لم يقف تقييم المرأة بالفتاوى الدينية عند الإسلام فقط، ورغم أن هناك من الفتاوى الشاذة الكثير وضعت المرأة في خندق جنسى، فقبلها وعلى مر التاريخ شغلت المرأة حيزا كبيرا من الآراء حتى ولو ارتدت في بعض الأحيان ثوب الآراء الفكرية بعيدا عن الدين، فذهبت إلى استباحتها إلى حد لعنها وكأنها تجسيد لإبليس. فالإغريق قالوا عنها «شجرة مسمومة، ورجس من عمل الشيطان، وتباع كأى سلعة متاع»، وقال عنها الرومان «ليس لها روح، وكان من صور عذابها أن يصب عليها الزيت الحار، وتسحب بالخيول حتى الموت»، ورأى الصينيون أنها «مياه مؤلمة تغسل السعادة «، بل تمادوا معتبرين أن للصينى الحق في أن يدفن زوجته حية، وإذا مات حُق لأهله أن يرثوه فيها. لم تسلم المرأة من معتقدات الهنود، فقد قالوا «ليس الموت والجحيم والسم والأفاعى والنار أسوأ من المرأة، بل وليس لها الحق أن تعيش بعد ممات زوجها، وإنما يجب أن تحرق معه»، أما الفرس فأباحوا الزواج من المحرمات دون استثناء، وأجازوا للفارسى أن يحكم على زوجته بالموت. فيما اعتبرها اليهود لعنة لأنها سبب الغواية، ولأنها أغرت آدم للأكل من الشجرة المحرمة، كما أنها نجسة في حال حيضها، ويجوز لأبيها بيعها. وخلافا لهذا وذاك، ذهب المسيحيون الفرنسيون إلى التشكيك في آدميتها من الأساس، فعقدوا مؤتمرا لبحث شأنها عام 586 ميلاديا وإيجاد إجابات لتساؤلات من نوعية: هل تعد المرأة إنسانًا أم غير إنسان؟ وهل لها روح أم لا؟ وإذا كانت لها روح فهل هي روح حيوانية أم روح إنسانية؟ وإذا كانت روحًا إنسانية فهل هي على مستوى روح الرجل أم أدنى منها؟.. وانتهوا أخيرًا إلى الإقرار بأنها إنسان، ولكنها خلقت لخدمة الرجل فحسب. كما أصدر البرلمان الإنجليزى قرارًا في عصر الملك هنرى الثامن، يحظر على المرأة أن تقرأ الإنجيل ؛ لأنَّها تعتبر نجسة. وعن حال المرأة عند العرب أيام الجاهلية: تبغض بغض الموت، بل يؤدى الحال إلى وأدها، أي دفنها حية أو قذفها حية في بئر خوفا من أن تجلب لأبيها العار. هكذا كانت المرأة وتلك كانت مكانتها قبل قدوم الإسلام دين الرحمة لينير العالم ويخرجه من الظلمات إلى النور، وخلق حياة لم تعهدها البشرية في حضاراتها أبدًا، بل وعرفت معه المرأة معنى الحياة، وحفظ لها العدل والمساواة، فقال الله تعالى (وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِى عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوف)، وأيضا (ٍوَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ). وبين الرسول الكريم مكانة المرأة عندما سئل صلى الله عليه وسلم من أحب الناس إليك؟ فقال: «عائشة»، أيضا كان يؤتى صلى الله عليه وسلم بالهدية، فيقول: «اذهبوا بها على فلانة، فإنها كانت صديقة لخديجة»، وهو القائل: (استوصوا بالنساء خيرًا)، إضافة إلى حديثه الشريف: (خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي). لكن كل ذلك لم يمنع انتشار فتاوى غريبة وشاذة على الإنترنت، تم إلصاقها بعلماء ومشايخ الحركة السلفية سواء بمصر أو السعودية أو غيرهما من الدول العربية، خاصة الفتاوى التي تتعلق بفقه المستحدثات، وكيفية