعظم مشروع قومى أدركته خلال سنوات حياتى التي كادت تلامس الخمسين عاما بشهور قلائل وأقر كذلك بشعورى بالخذلان لأننى لم أستطع المساهمة فيه بأى شيء. وآخر النهاية يا سيدى لك منى ألف مليون تحية وسلام ورحمة من الله وبركاته !