- «الإخوان» تلملم أوراقها وتستعين بالجهاديين والتكفيريين لإثبات عجز السيسي أمنيًا.. «الاشتراكيون الثوريون» تواصل مخططها لاختراق الجيش - 6 أبريل بجبهتيها تلجأ إلى ثغرة «رجال مبارك» لإفساد رئاسة المشير - الأحزاب الداعمة لصباحى تلجأ لتعطيل مشروعات القوانين في البرلمان - «حماس» تكثف محاولاتها لزعزعة الاستقرار على الحدود بين مصر وإسرائيل لإحراج الجنرال - الشرعية أزمة الجماعة مع المشير - عودة الدولة الأمنية أبرز الأزمات التي تواجه المشير لن يهنأ المشير عبدالفتاح السيسي ليوم واحد منذ دخوله قصر الاتحادية، بعد أن أطاح بمنافسه حمدين صباحي في الانتخابات الرئاسية، فالمشاكل والأزمات التي تعاني منها مصر منذ عشرات السنين، أعطت فرصة لمعارضيه للهجوم عليه. لم يكن السيسي مدركًا أن خصومه سيكونون أشرس معارضة له من الرؤساء السابقين، فتذكيرهم له بوعوده عن ضبط الأسعار والقضاء على مافيا الاحتكار وإعادة بناء الدولة المصرية الحديثة، لا يتوقف وكأنه في النهاية يتحمل فاتورة فشل نظامي حسني مبارك ومحمد مرسي. ورغم الدعم الشعبي الكبير الذي يحظى به المشير عبد الفتاح السيسي رئيس الجمهورية والتوقعات التي سبقت إعلان فوزه بمنصب الرئيس بقدرته على انتشال البلاد من المرحلة الحرجة التي تمر بها وهو ما ظهر في نتيجة الانتخابات والتي عكست شعبيته في قلوب وعقول المواطنين، بل مقارنته بالرئيسين جمال عبد الناصر وأنور السادات، فإن هناك ثمة معارضين عديدين ل«رجل مصر القوى»، سيصعبون عليه الأمور ويقتطعون من شعبيته الجارفة أثناء توليه رئاسة مصر في ولايته الأولى. وربما يجد المعارضون ضالتهم في الأزمات الكثيرة والمتشعبة ضاربة بجذورها في عمق الدولة المصرية على كل الأصعدة ولا يمكن حلها عبر سياسة الرجل الأوحد أو رجل الدولة أو الرئيس صانع المعجزات، كما يتوهم البعض، فالمشير السيسي لن يعبر بمصر بمفرده، لذلك تعتبر «الضوضاء السياسية» التي ينتهجها البعض ضده بمثابة عائق كبير لمرشح الدولة. وفيما تتلخص نظرة البعض للمشير السيسي على أنه «المهدي المنتظر أو الحامل للعصا السحرية» يستطيع من خلالها أن ينهي كل الأزمات والمشكلات في مصر، فإن هذه النظرة تمثل «فخًا كبيرًا» يريد كثيرون إسقاطه من خلاله. خصوم المشير من الأحزاب والحركات السياسية لم تتوان عن التفكير في النيل من شعبيته الجارفة، والعمل على حرق وتدمير مستقبل السيسي ووضع حجر عثرة أمام تقدمه ونجاحه وليس بعيدًا إن يتم الاستعانة ببعض القوى الدولة والإقليمية من أجل تعطيل تجربته ومشواره السياسي. «الجماعة.. فيها يا أخفيها» يأتي على رأس خصوم السيسي والمعارضين لحكمه جماعة الإخوان الإرهابية وحلفاؤها من أعضاء التحالف الوطني لدعم الرئيس المعزول محمد مرسي من الأحزاب الإسلامية، فجماعة الإخوان أضحت لا تملك أي إستراتيجية للتعامل مع الوضع السياسي الراهن أو أهداف لتحقيقها بعد وصول السيسي إلى قصر الاتحادية باستثناء القضاء عليه أو إفشاله أو إسقاط الدولة المصرية والانتقام من الشعب نفسه. قيادات الجماعة في الداخل والخارج، قرروا أن يتعاملوا مع المشير الرئيس بنظرية المعادلة الصفرية بمعنى «فيها لا خفيها» ولم يتركوا الساحة السياسية هادئة للسيسي لينعم بها، منذ أول يوم في ولايته الأولى ويحاولون بشتى الطرق إفساد أي قرارات أو مشروعات أو تحركات له وهم في طريقهم لتحقيق تلك الأهداف السوداء لا يمانعون في أن يتحالفوا مع أعداء البلاد وأشدهم حقدًا عليها. الإخوان وحلفاؤهم من الجهاديين والتكفيريين يرون في المشير السيسي الرجل الذي قضى على جميع آمالهم وأحلامهم التي انتظروا تحققها طيلة 80 عامًا، ليأتي وزير الدفاع السابق ويعصف بجميع مخططاتهم في السيطرة على البلاد وتحويلها لنواة إمبراطورية الإرهاب والتكفير وتغيير ميزان القوى في المنطقة العربية والشرق الأوسط بمساعدة بعض الدول الإقليمية مثل قطر وتركيا اللتين تفرطان في معاداة السيسي بوضوح شديد. ولكن الواقع يشير إلى افتقاد تنظيم الإخوان وحلفائه لإستراتيجية واضحة تتعلق بالمستقبل وكل ما يستطيعون فعله ما يقومون به الآن من شن هجمات إرهابية ضد رجال الأمن في محاولة لزعزعة ثقة الشعب المصري في جهازه الأمني وإظهار المشير في موقف العاجز عن مواجهة التنظيم الإرهابي والتنسيق مع الجماعات الإرهابية، فضلا عن القيام باصطناع الدماء عبر عمليات تظاهر هزلية يحاولون فيها جر الأمن إلى الاشتباك معهم لتشويه صورتهم أو صورة السيسي عبر وسائل الإعلام الدولية لإظهاره كديكتاتور بالإضافة إلى محاولة الجماعة تأليب الرأي العام الداخلي عليه عن طريق إظهاره بمظهر الفاشل غير القادر على الوفاء باحتياجات الشعب لخلق حالة من الكراهية والسخط الشعبي ضد السيسي، ولكنها في كل الأحوال إستراتيجية لا يمكن البناء عليها وليس بمقدورها أن تحقق تغييرًا جوهريًا. السيسي أعلنها صراحة لا وجود لجماعة الإخوان في عهدي وهو ما يقطع جميع السبل للوصول إلى صيغة تفاهمية حول عودة الإخوان إلى الحياة السياسية مرة أخرى أو التوصل إلى مبادرة مصالحة وطنية لإعادة دمج عناصر الإخوان الذين لم يتورطوا في أعمال العنف في الحياة السياسية مرة أخرى وهو ما ستواجهه الجماعة بكل قوة وشراسة في محاولة للدفاع عن وجودها على أرض الواقع والتي تعد رقصة الطائر الذبيح. فالتحالف الدولي الإقليمي المناهض للسيسي بدأ يدرك حقيقة التطورات على الأرض وبات من الصعب أن يتجاهل حجم التأييد الشعبي الذي يحظى به المشير، لذلك فإن تحجيم أثر هذا التحالف المعادي يبدو أمرًا ميسورًا. أما حركة حماس الفلسطينية الداعمة لحكم جماعة الإخوان فبدأت في محاولات زعزعة الاستقرار في المنطقة الحدودية بين مصر وإسرائيل لإحراج السيسي وإظهاره في موقف العاجز عن حماية حدود بلاده، وفي الوقت نفسه تعمل الحركة على دعم الحركات التكفيرية في شبه جزيرة سيناء من خلال إمدادهم بالمال والسلاح للقيام بعمليات إرهابية ضد الدولة لهدم الأمن والاقتصاد المصري وإفشال السيسي «الرئيس». «6 أبريل في الصدارة» ويأتي في المرتبة الثانية على قائمة معارضي السيسي قطاع النشطاء السياسيين والحركات الثورية الذين يشكلون بيئة معادية له، وهناك قطاع عريض من الشباب الثوريين المتحمسين غير مطمئنين وغير راضين عن التطورات السياسية الجديدة التي أعقبت ثورة 30 يونيو، عقب الإطاحة بالرئيس المعزول محمد مرسي. هذا الشباب المتحمس الذي ولد من رحم ثورة 25 يناير يحمل أحلامًا وتطلعات كبيرة وطموحات تحويل مصر إلى دولة