[email protected] كيف حقا مرّ عام كامل منذ صدور هذه الصحيفة الرائعة ؟ لم يعد الزمن في مصر علي إيقاعه القديم . انتهي الايقاع الميت الذي مضي كثيرا في حياة المصريين نازلا إلي أرواحهم من إيقاع رئيسهم الفرعون . لوقت طويل كنت تري في المصريين هذه الخصلة . فهم أيام عبد الناصر يمشون بقوة علي الأرض . يشعرون بالعزة رغم أي أخطاء .مطمئنين للمستقبل يسعون إلي العلم والتفوق . وأيام السادات كانوا يتحدثون كثيرا . ويضحكون كثيرا ولا يستقرون في مكان واحد وهم يتحدثون . وكان نصيبهم من العجلة التي عليها السادات كبيرا ويبحثون عن الثروة أكثر من العلم ومن أقصر الطرق . لكنهم في داخلهم يشعرون بشئ من السخرية . ليس هكذا تكون الأمور . ومن هنا كان الضحك كثيرا . وفي عهد مبارك انتهت بهم الحال إلي الصمت والمشي حياري في الطرقات . قامت ثورة 25 يناير بأكبر تغيير في الروح المصرية . لم يعد المصريون علي دين رؤسائهم . انتهت إسطورة الفرعون الذي يحبونه أو حتي يسخرون منه أو يعتبرونه غير موجود . المصريون الآن يصنعون حياتهم بأنفسهم . لكن ظهر من بينهم فريق كبير . هو إنتاج النظام السابق أكثر من اي نظام , إن لم يكن وجهه الآخر , ويريدون للفرعون أن يعود , يعطونه مسحة نبوية أحيانا وإلهية أحيانا أخري . يريدون إيقاف الروح الجديدة والعودة الي عصور مظلمة لم تعرفها مصر حتي أيام الفراعنة . ومن هنا جاء اهتمامي بهذه الجريدة التي وهي تناقش الكثير من أحوالنا تعطي هؤلاء المساحة الأكبرمن اهتمامه , وأتذكر الآن عددها الأول الذي حمل نبأ زيارة المرشد ووفد من الإخوان الي الرئيس المخلوع في المجمع الطبي العسكري علي طريق الإسماعيلية, والضجة التي أقامها الإخوان المسلمون ونكرانهم للخبر الذي أيدته الافعال يوما بعد يوم منذ جلوسهم منفردين من قبل مع عمر سليمان في الأيام الاولي للثورة, والذي ظهر في تركهم للثوار يموتون أمام المجلس العسكري السابق أو وزارة الداخلية , وانصرافهم للانتخابات واستمرار الضحك علي الشعب الطيب فيتو من البداية اختارت الطريق الصعب . طريق مواجهة النظام المقبل قبل أن يأتي وطريق مواجهته وهو موجود . ومواجهته بالحقائق الحالية والتاريخية والتحليلات غير المفتئتة إن مراجعة للصحيفة تظهر لنا كم كانت علي حق, ومراجعة لملاحقها الجادة تظهر لنا كم الجهد العلمي المبذول فيها . وتستحق الملاحق أن تصدر في أكثر من كتاب وحدها . علامات رائعة علي الحاضر والماضي وعلي الحياة الاجتماعية في مصر عبر العصور . تحية لفيتو في عيدها الأول ولرئيس تحريرها الذ ي لم يتراجع أو يخاف وهو يوضع علي قائمة الاغتيالات ولكل العاملين فيها من صحفيين وإداريين وكل كتابها من مختلف الأعمار .