ارتفاع أسعار الذهب في بداية التعاملات بالبورصة.. الأربعاء 31 ديسمبر    تمهيدًا لسحب الجنسية، واشنطن تجري تدقيقًا بشأن "أمريكيين صوماليين"    تغريم ديزني 10 ملايين دولار بتهمة انتهاك قوانين حماية خصوصية الأطفال    وفاة إيزايا ويتلوك جونيور نجم مسلسل "The Wire" الشهير عن 71 عاما    نتنياهو: عواقب إعادة إيران بناء قدراتها وخيمة    نخبة الإعلام والعلاقات العامة يجتمعون لمستقبل ذكي للمهنة    وزارة الشباب والرياضة تحقق أهداف رؤية مصر 2030 بالقوافل التعليمية المجانية    موسكو: الاتحاد الأوروبي سيضطر لمراجعة نهجه في العقوبات ضد روسيا    هجوم أوكراني بطائرات مسيرة على موسكو    حركة القطارات| 45 دقيقة تأخيرًا بين قليوب والزقازيق والمنصورة.. الأربعاء 31 ديسمبر    وخلق الله بريجيت باردو    وزارة الرياضة تواصل نجاح تجربة التصويت الإلكتروني في الأندية الرياضية    محكمة تونسية تؤيد حكم سجن النائبة عبير موسى عامين    بداية تحول حقيقي، تقرير صادم عن سعر الذهب والفضة عام 2026    ولفرهامبتون يحصد النقطة الثالثة من أرض مانشستر يونايتد    مصرع طفل دهسه قطار الفيوم الواسطي أثناء عبوره مزلقان قرية العامرية    طقس رأس السنة.. «الأرصاد» تحذر من هذه الظواهر    قوات التحالف تنشر مشاهد استهداف أسلحة وعربات قتالية في اليمن وتفند بيان الإمارات (فيديو)    ذخيرة حية وإنزال برمائي.. الصين توسع مناوراتها حول تايوان    «مسار سلام» يجمع شباب المحافظات لنشر ثقافة السلام المجتمعي    د.حماد عبدالله يكتب: نافذة على الضمير !!    حمادة المصري: الأهلي مطالب بالموافقة على رحيل حمزة عبدالكريم إلى برشلونة    "25يناير."كابوس السيسي الذي لا ينتهي .. طروحات عن معادلة للتغيير و إعلان مبادئ "الثوري المصري" يستبق ذكرى الثورة    «قاطعوهم يرحمكم الله».. رئيس تحرير اليوم السابع يدعو لتوسيع مقاطعة «شياطين السوشيال ميديا»    خالد الصاوي: لا يمكن أن أحكم على فيلم الست ولكن ثقتي كبيرة فيهم    "البوابة نيوز" ينضم لمبادرة الشركة المتحدة لوقف تغطية مناسبات من يطلق عليهم مشاهير السوشيال ميديا والتيك توكرز    تموين القاهرة: نتبنى مبادرات لتوفير منتجات عالية الجودة بأسعار مخفضة    التنمية المحلية: تقليص إجراءات طلبات التصالح من 15 إلى 8 خطوات    المحامى محمد رشوان: هناك بصيص أمل فى قضية رمضان صبحى    من موقع الحادث.. هنا عند ترعة المريوطية بدأت الحكاية وانتهت ببطولة    دعم صحفي واسع لمبادرة المتحدة بوقف تغطية مشاهير السوشيال ميديا والتيك توك    مصدر بالزمالك: سداد مستحقات اللاعبين أولوية وليس فتح القيد    شادي محمد: توروب رفض التعاقد مع حامد حمدان    استشهاد فلسطيني إثر إطلاق الاحتلال الإسرائيلي الرصاص على مركبة جنوب نابلس    الأمم المتحدة تحذر من أن أفغانستان ستظل من أكبر الأزمات الإنسانية خلال 2026    رضوى الشربيني عن قرار المتحدة بمقاطعة مشاهير اللايفات: انتصار للمجتهدين ضد صناع الضجيج    الخميس.. صالون فضاءات أم الدنيا يناقش «دوائر التيه» للشاعر محمد سلامة زهر    لهذا السبب... إلهام الفضالة تتصدر تريند جوجل    ظهور نادر يحسم الشائعات... دي كابريو وفيتوريا في مشهد حب علني بلوس أنجلوس    بسبب الفكة، هل يتم زيادة أسعار تذاكر المترو؟ رئيس الهيئة يجيب (فيديو)    د هاني أبو العلا يكتب: .. وهل المرجو من البعثات العلمية هو تعلم التوقيع بالانجليزية    حلويات منزلية بسيطة بدون مجهود تناسب احتفالات رأس السنة    الحالة «ج» للتأمين توفيق: تواجد ميدانى للقيادات ومتابعة تنفيذ الخطط الأمنية    ملامح الثورة الصحية فى 2026    هل تبطل الصلاة بسبب خطأ فى تشكيل القرآن؟ الشيخ عويضة عثمان يجيب    هل يجب خلع الساعة والخاتم أثناء الوضوء؟.. أمين الفتوى يجيب    جامعة عين شمس تستضيف لجنة منبثقة من قطاع طب الأسنان بالمجلس الأعلى للجامعات    خالد الجندى: القبر محطة من محطات ما بعد الحياة الدنيا    خالد الجندي: القبر مرحلة في الطريق لا نهاية الرحلة    حقيقة تبكير صرف معاشات يناير 2026 بسبب إجازة البنوك    الأهلي يواجه المقاولون العرب.. معركة حاسمة في كأس عاصمة مصر    أمين البحوث الإسلامية يتفقّد منطقة الوعظ ولجنة الفتوى والمعرض الدائم للكتاب بالمنوفية    رئيس جامعة العريش يتابع سير امتحانات الفصل الدراسي الأول بمختلف الكليات    الصحة: تقديم 22.8 مليون خدمة طبية بالشرقية وإقامة وتطوير المنشآت بأكثر من ملياري جنيه خلال 2025    الزراعة: تحصين 1.35 مليون طائر خلال نوفمبر.. ورفع جاهزية القطعان مع بداية الشتاء    معهد الأورام يستقبل وفدا من هيئة الهلال الأحمر الإماراتي لدعم المرضى    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 30-12-2025 في محافظة الأقصر    نسور قرطاج أمام اختبار لا يقبل الخطأ.. تفاصيل مواجهة تونس وتنزانيا الحاسمة في كأس أمم إفريقيا 2025    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الإخوان والأمريكان .. القصة الكاملة

تنكر جماعة الإخوان المسلمين علاقتها السرية بالولايات المتحدة الأمريكية، غير أن كثيرا من الوثائق والكتب تؤكد أن هذه العلاقات تعود إلى عدة عقود مضت، وتحديدا إلى فترة الأربعينيات من القرن الماضى، عندما التقى الشيخ حسن البنا – مؤسس الجماعة – فليب ايرلاند - أحد رجال المخابرات الأمريكية فى القاهرة .
الدكتور محمود عساف، والذي يوصف بأنه رئيس جهاز المخابرات في جماعة الإخوان، كشف في كتابه «مع الإمام الشهيد حسن البنا» تفاصيل هذا اللقاء، فى فصل تحت عنوان»سكرتير السفارة الأمريكية» هذا نصه:
إن فليب ايرلاند -السكرتيرالأول للسفارة الأمريكية بالقاهرة- أرسل مبعوثا من قبله للاستاذ الإمام، كي يحدد له موعدا لمقابلته بدار الإخوان، ووافق الأستاذ علي المقابلة، ولكنه فضل أن تكون في بيت ايرلاند، حيث إن المركز العام مراقب من القلم السياسي، وسوف يؤولون تلك المقابلة ويفسرونها تفسيرا مغلوطا، ليس في صالح الإخوان.
وأوضح عساف أن السفير الأمريكي قال لمؤسس الإخوان بلغة عربية سليمة : إن موقفكم من الشيوعية معروف لنا، ولقد عبرتم كثيراعن أن الشيوعية إلحاد يجب محاربته، وأضاف السفير الأمريكي: إن الأساليب البوليسية لن تجدي في محاربة الشيوعية، بل ستزيد الشيوعيين إصرارا وتجعل الناس يتعاطفون معهم باعتبارهم معتدي عليهم.