ديمقراطية يأخذ فيها الشباب موقعًا على رأس العمل الوطني السياسي بالتزامن مع اختفاء القوى التقليدية والوجوه القديمة من النظام البائد الذي تورط في الفساد واتسم بانعدام الكفاءة وأورث البلاد ضعفًا وتراجعًا كبيرًا. ويعيش هؤلاء الشباب حالة من الإحباط والرفض الواضحين بسبب شعورهم بأن الدولة البوليسية القديمة عادت للحكم من جديد بوصول المشير السيسي إلى قصر الاتحادية والذي أعلن صراحة عن رفضه إلغاء قانون التظاهر والذي يعتبره النشطاء بوابة عودة دولة قمع الحريات من جديد والذي انتزع منهم حقًا أصيلا اكتسبوه إبان ثورة 25 يناير. بالإضافة إلى الهجمة الشرسة التي يتعرض لها كل من كان له علاقة بأي حركة سياسية اشتركت في ثورة الإطاحة بنظام مبارك البائد ليأتي حكم الحظر على أنشطة حركة شباب 6 أبريل والتي تعتبر أيقونة الثورة المصرية والقشة التي قصمت ظهر مبارك وأدت إلى تحول القوى الثورية من موقف الداعم ل30 يونيو والمشير السيسي إلى موقف المعارض الشرس والذي يحاول الوقوف أمام عودة وجوه الدولة القديمة. ومن الممكن أن نشهد تحالف القوى الثورية مع أنصار جماعة الإخوان في وجه السيسي ودولته بعد أن تقوم قوى الظلام باستقطاب شباب الثورة ممن تعرضوا للتضييق والحبس محاولين استمالة عقولهم لجرهم إلى مواجهات مع الدولة المصرية ومحاولة إسقاط نظام السيسي وشرعية ثورة يونيو ولن تجد القوى الثورية في ظل الخناق الذي يعانون منه مفرًا سوى أحضان جماعة الإخوان وتمويلها. أما الطامة الكبرى بالنسبة للقوى الثورية فهي عودة رموز نظام مبارك للظهور على الساحة السياسية مرة أخرى بعد فوز المشير السيسي، فرموز نظام مبارك وبعض اتباعه المخلصين باتوا يظهرون عادة في صورة أكثر أنصار السيسي تأييدًا لمسار 30 يونيو، وهؤلاء يشكلون خطرًا على المشير نفسه، وربما يكون أكبر من هذا الذي يشكله الإخوان وبعض حلفائهم. هؤلاء أيضًا يريدون بتأييدهم المفرط للسيسي أن يقنعوا المصريين أن ثورة يناير لم تكن سوى مؤامرة لتخريب البلاد، وأن 30 يونيو تمثل تصحيح المسار لهذه المؤامرة، ويجب أن تعود الأوضاع إلى ما كانت عليه، فإذا تجاوب السيسي مع هذا الطرح، فسيكون قد أصيب بهزيمة كبيرة، وسيكون قد وضع نفسه ضد التيار وبالتالى سيسهل جدا على أعدائه التقليديين أن ينالوا منه. «الاشتراكيون الثوريون.. هدم الجيش» لا يمكن إغفال حركة الاشتراكيين الثوريين والتي ترفض رفضًا تامًا عودة الرئيس «ذي الخلفية العسكرية» لحكم البلاد، بل ترفض تنظيم القوات المسلحة بشكلها الحالي كقوات نظامية وتعمل على الوصول إلى تشكيل قوات لحفظ الأمن فقط، وهدم المؤسسة العسكرية في الوقت الذي اجتمع فيه قيادات الحركة مع عناصر الإخوان طبقا لتوحد فكرة التنظيمين القائمة على هدم الجيش. ويعمل الاشتراكيون الثوريون على تصدير الثورة وكره الجيش وكل من ينتمي للمؤسسة العسكرية ومن بينهم السيسي «الرئيس» لشباب وطلبة الكليات العسكرية وشباب الضباط بالقوات المسلحة، الذين تنتظرهم المناصب القيادية الرفيعة بالجيش والتي تصل لمنصب وزير الدفاع، بالإضافة إلى طلاب الجامعات والمراحل المتقدمة من التعليم الأساسي، وذلك على أمل أن يصبح هؤلاء الشباب الكارهون للجيش بمرور السنوات الطويلة من بين أعضاء