تعامل المرأة مع التكنولوجيا، وإن كان بعض هؤلاء المشايخ خرجوا ليبرئوا ذممهم من تلك الفتاوى وإعلان رفضهم لها، والغريب أيضا انتشار حسابات على موقع التواصل الاجتماعى «تويتر» بأسماء شيوخ غير معروفين لنشر فتاوى مريبة دون معرفة هوية صاحبها. ومن أغرب تلك الفتاوى «تشغيل التكييف»، حيث أصدر رجل دين سعودى أطلق على نفسه "الدَّاعية العلامة أبو البراء" عبر حسابه على تويتر فتوى تحرم على المرأة استخدام مكيفات الهواء، وهى التي تناولتها الصحيفة الأمريكية«واشنطن تايمز»، وكتب الداعية على موقع "تويتر" فتواه التي جاءت بعنوان: تحريم تشغيل المرأة للمكيف في حال عدم حضور زوجها، مؤكدا خطورة "تشغيل" المرأة للمكيف، بدعوى أنه قد يؤدى إلى انتشار الفاحشة بالمجتمع، لأن ذلك يعطى إشارة للجيران بتواجدها بالمنزل وقد تقع في الزنا أو ما شابه ذلك. نزول البحر حرام لأنه مذكر «نزول المرأة للبحر» هو المثل الأبرز للفتاوى التي تصدر على حساب الداعية على الربيعي، من عينة إباحة هدم الأهرامات، وتحريم نزول المرأة للبحر كونه مذكرا، وتحريم خلع كامل ملابس الزوج والزوجة أثناء المعاشرة الجنسية. ونفى على الربيعى أن يكون أصدر جميع هذه الفتاوى على صفحته الرسمية في تويتر وقال:"فتاوى مخجلة ومخزية وسخيفة تنشر باسمى من حسابات مزيفة". أما عن فتاوى «المرأة والإنترنت»، فقد اعتبر الشيخ عبد الله المطلق عضو هيئة كبار العلماء، والتي تعد أرفع هيئة دينية في السعودية، محادثات الرجال للنساء عبر وسائل التواصل الاجتماعى بمثابة الخلوة المحرمة، وأنها خطوة من خطوات الشيطان نحو الوقوع في الحرام، مبررًا ذلك بأن بعض الأحاديث بينهم تكون شخصية ولا يعلم بها سوى الله تعالى، وأن الشيطان يكون حاضرًا عند حديث النساء مع الرجال. ودعا المطلق في إجابته عن تساؤل أحد المستمعين عبر إذاعة القرآن الكريم السعودية، النساء إلى الابتعاد عن الحديث مع الرجال وإن كان بغرض النُصح والإرشاد. قيادة السيارة وتعد الفتوى التي تحرم قيادة المرأة للسيارة في السعودية - بحجة الحفاظ على عفتها ومنعها من الوقوع في الرذيلة - الأكثر نقاشًا والأشد إثارة للجدل إعلاميًا وبين الشباب. وانتشرت عبر المواقع الإلكترونية ومواقع التواصل الاجتماعى فتوى أصدرها داعية من أصل يمنى يعرف نفسه بأنه «الدَّاعية العلامة الحبيب عمر بن محمد بن سالم بن حفيظ»، بعنوان:»تنبيه إلى حرمة الكراسى وما أشبهها من مقاعد وأرائك، وجاء في نص الفتوى «إن من أخطر المفاسد التي بُليت بها أمتنا العظيمة ما يُسمَّى بالكرسي، وما يشبهه من الكنبات وخلافها، ممَّاهو شرٌّ عظيم يخرج من الملة كما يخرج السَّهم من الرَّمية». وأضاف: وما يجلبه الكرسى أوالأريكة من راحة تجعل الجَّالس يسترخي، والمرأة تفتح رجليها، وفى هذا مدعاة للفتنة والتبرُّج، فالمرأة بهذا العمل تمكن الرَّجل من نفسها، وقد يكون الرَّجل من الجّنّ أو الإنس، والغالب أن الجّن يعاشر النساء وهنَّ على الكراسي، لذلك فالجُّلوس على الكرسى رذيلة وزنا لا شبهة فيه. كما أفتي الشيخ أبو اسحاق الحويني وهو أهم رجال الدعوة السلفية في مصر بأن وجه المرأة كفرجها!