حقك علىّ يا خال أنا كتبت إن أستاذى سيد حجاب هو اللى قال الموت يبقى أهون لما نقابله صحبة، وده كلامك إنت يا خال، حقك علىّ. والله يا خالى يا حبيبى أنا حافظة الكلام كله وباتونّس بيه طول الوقت، حتى أقول لك أولها: يا زمن العداوة ضيعت الأحبا- ورميت الرفاقا كل رفيق فى غربة- وده الموت الحقيقى اللى مالوش أطبا.. يا زمن العداوة مش كان يبقى أحسن لو لميتنا حبة- ده الموت يبقى أهون لما نقابله صحبة. وده مقطع من أغانى النديم وغناها على الحجار بلحن عمار الشريعى، طيب تعرف يا خال عمار نفسه غلط وهو بيغنى، وأنا قعدت قدام التليفزيون أصلح له، قلت له: يا قلوب بتنزف دم فى العتمة- يا قلوب بتنزف دم وتغنى. وهو كان بيغنيها غلط.. شفت إنى ناصحة؟ بس مش عارفة إيه اللى خلانى اتلخبطت، يمكن لأنى بقالى كتير مش باغنى، مافيش نغم فى دماغى خالص، يمكن. بس تفتكر ليه يا خال بطلت -أنا- أغنى فى دماغى، أنا، اللى طول عمرى وطول الوقت عندى نغمة وكلمة بتزن فى دماغى، راح فين النغم؟ يمكن بطلت لأن النغم بقى بيزود الوجع أكتر ما بيونس، النغم بيرقق القلب أكتر وأنا نفسى على رأى ريم ماجد أربط على قلبى حجر.. يمكن. أنا عارفة إنك هتعذرنى لما تعرف اللى شفته الأيام اللى فاتت دى. أنا أصلا يا خال قلبى جامد جدا، قلبى متعود على الوجع، قلبى زى قلب الجراحين أصحابى. شفت ياما ناس بتتألم من المرض أكتر من كل اللى شافوا، يمكن حتى أكتر من الجراحين نفسهم، فقلبى جمد. لكن يا خال اللى باشوفه الأيام دى -غير، يعنى حاجة تانية خالص. أصل أنا يا خال بنتى اتخنقت من الغاز فى يوم من الأيام السودا، كنا قاعدين بعيد جدا عن محمد محمود «أمال اللى جوه محمد محمود كانوا عاملين إيه يا قلب أمهم»، كنا قاعدين عند الجامع، والبنت يا حبيبتى أغمى عليها وازرقت وتلجت، وقعدت شهيرة صاحبتى اللى هى أصلا عندها كل أمراض الدنيا تسحبها من دراعاتها لحد ما وصلنا المستشفى الميدانى، وأنا كنت فى حالة ما يعلم بيها إلا ربنا ماقدرتش أنطق غير لما شفت البنت بترجع وتكح عرفت إنها لسة عايشة فقلت يا رب، دقايق يا خال.. مجرد دقايق. كنت بافتكرهم كل ما أشوف أم أحمد صالح قاعدة على الأرض فى قصر العينى، ومنكمشة فى نفسها وحاطة ركبتها عند صدرها ولافة دراعاتها حوالين رجليها ومتغطية بشال أسود، أصل أم أحمد صالح يا خال شكلها صغير قوى ووشها أبيض ومليان نقط حمرا من قرص الناموس، وعينيها فيهم نظرة طفلة مش أم، هى لها أم موجودة معاها طول الوقت أقوى منها، أمها -يعنى الجدة- شكلها زى ما تكون فى سنى أنا. عشان كده كنت باحس إن أم أحمد اسمها سامية، على فكرة يا خال زى ما تكون بنتى أنا، يعنى كإنى جدة أحمد مش أمه مش عارفة إزاى، كل ما اروّح البيت وادخل الحمام واتعشى واتفرج على التليفزيون وأنام على السرير أفتكر إنها قاعدة على الأرض هناك وأفتكر إنها أكيد حاسة دلوقتى زى ماانا كنت حاسة لما افتكرت بنتى هاتروح، يعنى أنا حاسة إنى أم أحمد وحاسة إنى جدته مع بعض. عارف يا خال أنا كمان بافكر إنه أصل مش أحمد لوحده دول كتير أوى، كتير يا خال عيال صغيرة زى الورد، إنت كتبت عنهم يا خال كلام من قلبك مع إنك بعيد بجسمك، لكن روحك شايفة وقلبك حاسس كأنك قاعد دلوقتى يا خال فى وسطينا. عشان كده عارفة إنك هتعذرنى لأنى متلخبطة من كتر الوجع والخوف من إن يكون راح علىّ الحلم.