وكان رد البنا علي السفير الأمريكي: إن الشيوعية التي بدأت تنتشر في بلادنا العربية، تعتبرخطرا كبيرا علي شعوب المنطقة، شأنها في ذلك شأن الصهيونية، بل هي أخطر في المدي القريب، ولدينا معلومات كثيرة عن التنظيمات الشيوعية في مصر، فقال ايرلاند: لقد طلبت مقابلتكم حيث خطرت لي فكرة، وهي لماذا لا يتم بيننا وبينكم تعاون في محاربة هذا العدو المشترك، وهو الشيوعية؟ أنتم برجالكم ومعلوماتكم ونحن بمعلوماتنا وأموالنا، فقال الإمام: لا مانع لدينا من مساعدتكم، بأن نمدكم بالمعلومات المتوافرة عنها، وحبذا لو فكرتم في إنشاء مكتب لمحاربة الشيوعية، فحينئذ نستطيع أن نعيركم بعض رجالنا المتخصصين في هذا الأمر، علي أن يكون ذلك بعيدا عنا بصفة رسمية، ولكم أن تعاملوا هؤلاء الرجال بما ترونه ملائما، دون تدخل من جانبنا غير التصريح لهم بالعمل معكم.
ولكن لأسباب خاصة بالأمريكان، لم يرسلوا للبنا لتجهيز رجاله للعمل معهم، وإن كان هو قد انتظر ذلك طويلا بحسب ما قاله القريبون منه.
-اتصالات الهضيبى-
وفى أعقاب ثورة يوليو 1952 قام المرشد الثاني للجماعة حسن الهضيبي بإجراء اتصال بالسفارة الأمريكية في القاهرة، وطلب من المسئولين في السفارة في اجتماع دام ثلاث ساعات، تصفية بعض عناصر قيادة الثورة، خاصة جمال عبد الناصر، وانسحاب العسكريين من الحكم، وأعلن الهضيبي عن طريق ممثله الشخصي لدي الخارجية الأمريكية تأييد الإخوان لمساعي التوصل لتسوية مع إسرائيل، من خلال اتصالاتهم بزعماء اليهود في الخارج وفي إسرائيل.
وقد أورد هذه المعلومات الخطيرة الدكتور رضا أحمد شحاتة -أستاذ العلاقات الدولية- فى كتاب له جمع مادته العلمية الموثقة من الوثائق السرية الأمريكية غير المنشورة الموجودة في الأرشيف القومي الأمريكي بواشنطن، ومن الملفات المركزية لوزارة الخارجية ابتداء من عام 1945 وحتي عام 1956.
ومن بين أبرز الكتب التى كشفت علاقات الإخوان والأمريكان كتاب «علاقتنا السرية بالإخوان المسلمين» للكاتب آيان جونسون، والذى نشره موقع «نيويورك ديفيد بوك» ويوضح فيه الكاتب أن الإخوان وأمريكا تربطهما علاقات قوية، وتحالف سري منذ سنوات طويلة، كان هدفها محاربة الشيوعية وتهدئة التوترات، منوها بأنك إذا نظرت إلي التاريخ ستجد ان نموذجاً مألوفاً ومعتاداً لتلك العلاقة يتمثل في ان الولايات المتحدة وإدارتها وقادتها يرون ان الجماعة يمكن ربطها بالأهداف الأمريكية، بحيث يمكنها تحقيق هذه الأهداف.
وينقل جونسون عن أحد الكتب للرئيس الأمريكي الراحل إيزنهاور تفاصيل اجتماع حضره سعيد رمضان -مندوب الإخوان المسلمين وهو صهر حسن البنا- والذي كان يوصف بوزير خارجية جماعة الإخوان وهو أبو الباحث السويسري المثير للجدل طارق رمضان، وكان مسئولو إدارة أيزنهاور يعرفون ما يفعلون، ففي معركة أمريكا ضد الشيوعية، كانت أمريكا تحب أن تظهر نفسها بأنها البلد الداعمة لحرية الدين مقابل الشيوعية الملحدة، ولقد نشرت معلومات وكالة المخابرات المركزية الأمريكية مؤخرا عن سعيد رمضان ووصفته بالتبلد الذهني، وأنه « لديه اهتمام فاشي بتجميع الأشخاص من أجل السلطة « ورغم كل ذلك فالإدارة الأمريكية حينها لم تجد غضاضة في الاستعانة به
ويقول جونسون في معرض كلامه عن سعيد رمضان والسي آي إيه إن الأخيرة دعمته بشكل علني، وكانت تطلق عليه بكل بساطة عميل الولايات المتحد،ة وساعدته في الخمسينيات والستينيات في استيلائه على مسجد ميونيخ حيث قام بطرد المسلمين المقيمين في هذا المكان، ليبني المسجد الذي يعد من أهم مراكز الإخوان المسلمين في أوروبا، وفي النهاية لم تحصد أمريكا من دعمه شيئا، فلقد عمل على نشر الإسلام أكثر من محاربة الشيوعية، وفي السنوات اللاحقة دعم الثورة الإيرانية.
