رغم اختلافى مع الكابتن حسن حمدى (طويل العمر يطوّل عمره وينصره على من يعاديه) فى مرات كثيرة، فإننى أحترم هذه المرة شجاعته وموقفه والصراحة فى إعلان رأيه فى شأن الشماريخ والألتراس، وهو موقف مغاير تماما لما يعلن على لسان أغلب أعضاء مجلس الإدارة وجهاز الكرة الذين يتملقون الجماهير فى أخطائها ويدافعون عن إطلاق الشماريخ ويلحّون فى التصريحات للضغط على اتحاد الكرة لإلغاء عقوبة لجنة المسابقات التى تقضى بلعب مباراة دون جمهور للفريق الذى يطلق جمهوره الشماريخ، وهى العقوبة التى أدمن الأهلى والزمالك والإسماعيلى تعاطيها من بداية الموسم. ففى لقائه التليفزيونى مع الناقد الكبير إبراهيم حجازى قبل يومين انتقد حسن حمدى سلوك الجماهير فى إطلاق الشماريخ وأقر بواقع يتجاهله المتملقون هو أن الشماريخ محرمة دوليا لأن فيها ضررا مباشرا لجميع الموجودين فى الملعب ومن ثم يتعين على جمهورنا الالتزام باللوائح وإلا تعرض للعقوبات، وزاد حمدى على ذلك بقوله إنه لا عيب أو إهانة فى أن تمثل الجماهير للتفتيش الذاتى حرصا على مصلحة الجميع، ورغم أنه كلام منطقى وطبيعى وعادى ومسؤول فإن قيمته أنه جاء فى وقت يتهرب فيه الجميع من مسؤوليتهم خوفا من الجماهير وهتافاتها. فاتحاد الكرة والأندية بدلا من أن يعملوا اللوائح ويكفوا الأذى ويجدوا حلولا ومساحات اتفاق مع الجماهير حتى تكف عن عادتها السيئة وتنضبط فى سلوكها التشجيعى، انكسروا أمام الموجة وأحنوا رؤوسهم المحنية أمام التيار، وتتجه النية لتغيير لائحة لجنة المسابقات وتخفيف عقوبة الشماريخ والاكتفاء بغرامة مالية غالبا لن يتم دفعها، وهو كلام خطر وسيؤدى إلى ما هو أسوأ، فالتراجع أمام الغلط يعطى للغلطان فرصة أوسع ومساحة أكبر للتمادى فى خطئه والمطالبة بتنازلات أكبر من الطرف الضعيف، وربما قبل نهاية الموسم يفتح الاتحاد والأندية أكشاكا لبيع الشماريخ، وقد تُباع مع تذاكر المباريات على بوابات الاستاد. وكما هو متوقع، مع أول تنازل جاء الطلب التالى وهو إعلان الألتراس نيتهم اقتحام مباراة الأهلى والإسماعيلى رافضين رفضا قاطعا تنفيذ عقوبة اتحاد الكرة بحرمانهم من الدخول ومصعّدين الأمر إلى حد الذروة. صحيح أنا معجب بالألتراس والوايت نايتس وجماعيتهم فى العمل وتشجيعهم المبدع ودورهم الفعال فى الثورة المصرية، ولكننى أرفض دخولهم فى هذا الصدام الذى يأكل من رصيد انبهار الناس بهم ويعيدهم إلى النقطة صفر ويضعهم فى خانة الرافضين للنظام والقوانين واللوائح والمتمردين على الأمن والداعين إلى الفوضى. يجب أن يفهموا أن هناك من يتربص بالشباب ويحمّلهم مسؤولية كل المصايب والمشكلات والأزمات التى تمر بها البلد، بل بعض المغالين يتهمهم أنهم سلموا الدولة للتيارات المتشددة وأنهم غائبون عن المشهد السياسى بسبب انشغالهم بقضايا فرعية وثانوية، وهو أمر له ظل من الحقيقة بدليل أن الشباب الذين أشعلوا الثورة وضحّوا بأرواحهم من أجل الحرية اختفوا وتركوا الساحة لقوى قديمة عاشت ونمت وترعرعت فى حضن النظام السابق. لقد أعادت الثورة اكتشاف شباب الألتراس والوايت نايتس وأظهرت معدنهم الحقيقى وقوتهم وقدرتهم على التغير، فهم الآن أكبر من مجرد فصيل أو مشجعين لكرة القدم، وعليهم أن يتحملوا مسؤوليتهم التاريخية فى استكمال الثورة وأن لا يتركونا ويعودوا للمعارك الصغيرة فى المباريات، أما إذا كان هذا هو خيارهم ورغبتهم فعليهم أن لا يسيئوا بتصرفات تافهة وصغيرة عن اقتحام مباراة بالقوة أو إيذاء الناس بالشماريخ، إلى صورة جميلة وبديعة لشباب مخلص ومتفانٍ وعاشق لوطنه حتى الشهادة.