أوافق على أن هذه المباراة ليست أكثر من كونها مباراة كرة قدم، يفوز فيها طرف بينما يخسر الطرف الثاني، أي أنها ليست حربا بين طرفين متصارعين، يريد أحدهما القضاء على الطرف المقابل له، غير أن ما حدث في بورسعيد يؤكد على أنه عمل مدبر، وهو أمر أصبح لا شك فيه، خاصة بعد المشاهد التي شاهدناها جميعاً على شاشات التليفزيون، فللوهلة الأولى بعد حالة الانبهار للتدافع على أرض الملعب، يمكن ملاحظة ما حدث بدقة من وجود أسلحة بيضاء وشماريخ، واستهداف المشجعين بشكل مباشر لقتلهم، ولولا بعض الثواني الفاصلة لتم استهداف اللاعبين أنفسهم. ولكن لا أوافق على ما يتم نشره الآن من خلال تسريبات العديد من الجهات بفكرة شيوع الاتهام الذي نعاني خلال جميع الأحداث التي تلت 25 يناير 2011،ولا أوافق أيضاً على الفكرة سابقة التجهيز من أن وراء كل ما يحدث هم الفلول.. ذلك المصطلح السحري الذي تحول إلى (شماعة) لعدم توجيه الاتهام لأشخاص، أو لمؤسسات بعينها، وما أعرفه أن وراء كل جريمة شخص محدد يجب البحث عنه من خلال الأدلة والمعلومات لمحاكمته أياً كان منصبه أو مكانته في مصر. لا أوافق أيضاً على توجيه الاتهام بشكل عشوائي لجهاز الشرطة من خلال العبارة الجامعة المانعة عن وجود قيادات أمنية لم تصل إليها يد التطهير.. لأنه لا يمكن أن يكون الحكم على الأمور بهذه البساطة ، والسطحية ، والسذاجة ، من خلال غلق العديد من الملفات الشائكة التي راح ضحيتها مواطنون مصريون لا ذنب لهم بإقالة مدير الأمن، ومدير المباحث والتحقيق معهما، لأن ما حدث في بورسعيد يفوق سلطة من تم الدفع بهما لتحميلهما مسئولية هي بكل الأحوال تفوق اختصاصاتهما. الجميع يجتهد ويحلل.. بدون أي معلومات دقيقة، وفي ظل إدارة إعلامية، فاشلة، ومرتبكة للأزمات التي تحدث في المجتمع المصري، وهو أمر لم يختلف كثيراً بعد 25 يناير عما قبله، وأعتقد أنه من المفيد أن يتم تشكيل لجنة قضائية مستقلة ذات صلاحيات تمكنها من التحقيق السريع الجاد فيما حدث، وعلى هذه اللجنة أن تخرج للرأي العام للإجابة الحاسمة علي بعض الأسئلة المعلقة على غرار: من الذي أصدر أمر قطع الكهرباء عن النادي؟ ومن الذي قام بفتح أبواب وغلق أبواب أخرى؟. وما سجلته غرفة التحكم بالاستاد من خلال الكاميرات المنتشرة حول الملعب؟.. وهي التسجيلات التي من المفترض أنها سجلت لقطات تفصيلية لكيفية وقوع ما حدث. من الذي سمح بدخول كل تلك الأسلحة لمدرجات النادي.. وهي أسلحة تنوعت بين أسلحة بيضاء وشماريخ؟!. من المنوط به تأمين الاستاد.. وبالتبعية حماية المشجعين الذين أتوا لتشجيع فريقهم ودعمه معنوياً؟!. لماذا فشلنا في تامين مباراة كرة قدم؟!. وهو سؤال يتجاوز السؤال السابق لأنه يرتبط بمنظومة الحفاظ على حياة المواطن المصري الذي أصبح يعيش تحت تهديد السلاح تارة، والسطو المسلح ، والترهيب تارة أخرى، فضلاً عن الخطف والقتل. ما هو الدور الذي قامت به بعض البرامج الرياضية في شحن الرأي العام من خلال انحيازات الأندية.. قبل الانحياز للمواطن المصري؟. أحذر مما يحدث الآن من محاولة تحميل العديد من أطفال الشوارع مسئولية ما حدث في الاستاد لغلق هذه القضية.. خاصة أنه طبقاُ لما نشر في العديد من الجرائد أن هناك قاصرين أقل من 18 عاماً تم القبض عليهم، فلا يمكن لأطفال الشوارع الذين تتحمل الدولة المصرية مسئولية ما حدث لهم بالدرجة الأولى أن يقوموا بالتخطيط لمثل هذه المذبحة التي راح ضحيتها مشجعون لا ذنب لهم سوى رغبتهم في تشجيع فريقهم الرياضي.