جونسون، الذي ألف كتابا شهيرا اسمه «مسجد في ميونيخ» تحدث فيه عن ذلك المسجد باعتباره رمزا لجماعة الإخوان المسلمين في أوروبا، ذكر أن حكومات أمريكا وألمانيا الغربية تنافسوا للسيطرة عليه، ليكون قاعدة لمحاربة نظام حكم جمال عبد الناصر، وهناك كتاب آخر كشف تفاصيل كثيرة عن استغلال المخابرات الأمريكية الإخوان المسلمين في حربهم ضد عبد الناصر، هو كتاب « إم آي سيكس : مغامرة داخل العالم السري لجهاز المخابرات البريطانية» والذى كشف أيضا دور المخابرات البريطانية في مساعدة سعيد رمضان لترتيب انقلاب ضد عبدالناصر سنة 1965، وهي العملية التي انتهت بالقبض على أغلب عناصرها، فيما عرف بقضية تنظيم الإخوان عام 1965.
جزر ومد
ويقول جونسون إن العلاقات بين الإخوان والمخابرات الأمريكية شهدت جذرا ومدا بعد ذلك، ففي حرب فيتنام كان تركيز أمريكا في مكان آخر، ولكن العلاقات مع الإخوان عادت تحتل البؤرة في حرب السوفييت في أفغانستان، حيث دعمت المجاهدين، وعلاقاتهم مع الإخوان كان فيها ما فيها من التودد والاقتراب .
ويوضح أنه في السنوات التي أعقبت هجمات الحادي عشر من سبتمبر، غيرت الولايات المتحدة موقفها من الإخوان، حيث أعلنت من جانبها على لسان جورج دبليو بوش أن الولايات المتحدة تواجه حربين الأولى مع العالم الإسلامي، والثانية في موجة الكراهية من قبل الأقليات الإسلامية في عدد من الدول الأوروبية، مثل ألمانيا، وفرنسا، ودول أخرى، حيث كانت مؤتمرات الإخوان المسلمين التي أعلن أعضاء بارزون فيها أنهم داعمون للإرهاب على حد تعبير الكاتب .
ويذكر جونسون في تحليله عن العلاقات بين الإخوان وأمريكا أن إدارة بوش وضعت استراتيجية في التعامل مع الجماعات القريبة إيديولوجيا من الإخوان، ولكن وزارة الخارجية الأمريكية لم تتنبه لبروز الإخوان كقوة سياسية إلا منذ عام 2005 في مصر، وفي دول أخرى، وشرعت في بذل جهودها لخطب ودهم، ويذكر الكاتب مثالا لهذا التعاون أو لخطب الود كما يقول ففي عام 2006 نظمت الخارجية الأمريكية مؤتمرا في بروكسل بين الإخوان المسلمين في أوروبا والمسملين في أمريكا الشمالية، أو الجمعية الإسلامية لأمريكا الشمالية، التي تعتبر قريبة من الإخوان المسلمين، وتمت مثل هذه الأشياء اعتمادا على تحليلات للمخابرات الأمريكية السي آي إيه التي وصف أحد أعضائها إعجابه بالإخوان المسلمين في الديناميكية الداخلية بين أعضائها، والتنظيم، وإعلامهم الذكي ... وتم ذلك التعاون بين المخابرات الأمريكية وجماعة الإخوان المسلمين، برغم مخاوف الحلفاء الأوروبيين الذين يرون في هذا الدعم مخاطرة كبيرة، أما بالنسبة لإدارة بوش فهي تحوي بين أعضائها من شاركوا في وضع تلك الاستراتيجية فى التعامل مع الإخوان في الإدارة السابقة .
أما الباحث عبد الرحيم على – المتخصص فى شئون الجماعات الإسلامية – فأوضح فى حلقات منشورة له تحت عنوان «الإخوان وأمريكا» أن علاقة الإخوان المسلمين بأمريكا بدأت بعد المواجهة التي حدثت بين الجماعة والثورة في عام 1954، والتي كانت بسبب رغبة الجماعة في السيطرة علي القادة الجدد، واختطاف الثورة لصالح الجماعة.
وقد أدى هذا الصدام إلى اعتقال قيادات الجماعة وهجرة بعضهم إلى الغرب، وكان الخيار الأفضل للكثير من اعضاء الجماعة هو السفر لأي دولة خارج مصر، خصوصا الدول النفطية مثل السعودية، والتي كانت علي خلاف في هذا الوقت مع نظام عبدالناصر,ومنهم من اختار السفر للغرب، وخصوصا اوروبا، والولايات المتحدة الأمريكية, وهناك كونوا روابط اخوانية، وحاولوا البقاء متماسكين حتي تتضح الصورة في مصر.
