"بحبها وفي قلبي ساكن حبها"، كانت هذه اللوحة الجميلة لقصة حب جمعت العندليب بسندريلا الشاشة المصرية، والتي اعترف بها عبد الحليم بخط يده في مذكراته التي كتبها قبل وفاته، فقد كتب "نعم أحببت سعاد حسنى، والذي جمع بيننا هو الحنان لأنها عاشت مثلى طفولة قاسية، وعلمّتها كيف تختار حياتها، وعندما تمردت على صداقتى أحسست أنها نضجت، وسعاد كانت تتصرف بتلقائية مع الناس وتلقائيتها تسىء إليها، لكن فيها ميزة رائعة وهى الوفاء لأسرتها، واستطاعت أن تعوضهم الحنان المفقود، وقد فكرت في الزواج منها لكن مستقبلها الفنى وقف حائلا بينى وبين الفكرة"، وتكشف مذكرات العندليب أن سعاد حسنى فقدت بساطتها المعهودة، وأصبح يشوبها شىء من التكلف، عقب نجاح فيلمها الشهير "خلى بالك من زوزو". "بتلوموني ليه لو شفتم عينيه" كلمات رد بها عبد الحليم على منتقدي حبه لسعاد حسني، تلك الفتاة صاحبة العينين الساحرتين، التي عشقها العندليب، وكانت أجمل وأنبل قصة حب في حياته. رائحة الحب المتوهجة، الذي خرجت من نطاق السر المكتوم، وصار قضية عامة، كانت تملأ أي مكان يجمع بين السندريلا وعبد الحليم، فكان يزيد من ضوء المكان، فعيون سعاد تحتضن عبد الحليم من على أمتار، وعيون عبد الحليم ترسل ضوءها لسعاد، والكل يعلم أن الإثنين يعيشان سعادة الوعد ببناء أسرة جديدة، ولكن هذا الحلم كان يتعرض للشد والجذب بين أكثر من اتجاه. وإحسان عبدالقدوس كان يرى أن الحب بين الاثنين يجب أن يتوجه الزواج، هكذا قال لعبد الحليم ولسعاد، وكان رأيه مريحًا لسعاد حسنى أكثر مما هو مريح لعبد الحليم حافظ، أما مصطفى أمين فقط كان له رأى مختلف، هو أن تظل قصة الحب على حالتها من الاشتعال، دون أن يتجه الاثنان إلى المأذون. الصراع اشتد بين الاثنين، فهما يريدان الاحتفاظ بحالة الحب المشتعلة، في الوقت الذي تريد فيه سعاد أن تحقق ما فشلت فيه أمها، في أن تبنى بيتا وتنجب أولادًا، وتحقق لمن حولها كل السعادة التي فقدتها في الطفولة، وعبد الحليم يخاف أن يقترب من الزواج، لأنه يعلم أن الزواج هو رحلة إنتاج لأطفال قد يتعرضون للتشتت واليتم، ولكن عبد الحليم لا ينسى أبدًا أنه عاش تجربة افتقاد الأم، وكأنه يحب كل امرأة ويكره لها أن تترك ابنها وليدًا، ولذلك كان يقترب من الاقتناع برأى مصطفى أمين، ثم إن تجربة الخيانة في الزواج تزعجه كرجل ريفى، وكان يرى من حوله أكثر من قصة خيانة. يذكر أن اليوم تحل ذكري ميلاد العندليب الأسمر عبد الحليم حافظ، وهو نفس اليوم الذي رحلت فيه السندريلا سعاد حسني، فيوم الميلاد هو يوم الرحيل، وكأن الحبيبان اتفقا في كل شىء.