انتقل نفوذ الإخوان وسيطرتهم على مؤسسات الدولة الفاعلة، إلى التحكم في الصناعات الاستراتيجية والحيوية، ومحاولة الفوز بنصيب الأسد منها، لتحقيق ثراء سريع يساهم في تثبيت أركان الحكم الجديد.. في إطار البحث عن صناعة واعدة، تحقق تلك الأهداف، كان التفكير في الدواجن، التي يعمل بها أكثر من مليوني مصري، فبدأ الاختراق بإقامة مئات المزارع غير المرخصة، وامتد ليشمل الضغط على الحكومة لوقف استيراد الدواجن المجمدة، أو الأنواع التركية، بحجة عدم إغراق السوق. وفي الحقيقة، كان الهدف الآخر؛ تمكين أعضاء الجماعة من الفوز بنصيب الأسد من حصة السوق المصرية، وتسجيل معدلات ربحية هائلة... السطور السابقة ليست من وحي الخيال، لكنها تصريحات العاملين في صناعة الدواجن أنفسهم، الذين كشفوا ل"فيتو" عن استحواذ الإخوان على نحو 70% من الصناعة، وامتلاك أعضائها مزارع غير مرخصة في عدد كبير من المحافظات... المثير أن وزارة الزراعة واستصلاح الأراضي، أمهلت تلك المزارع ستة أشهر لتوفيق أوضاعها، بما يعني استمرارها في النشاط دون دفع الغرامات الموقعة عليها خلال الفترة الماضية، وتسهيل مهمتها عبر إصدار قرارات وزارية تخدم مصالحها... أكد الدكتور محمد الشافعي- نائب رئيس الاتحاد العام لمنتجي الدواجن- أن مشكلات ترخيص مزارع الدواجن في مصر، قائمة من أيام النظام السابق، مشيراً إلي أنها كانت تتم عبر المحليات، وتقوم وزارة الزراعة بإعطاء ترخيص التشغيل.. وأضاف الشافعي: إن تلاعب المحليات في التراخيص، أحدث عشوائية بمزارع الدواجن، حاولت الحكومة تلافيها عبر توفير أراضٍ صحراوية لإقامة المزارع... يوجد في مصر نحو 22 ألف مزرعة، وهناك سبع شركات جديدة تنتج 7 سلالات من لحوم الدواجن، جميعها معرضة لخسائر فادحة, بسبب ضبابية المشهد، وتخوف صغار المربين من سيطرة التيار الاسلامي علي الصناعة، والتحكم في أسعار السوق، مع استمرار وقف التصدير إلي الخارج.. وعلى سبيل الممارسات الاحتكارية، تتصدر 10 شركات مشهد صناعة وإنتاج الدواجن في مصر، وتعد شركات (القاهرة للدواجن، الوطنية، مجموعة مصر العربية للدواجن، الاسماعيلية والدقهلية للدواجن) أكبر المنتجين. مصادر أكدت ل«فيتو» أن رجال الأعمال المنتمين لجماعة الإخوان المسلمين، يعرضون مبالغ مالية كبيرة، لشراء المزارع السابق ذكرها، من أصحابها، واستغلال اسمها التجاري، في تحقيق الثراء السريع. «صناعة الدواجن تتعرض للانهيار»، هكذا علق المهندس إبراهيم قرني- رئيس جمعية مربي الدواجن بالفيوم- معللاً ذلك باستمرار استيراد الدواجن المجمدة، مطالبا برفع الجمارك إلي 80%، بدلاً من 20% في الوقت الحالي. وأضاف قرني: إن مزارع الدواجن تضاعف عددها بعد ثورة يناير، مما أدى إلى زيادة الطلب علي مستلزمات الإنتاج من العلف والكتكوت والأدوية، رغم انخفاض السعر النهائي للحوم البيضاء، بسبب ارتفاع كمية المعروض.. وأشار قرني إلى أن مزارع الدواجن طالبت بتوفير أسطوانات غاز غير مدعومة، لتدفئة الدواجن، وضمان عدم حصول المربين علي الأسطوانات المنزلية المدعومة، لكن كانت النتيجة مماطلة الحكومة, وعدم تنفيذ مطلب المئات من أصحاب المزارع.. في السياق ذاته، كشفت مصادر عن اتجاه الإخوان للسيطرة علي مستلزمات صناعة الدواجن، هي الأخرى، وتضييق الخناق على أصحاب الشركات المنتجة، ورفع الأسعار، ثم تضطر الحكومة لاستيراد الدواجن من الخارج، وهنا تخسر الشركات، وتتجه للتصفية، ليشتريها رجال أعمال الجماعة بأبخس الأسعار.