ولكن لماذا الولايات المتحدة الأمريكية؟! يجيب عبدالرحيم على:« كانت الولايات المتحدة في فترة الخمسينيات تمثل حلما وبريقا لبعض القوي, خاصة الإسلامية منها, وكانت تعد نفسها لوراثة الاستعمار القديم المتمثل في إنجلترا وفرنسا, وتعاني منافسة حادة من الاتحاد السوفييتي الذي أخذ يسيطر وينشر أفكاره في منطقة الشرق الأوسط, ووسط حركات التحرر الوطني بشكل عام, الأمر الذي استنفر الأمريكان, واخذوا في البحث عن قوي يمكن الاعتماد عليها في كسر شوكة قوي التحرر, من ناحية, والوقوف ضد تمدد نفوذ موسكو من ناحية أخري, وسرعان ما وجدوا ضالتهم في حركة الإخوان المسلمين.
الهجرة إلى أمريكا
ويوضح «على» أن الجماعة ومعها عدد من المفكرين الإسلاميين, كانوا يعتبرون الاشتراكية كفرا بواحا, ومن ينادي بها كفار يستحل دمهم. الأمر الذي أدي الي مواجهات متعددة بين أنظمة وقوي التحرر الوطني الناشئة, سواء تلك الحاكمة, كثوار يوليو, أو تلك التي تسعي الي تحرير بلادها من ربقة المستعمر, كما عدد من بلدان المشرق العربي ، كل هذه العوامل أدت الي ازدياد موجات هجرة الإسلاميين الي الغرب بشكل عام, والولايات المتحدة بشكل خاص, هربا من تلك المواجهة.
كانت في الأغلب الأعم تلك الهجرات منظمة, بمعني أن هناك جهات عديدة تابعة لتلك الحركات, وفي القلب منها حركة الإخوان المسلمين, كانت تشرف علي هجرة هؤلاء الشباب, ثم تقوم بإعادة تجميعهم, لتصفهم في صفوف منظمة, تصب في بوتقة واحدة.وهو ما حدث بالفعل في يناير1963, عندما تكون «اتحاد الطلبة المسلمين في الولايات المتحدة الأمريكية وكندا» وهو أول كيان يجمع الشباب المنتمين الي حركة الإخوان في أمريكا.
ويشير عبدالرحيم على إلى أنه فى عام 1975 وصلت فروع الجماعة في أمريكا إلي230 فرعا، وساعدت الجماعة المخابرات الأمريكية في ترتيب لقاء شهير بين السادات والملك فيصل، ويشير الموجز التاريخي لمسيرة الإخوان المسلمين في الولايات المتحدة (والذي كتب في25 أكتوبر1991 كورقة عمل داخلية مقدمة لمجلس شوري الجماعة في أمريكا) إلي أن أول تنظيم أسسته الجماعة في أمريكا كان اتحاد الطلاب المسلمين في عام1962, الذي سرعان ما تحول عام1963, بفعل تكثيف اللقاءات والمؤتمرات والمخيمات لرواد الاتحاد, الي رابطة الطلاب المسلمين.
هذا عن الوضع في الولايات المتحدة حتي عام1975, فماذا عن مصر البلد الأم للتنظيم؟ .. هكذا تساءل عبدالرحيم على وأجاب : في15 مايو1971 استطاع السادات أن يكسب معركته الحاسمة ضد الناصريين، ولكن جماهير الشارع في مصر والوطن العربي كانت كلها رغبة في اعلان الحرب ضد اسرائيل, تعددت المظاهرات واشتعلت الجامعات, فاقترح محمد عثمان اسماعيل فكرة الاستعانة بأبناء الصعيد( طلاب الجامعات) وأكثرهم مقيمون في المدن الجامعية وانضم اليه المهندس عثمان احمد عثمان ويوسف مكادي في تأكيد قدرة هؤلاء الشباب علي التصدي ولجم الناصريين والشيوعيين دفاعا عن النظام من منطلق ايماني(اسلامي).. عاد السادات إلي ذكرياته مع قادة الاخوان فبدأ الحوار مع عمر التلمساني, وبادر بالافراج عنه وجمع عدد كبير من قيادات الجماعة, الذين تحمسوا لفكرة الاستعانة بشباب الصعيد.