المجلس الأعلى للقوات المسلحة صاحب قرارات المؤسسة فيكونون هم المتمردون داخل المجلس وأداة تفكيكه بما يتناسب مع فكرة هدف الاشتراكيين الثوريين لهدم المؤسسة العسكرية لتحقيق هدفهم الأعلى وهو الوصول للحكم. الاشتراكيين الثوريين ينظرون إلى المشير السيسي على أنه رجل الجيش الذي يخوض الانتخابات لإعادة الحكم العسكري إلى البلاد مرة أخرى وهو ما سيقاتلون من أجل منعه حتى لو تحالفوا مع الشيطان. وتعمل حركة شباب 6 أبريل والاشتراكيين الثوريين من خلال جبهة طريق الثورة المعروفة إعلاميا ب«ثوار» على تجميع النشطاء السياسيين المستقلين والحركات السياسية التي ليس لديها وجود فعال على أرض الواقع من أجل تنظيم جناح معارض قوي يعمل على مهاجمة السيسي وسياساته والعمل على خلق حالة من السخط الشعبي تجاه طريقة إدارته في الدولة من خلال تنظيم التظاهرات في الشارع المصري واستمرار تحدي قوات الأمن والعمل على خلق المشكلات مع نظام السيسي لإظهاره دائمًا في موقف القامع للحريات مع التركيز على الجوانب المعيشية في حياة المواطن المصري والأزمات الاقتصادية التي تعصف بمحدودي الدخل. «صباحي.. الزعيم المعارض» أما حمدين صباحي المرشح السابق لرئاسة الجمهورية والذي استطاع خلال فترة الانتخابات الرئاسية وقبل إعلان النتيجة تشكيل جبهة معارضة للرئيس فيعمل الآن على تجهيز تلك الكتلة للمنافسة على أغلبية مقاعد مجلس النواب لتكون لجبهته المعارضة الحق في تشكيل الحكومة ورئاسة الوزراء والذي يعطيه الدستور الجديد صلاحيات واسعة تتخطى صلاحيات رئيس الجمهورية والتي من شأنها تقويض قوة وفعالية وقدرة السيسي على تنفيذ برنامجه الانتخابي ولن يكون لديه حرية الحركة. وستعمل الأحزاب الداعمة لصباحي في حال عدم فوزها بأغلبية البرلمان على المعارضة الشرسة من خلال تعطيل مشروعات القوانين التي سيتقدم بها المشير السيسي أو الكتلة البرلمانية الداعمة له ولحكمه من خلال كتلة النواب المعارضة التي يقودها التيار الشعبي وتشكلها أحزاب الكرامة والدستور والمصري الديمقراطي وشباب الحركات والقوى السياسية. كما يعمل حمدين منذ فوز السيسي على انتقاد أداء المشير وحكومته عن طريق تشكيل حكومة ظل لمراقبة أداء الحكومة وانتقادها، بالإضافة إلى ما يقوم به الآن من تجميع القوى الثورة والحركات السياسية حول تحالفه المعارض ودعم تلك الحركات في تنظيم فعاليات وتظاهرات على الأرض لرفض سياسات وقرارات السيسي الرئيس. «المشير يقلب الطاولة» أما السيسي نفسه فسيعمل على الحد من تأثيرات العداء الإقليمي والدولي والذي يحركه تنظيم الإخوان، خصوصًا أن هذا الأمر بات في متناول اليد، وذلك من خلال بعض السياسات الداعمة للاستقرار داخل مصر وبناء علاقات عريضة ومتوازنة مع قوى مؤثرة في المجتمع الدولى، واستخدام بعض وسائل الضغط على الدول المعادية. الأمر أيضا سيكون ميسورا فيما يتعلق بالقطاع المعادي من النشطاء والثوريين الذين لا ينتمون إلى جماعات الإسلام السياسي، فإذا استطاع السيسي أن يقلل المخاوف من عودة الدولة الأمنية، وأن يرسى مبادئ ديمقراطية حقيقية، وأن يطرح مشروعًا قوميًا كبيرًا، وإشراك قطاعات الشباب في العمل الوطني ولعبهم الأدوار الرئيسية فيه، هنا ستتغير المعادلة.