نحرك دون نقابك! هكذا أفتى أحد أشهر تجار الدين لطالبة مسكينة جاهلة بدينها عندما أخبرته برفض إدارة الجامعة دخولها الاختبارات مرتدية النقاب، هكذا صارت قطعة من القماش الأسود تغطى منطقة يسيرة من الوجه غير مغرية أو فاتنة بأي حال أهم عند هذا الجاهل المتاجر بالدين والمتعايش على جهل غيره وجهالته هو ذاته، وأكثر قيمه من مستقبل طالبة تسعى لتحصيل العلم أو على الأقل شهادة جامعية تساعدها على التعايش في مجتمع شديد القسوة والتخلف. عندنا وجه المرأة مثل.. هكذا رد التاجر الآخر المسمى نفسه بمحدث العصر وأعلم أهل الأرض، بالطبع أستحى وأحترم القارئ فلا أجرؤ على ذكر ما شبه به وجه المرأة، وسيدرك القارئ ما قاله هذا السفيه المتدنى بالإنسانية وبالدين ذاته، ماذا تنتظر من مجتمع اعتلى قمته هؤلاء الأفاقون ومن معهم من الفاسدين في مجالات أخرى، هل نندهش إذن من كارثة التحرش الوضيعة التي حدثت في التحرير وتحدث مرارا في أماكن أخرى؟! بالطبع لا.... صار المجتمع أشبه بسوبر ماركت كبير يبيع كل شىء فاسد ما دام يستر عيوبه لظاهرة، انحدرنا بالقيم حتى صارت مدعاة للسخرية والتندر، اكتفينا بالمظهر وفقط، نغطى وجه الأنثى لأنه فتنة ولا نرى في الفقر والفساد فتنة ونقبل بالرشوة كحل طبيعى ويسير لحل مشكلاتنا فنخنع للفاسدين ونتندر إذا نال أحد منصبا يستحقه بالشرف والكفاءة والاستحقاق. مجتمع يجد في رمزية النقاب والحجاب سترا لأمراضه الخلقية ومظهريته الفارغة ونفاقه المستتر، فحتى عند الكثير من النساء اللائى وجدن الحجاب طقسا اجتماعيا، تجد عدم احتشام في الملبس وشفافية، ربما كانت الشىء الوحيد الشفاف في مجتمع يتغنى بالشفافية، لا يهم كل ذلك ولكن الكارثة في أنها ترى نفسها محتشمة! المهم غطاء الرأس فطالما سترت شعرها فهى محتجبة، وكذا الحال مع بعض المنتقبات التي ترى فنون المكياج بارزة من تحت النقاب ثم تتندر على من لا تغطى وجهها، تزكى نفسها على الخلق وترى في ذلك تدينا وورعا حتى وإن كانت مثيرة بحق، المهم الغطاء الشكلى فقط. الدين منشأ القيم ومنبت الضمير فإذا صار التدين نفاقا ومظهرية جوفاء، انعكس كل ذلك على المجتمع بأكمله، لذا لم أندهش من تسريب امتحانات الثانوية العامة ولا نشرها إفسادا للمجتمع بأكمله، فهذه بضاعتنا ردت إلينا، هذا ما علمناه لأطفالنا منذ نعومة أظافرهم في المرحلة الابتدائية يكون الغش بالأمر فالإدارة التعليمية تريد نسبة نجاح محددة إسعادا للسيد المحافظ والسيد الوزير الذي يسعى لإرضاء رئيسه المباشر والذي يسعى بدوره لإرضاء رئيسه الأعلى، يكون إنجاح الطلبة الراسبين الفاشلين بالأمر، لا بد أن تتجاوز النسبة رقما محددا، إذن صار الغش قانونا، وبعدها يخرج الوزير أو المحافظ ليبشرنا جميعا بالفساد! مبروك عليكم يا مجتمع، أفسدنا أبناءكم الأبرياء، علمناهم أن الاجتهاد سفاهة وأن التعليم مفسدة كبرى، أما اللصوصية والسرقة فهما أساس النجاح في الحياة، بالمناسبة لا ينسى سيادة المسئول حمد الله على النتيجة وختم بيانه بالاستشهاد بآيات كريمة من كتاب الله! [email protected]