تحرك التنظيم الدولي للاخوان والذي كان يقوده سعيد رمضان زوج ابنة البنا, وكانت له صلات وثيقة بالدوائر الأمريكية، ومراكز صنع القرار ونشاطات واسعة في اوروبا, فضلا عن تمركز قوي في المملكة العربية السعودية ودول الخليج, التي كانت قد استقبلت اعدادا كبيرة من قيادات الاخوان الهاربة في الخمسينيات, والمفرج عنهم فيما بعد-من سجون عبد الناصر.
مصالحة العصر
ورتب سعيد رمضان لما أطلق عليه «مصالحة العصر».. ومهد بإحكام للقاء جمع الرئيس السادات والعاهل السعودي الملك فيصل بن عبدالعزيز في الحرم المكي عام1971, وسط ترحيب وتخطيط امريكي دقيق بهدف دعم المملكة والوصول إلي مرحلة تأخرت طويلا في ترويض السياسة المصرية وادخالها في الدائرة الامريكية.
حقق العرب انتصارا كبيرا في اكتوبر عام1973, ولعبت واشنطن ادوارا اساسية في عمليات التسوية التي بدأت بفض الاشتباك الأول, واقصاء السوفييت خارج مسرح العمليات.. واستكمل التصور الامريكي حلقاته ببناء تحالف السافانا الذي ضم مصروالسعودية والمغرب وباكستان مع الولايات المتحدة بهدف التصدي لحركة اية تنظيمات شيوعية في العالم الثالث, واعداد القوي المسلحة اللازمة لمنع واجهاض أية انقلابات عسكرية.. مع الالتزام الامريكي والاوروبي( الدولي) بدعم الانظمة الحاكمة في البلدان الاربعة مع ملاحظة كونها تضم شعوبا سنية, أي أن التصور الامريكي عمد أيضا وعلي نحو غير معلن لتحويلها إلي محور مذهبي في اتجاه واحد لمواجهة اية قوي اخري مخالفة له.. ونجح مهندس المشروع سعيد رمضان في استقطاب موافقات أوروبية علي صيغة السافانا واستقبلت اعداد من المراكز الاسلامية العديدة في الكثير من المدن والعواصم الاوروبية, وتحت اشراف وتنظيم قيادات الاخوان, ووضعت تحت تصرفها ميزانيات واموال ضخمة للانفاق علي الاهداف الكبيرة( غير المعلنة) مع تمكينها من جمع تبرعات سخية من الجاليات المسلمة حول العالم دعاما لأوجه الخير والاحسان وبناء المساجد..!
وشهدت هذه الفترة ازدهارا كبيرا لفرع الإخوان في الولايات المتحدة الأمريكية, فقد شهد عام 1979 تقدم الإدارة الأمريكية بطلب للمرشد العام للإخوان المسلمين عمر التلمساني أن يتدخل لدى الحكومة الإيرانية للإفراج عن الرهائن الأمريكان، وفعلا قام التلمساني بطلب زيارة إيران التي رحبت به، ولكن باشتراط عدم الحديث بموضوع الرهائن، وكما يفيد د. عصام العريان في شهادته عن هذه المرحلة حيث يعلق قائلا: (قدر الأمريكيون بلا شك جهود ‹ الإخوان› ورغبتهم واستعدادهم للتدخل لحل أزمة إنسانية كأزمة الرهائن...).
ليشير في موضع آخر إلى شكل «التقدير» الأمريكي للجهود الاخوانية حينما قام الرئيس الأمريكي حينها جيمي كارتر-عراب اتفاقية السلام المصري الاسرائيلي (كامب ديفد)- بالتوسط لدى الرئيس أنور السادات للإفراج عن معتقلي الجماعة بالسجون المصرية، وتواصلت اللقاءات لاحقا، إلا أنها توقفت مع بداية الحملة المسعورة التي شنها نظام حسني مبارك ضد الإخوان في الثمانينيات بحسب عصام العريان أيضا .
كل ماسبق يؤكد أن لقاءات السفيرة الأمريكية بالقاهرة آن باترسون أو وزيرة الخاريجية السابقة هيلارى كلينتون أو الوزير الحالى جون كيرى مرشد الأخوان محمد بديع أو الرئيس محمد مرسى ومن قبل دعم الأمريكان لوصول الإخوان للحكم كل هذا ليس إلا تتويجاً للعلاقات بين الجانبين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.